محتوي الموضوع
أتت الشريعة الإسلامية محتوية على نظم وأحكام غارسةً للأخلاق والقيم وحاثةً على التخلق بها ، وعلى الامتثال بها في تعاملات الناس فيما بينهم عملاً وتطبيقاً ونهجاً سلوكياً ، فيصبح المجتمع بأشخاص المتخلقين بالأخلاق الحسنة مجتمع فاضل صالح ، يجاري غيره في مختلف الجوانب الحياتية ، والنواحي العلمية والعملية المتنوعة ، فأتت العديد من النصوص الشرعية من القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة داعية لأخلاق حسنة ومنفرة ومحذرة من أخلاق سيئة ، بتوضيح أثرها على الفرد وعلى المجتمع تارةً وتوضيح الجزء المترتب عليها تارةً أخرى ، تاليا بيان لحديث نبوي يبين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أصناف ثلاثة من الناس أصحاب أخلاقيات وسلوكيات معينة ، والجزاء الذي رتبة الله عز وجل على أصحاب تلك الأخلاقيات السيئة الثلاثة ، واليوم سوف نتعرف على الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يكلمهم ، فتابعوا معنا.
الثلاثة الذين لا يكلمهم الله تعالى:
- لقد وردت رواية متقاربة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تذكر وتعرف من هم الثلاثة الذين لا يكلمهم الله عز وجل ، ومنها ما أتى بصحيح مسلم ، برواية أبي ذر الغفاري ، رضي الله تعالى عنه ، عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعطِي شيئًا إلا مِنَّةً، والمُنفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الفاجرِ، والمُسبِلُ إزارَهُ. وفي روايةٍ: ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ ولا يَنظُرُ إليهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ ولهمْ عذابٌ ألِيمٌ).
- يوضح العلماء ممن شرحوا هذا الحديث الشريف مفرداته والقصد منه ، فقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لذلك الحديث أن المقصود بالحديث الشريف بثلاثة ، بمعنى ثلاثة أفراد أو ثلاثة أنفس ، ومقتضى معنى أن الله عز وجل لا يكلمهم ، بمعنى لا يكلمهم ككلامه مع أهل الخير بإظهار الرضا عنهم ، بل يكلمهم عز وجل بكلام أهل العذاب والسخط ، وقد قيل معنى لا يكلمه مقصود بها لا يرسل لهم الملائكة بالتحية والسلام عليهم ، وقيل أن المقصود الإعراض عنهم.
- وجمهور أهل التفسير وضحوا أن المقصود هو أن الله عز وجل لا يكلمهم كلام يسرهم وينفعهم ، أما قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينظر إليهم) الموجودة بالروايات الأخرى للحديث ، فمعناها عدم نظر الله عز وجل لتلك الأصناف الثلاثة بمعنى إعراضه تعالى عنهم ، ونظرته تعالى للعباد المقصود منها رحمته ولطفه بهم ، أما بخصوص قوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزكيهم) كما هي بالروايات الأخرى ، المقصود منها أن الله عز وجل لا يطهرهم من دنس الذنوب التي اقترفوها ، وقيل أنه لا يثني عليهم بالخير أو يمتدحهم.
للمزيد يمكنك قراءة : صفات المنافق ثلاث
الأصناف المذمومة بالحديث الشريف:
لقد ذكر الحديث الشريف ثلاثة أصناف من الناس أصحاب أخلاقيات سيئة ، ووضح مقت الله عز وجل على تلك الأخلاق والصفات وما رتب عليها من عدم كلام ونظر وتزكية الله عز وجل لأصحابها كما ذكر سابقاً ، وتالياً حديث عن كل صنف من تلك الأصناف ، وتوضيح لكل منها على حدة.
المنان:
- لقد ذم الحديث المن وفاعله ، ومعنى المن : ذكر الشخص لما أنعم به على الآخرين ، وهو من الأمور المذمومة المستقبحة ، ولا يقبل إلا بحال كان المنعم عليه منكر وكافر لنعمة الآخرين وجاحد لإحسانهم ، ففي الحالة تلك لا يذم المن ، وقد أتى التحذير من المن وتوضيح عواقبه بالقرآن الكريم ، ومنه قول الله عز وجل : {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
المنفق سلعته بالحلف الفاجر:
- إن المراد به البائع أو التاجر الذي يقوم بترويج سلعته ويبيعها مستخدماً الحلف الكاذب كي يغري المشتري فيقوم بشرائها ، أو يقوم بالحلف كذباً بأنه قام بشراء السلعة بأعلى من ثمنها الحقيقي كي يخدع المشتري ، فيقوم المشتري بشرائها بالسعر الأعلى.
للمزيد يمكنك قراءة : حديث السبع الموبقات
المسبل لإزاره:
- المقصود بالإزر الثوب وإسباله ، بمعنى ترخيته وإسداله ليجر طرفه على الأرض ، من باب الكبر والاستعلاء ، فالعقوبة ليست على مجرد الإسبال للثوب فقط ، بل إنه العقوبة للمسبل الذي يسبل ثوبه كبراً وخيلاء ، وتقييد النهي عن إسبال الثوب من أجل الكبر والخيلاء أتى ونص عليه بحدث نبوي آخر ، فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامة، فقال أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخِي، إلا أن أتعاهَدَ ذلكَ منه؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنكَ لَنْ تَصْنَعَ ذلِكَ خُيَلاءً).
للمزيد يمكنك قراءة : من تصبح بسبع ثمرات على الريق