ما هو القدر؟ و ما هو القضاء؟ و ما الفرق بينهما؟ سوف نعرض لكم شرح وافي لكل ما يخص القضاء و القدر و مراتب الإيمان بالقدر و الأدلة العلمية من القرآن و السنة النبوية عن القضاء و القدر و مشيئة الله العلي العظيم، و تساؤلات عن القدر و إجابتها، و ما هو القدر المكتوب و القدر المحفوظ في لوح الله المحفوظ، معاني و تفسيرات للمعني و شرح مفصل و توضيح لمسائل القدر و الإيمان به، و فك الإلتباس في أن الإنسان مسير و غير مخير و توضيح هذا اللبس من خلال ردود الشيخ محمد متولي الشعراوي لمسألة في هذا الأمر، حيث أجاب و أوفى بالأمثلة البسيطة التي يفهمها العامة و البسطاء كما عودنا فضيلة الشيخ الشعراوي.
القضاء والقدر والفرق بينهما
القضاء: هو شئ تم و أحكم أمره، و هو تكليف بالفعل و الأوامر و النهي و غيرها من تلك الأمور.
القدر: هو تقدير الله عز و جل للأمور من خلال مقدرة العباد، و يدخل فيها الإستخارة، و هو ما أراده الله لعباده من خلال سابق علمه.
و في الحقيقة أختلف العلماء في الإسلام في تعريف القضاء و القدر، فمنهم من عرفهم تعريف واحد على إعتبار أنهما شئ واحد، و منهم من عرف كل مصطلح منهما على حدى و فرق بينهما في المعنى.
- عرف الإمام أحمد القدر حيث قال أن القدر هو قدرة الله سبحانه و تعالى في الفعل و تسيير الأمور، و أستدل على ذلك من قوله تعالى:(( قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّه)) سورة آل عمران (145).
- و ذكر الطحاوي القدر فقال: أن الناس لا مشيئة لهم، فكل شئ يحدث بمشيئة الله وحده، فما شاء الله حدث و ما لم يشأه لهم لم يحدث، و أن لا غالب لأمر الله.
و شاهد أيضاً قدرة الله في خلق الكون ومظاهر هذه القدرة.
مراتب الإيمان بالقدر
يحتاج المسلم من أجل أن يتم إيمانه بعقيدته و دينه الإسلامي أن يؤمن ببضعة أشاء تخص القدر، حتى يتم إيمانه و هي:
- الإيمان بأن الله يعلم كل العلم، المعلوم من الماضي أو من الأحداث المستقبلية التي سوف تحدث.
- الإيمان بأن القدر مكتوب في لوح محفوظ عن الله تعالى و هو أمر مقضي.
- الإيمان بأن الله له مشيئة حتمية الحدوث و قدرته سبحانه و تعالى تشمل كل شئ.
- الإيمان بأن الله هو الخالق لكل شئ، و لا خالق سواه، كل شئ نعلمه أو لا نعلمه مخلوق بإذنه و قدرته.
و قد سؤل الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي في مسألة القدر المكتوب، و مفادها أن: إذا كان الله سبحانه و تعالى يعلم الماضي و الحاضر و المستقبل، و إذا كان كل شئ حدث أو سيحدث مكتوب في لوح محفوظ، فكيف يكون للعبد إختيار و حساب، مادام يفعل ما أراده الله و كتب في اللوح المحفوظ مسبقاً؟
فكان جوابه كالتالي: الأب الذي ربَّ ولده، يعلم كيف يكون سلوك إبنه و كيف يكون طريقة تفكيره، حيث إذا وقع إبنه في موقف محدد أو حالة معينه توقع و تنبأ الأب أن إبنه سوف يفعل ذلك أو سوف يقول ذلك، مثل: عندما يعطي الأب أبنائه جميعاً مالاً، فإنه بناءً على علمه و معرفته لأبنائه جميعاً يعلم أن إبنه فلان سوف يشتري كذا بهذا المال، أما إبنه فلان فسوف يدخر ذلك المال… و هكذا، و ذلك شأن العباد فما بالكم بالله العلي العظيم خالق كل الناس و كل العباد و أدري بنا من أنفسنا، عالم الغيب، فعلمه هذا يجعله يعلم ماذا سوف يفعل كل عبد من عباده في هذه اللحظة، و ماذا سوف يختار، و سوف يضعف أمام الشهوات و وسوسة الشياطين أم سيثبت، لذلك دونه في لوح محفوظ عنده، و لكن ذلك لا يعني أنه يتحكم في أختيارات العباد، و هو يقدر أن يتحكم، و لكنه شاء أن يترك لنا الإختيار حتى يحاسبنا يوم القيامة على أفعالنا و أقوالنا.
و شاهد أيضاً فضل ليلة القدر وعلاماتها طبقا لما ورد في السنة.
أدلة من القرآن والسنة على القضاء والقدر
نحن مأموين بالإيمان بالقضاء و القدر، فهي جزء من العقيدة و الدين الإسلامي، و قد ذلك الله تعالى القدر و مشيئة الله تعالى المفعوله في آيات قرآنية متعددة و منها:
- «وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا»سورة الأحزاب.
- «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا»سورة الأنفال.
- مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة التغابن.
- مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سورة الحديد.
- الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ سورة البقرة.
و من السسن النبيوية الصحيحة السند، هناك مجموعة من الأحاديث التي تتحدث عن القدر و قضاء الله المفعول و قدرته و مشيئته في فعل كل شئ في الكون و هى:
- «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ.» أخرجه أحمد في المسند (5/182، 183، 185، 189).
- «وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؛ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ.» جزء من حديث أخرجه مسلم رقم (2664).
- «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ.» أخرجه مسلم برقم (2655).
و شاهد أيضاً ادعيه ليلة القدر ليله خير من ألف شهر.
الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له، هو المخرج الوحدي، بالإيمان تهدئ النفس و تستريح، و يرضا العبد بقضاء الله و قدره فلا يحزن من أي شئ يحدث له في حياته لأنه يعلم و لديه اليقين أن ما حدث إرادة الله و قضائه، فالرضا كنز من كنوز الدنيا بالرضا لا يحزن العبد و بالرضا لا يحسد و لا يغل و لا ينظر إلا ما حرم منه، لذلك يقول علماء و شيوخ الإسلام أن الرضا هو كنز الدنيا و هو أعظم نعمه قد يهبها الله سبحانه و تعالى على عباده، و حضور الرضا من علامات رضا الرب و حبه لعبده، و من علامات الصبر و الإحتساب عند الله، فكل ما علينا كمسلمين أن نؤمن بالله و ملائته و كتبه و رسله و اليوم الآخر، و أيضاً بإرادة الله و مشيئته و قضائه و قدره المكتوب.