لقد عرف الفرض في اللغة بتعريفات كثيرة ، وجميعها تصب بمفهومه الشرعي ، وهو ما يطلق على الشيء ، ولقد ورد الفرض بالقرآن الكريم في مواضع كثيرة ، فقد قال الله عز وجل : {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ، سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدورا} ، وقال تعالى : {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون} ، وفرضناها في الآية الكريمة معناها الإلزام بالعمل بكل ما أتى فيها من أحكام ، لو قرأت بالتخفيف ، أو بالتكثير والبيان لو قرآن مشددة ، وغيرها من الآيات القرآنية.
فالفرض هو الأمر الذي أوجبه الله عز وجل على عباده ، وتعريفه في الاصطلاح هو ما جاء به الشارع ، وأمر بفعله على وجه الإلزام والحتم ، ويتم تقسيم الفرض باعتبار المطالب بأدائه ، أي الأُناس الذين يؤدونه ، ومن يتعين عليهم أن يقوموا به ، فعليه يتم تقسيم الفرض لقسمين ألا وهما : فرض الكفاية ، وفرض العين ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر عليهما وسنذكر لكما الفارق بينهما ، فتابعوا معنا.
ما هو فرض الكفاية:
- لقد قسم علماء المسلمين الفرض أو الواجب لقسمين ألا وهما : فرض الكفاية وفرض العين ، ولكل قسم منهما مجال يطبق به بالشريعة الإسلامية ، ففرض الكفاية هو ما طلب من جمع من المكلفين ، ولم يتم طلبه من كل واحد منهم ، فلو قام به شخص منهم سقط عن الباقي ، ولو لم يقم به أحدهم وقع الإثم على الكل ، ففرض الكفاية لو فعله شخص من الأمة سقط عن الأشخاص المكلفين المتبقين ، ويقصد بهذا أن الإثم المترتب على ترك ذلك الفرض ، والحرج من أدائه يسقط عن البقية ، وكأنهم فعلوه بأنفسهم ، فيقول الإسنوي : (سمي فرض كفاية ، لأن قيام بعض المكلفين به يكفي للوصل لمقصد الشارع ، في وجود الفعل ، ويكفي في سقوط الإثم عن الباقين).
- حيث أن فرض الكفاية ليس متعلق بالأمور الدينية فقط ، بل متعلق بالأمور الدنيوية كذلك ، فقد قال الرافعي في هذا الأمر : إن فرض الكفاية أمور كلية ، تتعلق بها مصالح دينية ودنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها ، فيقصد الشرع حصولها ولا يقصد تكليف الواحد وامتحانه فيها ، بخلاف فروض الأعيان ، فإن الكل مكلفون بها ، ممتحنون بتحصيلها ، وهذا الحد يشمل سنة الكفاية ، فإنه لم يقل : يقصد الشارع حصوله لزوماً).
للمزيد يمكنك قراءة : متى فرضت زكاة الفطر
الفارق بين فرض الكفاية وفرض العين:
وبعد أن وضحنا قسمي الفرض ، وذكرنا بأنهما فرض الكفاية وفرض العين ، سوف يأتي بيان الفارق بينهما ، ولكن من الجدير بذكر قول أنه لا فرق بين الفرضين من حيث الوجوب ، لأنهما مطلوبان من المكلف على سبيل الإلزام ، والفارق بينهما ما يلي :
- فرض العين : إن فرض العين مختلف عن فرض الكفاية بأنه ما طلب الشارع حدوثه من كل شخص بنفسه ، ومن كل مكلف بذاته ، ومثاله فرض الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، وغيرها من الأمثلة التي لا تسقط عن المكلف إلا لو أدائها العبد بنفسه ، أو من عين خصها الله عز وجل ، كرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فرضه الله عز وجل عليه دوناً عن أمته.
- فرض الكفاية : وفرض الكفاية هو ما قصد الشارع أن يفعله المكلفون بالجملة ، بحيث لو قام به بضعهم يسقط الإثم والفرض عن بقية المكلفين ، ولو لم يقم به أحد يأثموا جميعاً ، وهو مشتمل على الأمور الدينية والدنيوية ، ومن الأمور الدينية : صلاة الجنازة ، ومن الأمور الدنيوية ، العمل بالحرف ، فهو فرد على كل شخص مسلم ، مقيد بعدم قيام بعضهم بفعله.
للمزيد يمكنك قراءة : متى فرض صيام شهر رمضان
فرض الكفاية والعين بالصور:
للمزيد يمكنك قراءة : لماذا فرض الله الحجاب
فرض العين يستحيل أن يصبح فرض كفاية ، فبالنسبة لفرض الكفاية بالإمكان أن يحول لفرض عين في حالات محددة ، فعلى سبيل المثال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقع تحت حكم فرض الكفاية لو قام به أحد من المجتمع يسقط عن بقية المسلمين ، ولكن لو رأى المسلم منكر ولم يكن هناك أحد غيره للقيام بتلك العبادة والنهي عنه ، فهنا يتحول حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فرض كفاية لفرض عين ، ومن الأمثلة على ذلك : الجهاد في سبيل الله تعالى ، فهو فرض كفاية على المسلمين ، إلا لو اعتدى الكفار على المسلمين في ديارهم ، فحينها يصبح الجهاد فرض عين في حقهم.