محتوي الموضوع
يعتبر كتاب تكوين العقل العربي هو أحد سلسلة الكتب التي خصصها محمد عابد الجابري في نقد الفكر العربي، وهذا الكتاب يتحدث عن موضوع غاية في الأهمية ألا وهو العقل العربي الذي هو جزء أساسي ذو أولوية للوصول إلى النهضة العربية، حيث يرى محمد عابد الجبري أنه يستحيل بناء نهضة عن طريق عقل غير ناهض، لذلك فهو قام بوضع هذا الكتاب بالإضافة إلى كتابي بنية العقل العربي، والعقل السياسي العربي، تعالوا معنا نخوض أكثر في هذا الموضوع الشيق من خلال هذا المقال.
شاهد الآن:نتائج معركة عين جالوت والدروس المستفادة منها
ملامح مشروع محمد عابد الفكري في كتاب تكوين العقل العربي:
- قام الجابري في هذا الكتاب بطرح العديد من التساؤلات التي كانت تشغل باله وكانت بمثابة الهم الأساسي له، فكان دائماً ما يتسائل عن سبب تأخر العرب والمسلمون على الرغم من تقدم غيرهم، والأسباب التي أدت إلى فشل مشروع النهوض العربي وعاونه في ذلك الأفغاني ومحمد عبده.
- لم يكن كتاب تكوين العقل العربي هو أولى محاولات الجابري لنقد العقل العربي، ولكن كان من الواضح أم هذا الهم كان يراوده منذ وقت سابق والدليل على ذلك كتابه ” نحن والتراث ” والذي يعتبر بمثابة المقدمة التأسيسية لمشروعه، هذا إلى جانب كتابه” الخطاب العربي المعاصر “.
- يقول الجابري من خلال مشروعه ” تكوين العقل العربي” أنه تم تكوين العقل العربي تم وضع أسسه ،الأولى والأخيرة والتي تستمر حتى الآن، أثناء عصر التدوين، فهذا العصر كان بداية تدوين التاريخ الإسلامي حيث تم فيه جمع الأحاديث وتفسيرات القرآن الكريم، وبناءاً على ذلك تم تأسيس علم النحو وقواعد الفقه، بالإضافة إلى أنه تم تشكيل المذاهب والفرق الإسلامية، كذلك كان بمثابة حلقة البداية التي شاركت في تكوين نظام المعرفة في الثقافة العربية.
- وقد إكتمل تشكيل العقل العربي في ذلك العصر ولم يحدث فيه أي تغيرات منذ ذلك الحين، حتى أنه لا يزال منتشراً في ثقافتنا حتى يومنا هذا.
شاهد الان:كلمات وعبارات عن الحب الحقيقي والعشق والشوق
أنواع العلوم في عصر التدوين:
قام محمد عابد الجابري بتصنيف العلوم التي تكونت في هذا العصر وقام بتقسيمها إلى ثلاثة أنواع على النحو التالي:
- علوم البيان: يشمل علم البيان النحو، الفقه، الكلام، بالإضافة إلى البلاغة.
- علوم العرفان: تشمل التصوف، الفكر الشيعي، التفسير الباطني، إلى جانب الفلسفة الإشراقية، بالإضافة إلى السحر والتنجيم، وهذه العلوم لها أصول في الحضارة السابقة للإسلام.
- علوم البرهان: كانت بداية هذه العلوم عند الفيلسوف العربي الأول وهو الكندي ثم بعد ذلك الفارابي، وتشمل هذه العلوم المنطق، الرياضيات، الميتافيزيقا أو ما تسمى بعلوم ما وراء الطبيعة، بالإضافة إلى علوم الطبيعة، وكانت مرحلة الإزدهار البرهاني التي ظهرت في الأندلس مواكبة لما ظهر في المشرق العربي من العرفان والبيان.
شاهد الآن:كيفية نشر كتاب ومعلومات عن تأليف وطباعة الكتب
- كان يرى الجابري أن ظاهرة ابن حزم هي بداية إنطلاقه للعقل العربي، فقد كانت هذه الظاهرة من وجهة نظر الجابري تتسم بالطابع العقلاني حيث أراد ابن حزم تأسيس البيان تأسيساً منطقياً على البرهان، وذلك بالرغم من قياس الشاهد على الغائب.
- فقد ذكر في كتاباته البداية الجديدة للفكر العربي التي دشنها ابن حزم، وفكرةإعادة تأسيس للعلاقة بين البيان والبرهان بالكامل على أساس النظر إلى الأمور بواقعية وعقلانية أكثر لمعالجة الواقع الديني والواقع الفلسفي ولكن بروح نقدية تحترم معطيات الواقع.
- ولكن سرعان ما انطفأت شعلة هذه المرحلة عقب إكتمال تأسيسها، حتى بدأت تنتشر فكرة المصالحة بين البيان والعرفان خلال حقبة عصور الإنحطاط اللاعقلانية وذلك بالخصوص بعد عصر الإمام الغزالي وبعض المتصوفة.
تفسير الجابري فكرة المصالحة بين البيان والعرفان:
قام محمد عابد الجابري بتفسير هذه المصالحة عن طريق مسألتين ألا وهما:
- أولاً: أن العقل العربي اكتفي بإستنباط القواعد والأحكام من النصوص ولم يقبل بخوص التجربة، لذلك توقفت العلوم العربية لأن البحث فيها لم يكن بهدف دراسة الطبيعة واكتشاف قوانينها، ولكن إقتصر البحث في تلك العلوم على خدمة الدين، فوفقاً للنصوص كانت تعتبر الطبيعة من معطيات الإله التي يسيرها كيف يشاء، وليس للإنسان أي شأن في صيرورتها ، وليس هناك ضرورة لمعرفة قوانينها.
- لقد أصبح العلم على هامش المنظومات الفكرية والإيدولوچية المتصارعة فيما بينهم، لذلك لم يتمكن العلم من تكوين العقل العربي، لذلك فإن العلم لم يكن يحدد اللحظات الحاسمة في تطور الفكر العربي، بل كانت السياسة هي من تقوم بتحديده.
- ثانياّ: تتعلق المسألة الثانية بفكرة توجيه السياسة للفكر العربي الإسلامي والقيام بتحديد مساراته ومنعرجاته.