نسبح جميعنا في بحر الحياة بكل ما أوتينا من عزم و قوة الإرادة و الأهم من ذلك قوة الإيمان و التوحيد لله وحده لا شريك له، و وسط كل الإخفاقات المتباعدة على أيامنا تلك من إبتلاءات و كبوات إلا أن ثقتنا بالله لا تهتز مهما دار بنا الحال مثل أمواج البحر، متابعينا الكرام لقد بعث الله سبحانه و تعالى منذ بدء الخليقة بالأنبياء و الرسل إلى الناس بحيث يكون كل نبي يظهر في قومه و بلسانهم و يحثهم على التوحيد بالله الواحد الأحد دون أن ينتظر منهم جزاءاًأو شكوراً، بل كان الأنبياء يدعون لله و أجرهم عند المولى سبحانه و تعالى جل علاه، و مع كل نبي ترفض البشر أو بعضهم الإيمان بما يدعو إليه يأتي الله بالعذاب من حيث لا يشعرون طالما كفروا به و آياته، ما هي ارم ذات العماد، لقاؤنا هنا مع آية من آيات المولى و التي ذكرها لنا بالقرآن الكريم و هي موعظة لمن أتي بعدهم.
قصة سيدنا هود عليه السلام
أرسل المولى سبحانه و تعالى أنبيائه إلى الناس حتى يؤمنوا و يوحدوا الله وحده دون الشرك به و من ضمن الأنبياء أتى المولى بنبيه هود عليه السلام و هو عربي الأصل، و إسمه هو: هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، و اتي بالرسالة إلى قومه الذين قد سكنوا في اليمن تحديداً و يتميزون بالطول و البنيان القويان حيث يبلغ القصير منهم حوالي ستين ذراعاً و الطويل منهم حوالي مئة ذراعاً، لنا أن نتخيل أشكال أجسامهم و قوة بنيانهم، و قد أتت دعوة سيدنا هود بعد طوفان السفينة مع سيدنا نوح عليه السلام و قد آمن معه القليل و لكن بعد مرور وقت عاد الشرك بالله من جديد و قد حثهم سيدنا هود عليه السلام و لم يصدقوه بل وصفوه بالسفيه المجنون، و قد أتي عذاب المولى بهم و لم تشفع عنهم قوة بنيانهم شيئاً.
و شاهد أيضاً بماذا اهلك الله قوم لوط وصور كاملة لجثثهم المتحجرة وقت اكتشافها وفي المتاحف.
عذاب قوم هود
- بعدما أتى سيدنا هود عليه السلام قومه و الدعوة إلى التوحيد بالله الواحد الأحد و تركهم آلهةً ما أنزل الله بها من سلطان.
- و كذبوه و وصفوه بالسفيه و قد أنزل الله بهم آيات محكمات بالقرآن الكريم.
- حينما بالغوا في كفرهم و إيمانهم الكافر بأن آلتهم تمنع عنهم كل شر و كل سوء.
- فقالوا لنبي الله هود إئتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين و هذا بحد ذاته عناد مع رب العباد.
- فأنزل الله بهم العذاب كما ورد بكتابه العزيز:(( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) سورة الأعراف.
- حاول سيدنا هود عليه السلام مراراً و تكراراً أن يردهم عن كفرهم بالله و أن يتركوا آلتهم و أصنامهم التي صنعوها بكفرهم لله و لكن حق عليهم العذاب.
و شاهد أيضاً من هم قوم نوح وأين عاشوا.
ما هي ارم ذات العماد ؟
- تحدثنا فيما سبق متابعينا الكرام عن قوم سيدنا هود و بنيانهم القوي و أن القصير منهم يبلغ طوله ستين قدماً و الطويل مئة قدم أو يزيد قليلاً.
- العماد هي أعمدة المنازل التي تأويهم و هي بإرتفاع شاهق كما أجسامهم.
- و العماد يشار إلى منازلهم هي بيوت الشعر كما يطلق عليها لما لها من إرتفاعات شاسعة.
- العماد يستدل بها أن الأعمدة التي تأتي عليها تلك البيوت تكون قوية و صلبة المتانة.
- و لكن كل ذلك لم يكن لهم شفيع عند الله بشيئ و كفرهم بالواحد الأحد فأتاهم عذاب الله من حيث لا يشعرون كما كان في قوم نوح و طوفان السفينة قبل قوم هود عليه السلام.
- و عذاب المولى حين أتاهم لم يبقى من الكافرين قوي و لا ضعيف إلا و أتاه عذاب الرحمن.
و شاهد أيضاً بماذا اهلك الله قوم عاد .. القصة كاملة من القرآن الكريم.
متابعينا الكرام، ما أجمل التوغل في النواحي الدينية الإسلامية و التي تحثنا بشكل مستمر على حسن الخلق مع الله سبحانه و تعالى و ما علينا من واجبات تجاهه للشكر و الحمد له وحده لا شريك له و أن الملك كله بيد الله، كنا نسمع عن سيدنا نوح و ما حل به من قومه بعدما حثهم على التوحيد لله الواحد القهار و ما إن بدأ بصنع السفينة و غرق الكافرين أجمعين من جراء الطوفان الذي هو عذاب بأمر من الله وحده و بعدها أتى قوم هود بالإيمان إلى أن تفشى فيما بينهم الكفر من جديد كما هو حال أغلب أقوام الكافرين القدماء مع أنبياء الله و المرسلين أجمعين و العذاب من الله وحده و الثواب من الله وحده، و لا نبغي من ذلك سوى أن نسكن جنات الفردوس بالدار الحق بأمر الله تعالى و فضله علينا جميعاً متابعينا الأكارم.