محتوي الموضوع
يتنافس العديد من الناس على مدار ألف وخمسمائة عام تقريباً على قراءة القرآن الكريم بأروع وأجود الأصوات اجتهاداً وتعبيراً منهم على الحب الشديد لأعظم كتاب على وجه الأرض واعتزازهم به وبقراءته بصوتهم الجميل الذي وهبه الله لهم ، وفي أثناء القرن العشرون والقرن الواحد والعشرون اكتظت الساحة بالعديد من الشيوخ الذين يمتلكون أصوات مبهرة ، هؤلاء الشيوخ استطاعوا أن يأسروا الملايين بسبب جمال صوتهم ، وفي يلي سوف نقدم لكم واحد من أشهر مقرئين العالم ، حيث عرف عنه عذوبة صوته وأسلوبه الرائع في قراءة القرآن الكريم ، ففي هذا اليوم يسعدنا أن نقدم لكم متابعينا الكرام متابعي موقع احلم مقال بعنوان محمد صديق المنشاوي قصة حياة أشهر مقرئين القرآن الكريم.
نشأته:
- محمد صديق المنشاوي هو قارئ مصري ويعد واحد من أعلام وأئمة قراءة القرآن الكريم بالعالم الإسلامي ، وقد ولد في جمهورية مصر العربية بمدينة سوهاج بصعيد مصر ، وأهم ما يميزه هو أسلوب الرائع في القراءة الذي يضفي عليه لمسته الحزينة بالتلاوة ، ولعل هذا يرجع لترعرعه ونشأته وسط أسرة قرآنية محافظة ، لأن أبوه هو الشيخ صديق المنشاوي والذي يرجع الفضل إليه بعد الله تعالى في تعليم القارئ محمد المنشاوي (ابنه) فن تلاوة القرآن الكريم.
- أدخله أبوه المدرسة المنشاوية ومنها أخذ القارئ أسلوبه المميز هذا ، وكان للصوت الخاشع الذي يمتلكه أكبر الأثر في هذا ، ونتيجة لصوته المميز هذا لقب الشيخ بالصوت الباكي ، وقد ذاع صيته في أصقاع المعمورة ، بالإضافة إلى أنه يجيد مقامات القراءة ويمتلك صوت جميل وعذب ، وله تسجيل كامل للقرآن الكريم بصوته هو
- بالإضافة لتسجيلات المسجد الأقصى وسوريا وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ، وقد اشترك الشيخ ومعه القارئين فؤاد العروسي ، وكامل البهتيمي بتسجيل قراءة مشتركة فيما بينهم ، وكانت تلك القراءة رواية الدوري ، وما زال صوته وقراءته حية ليومنا هذا ، تشق الطريق للأسماع في مختلف بقاع العالم الإسلامي.
للمزيد يمكنك قراءة : عبد الباسط عبد الصمد
عائلته:
- تزوج الشيخ مرتين أنجب من الزوجة الأولى 4 أولاد وبنتين ، ومن الزوجة الثانية 5 أولاد و4 بنات ، وقد توفيت الزوجة الثانية وهي تقوم بتأدية مناسك الحج قبل وفاته بعام.
محاولة قتل الشيخ بالسم:
- قام بعض الكارهين والحاقدين على الشيخ بدعوته من أجل تناول العشاء بعد سهرة تلاوة للقرآن ، وأجبروا الطباخ بأن يضع له سم في الأكل ، من أجل التخلص منه والقضاء عليه ، إلا أن ضمير هذا الطباخ قد استيقظ وذهب للشيخ وحكى لها وأخبره بالمكيدة التي تدبر من وراء ظهره ، وطلب منه كتمان السر هذا وعدم إفشاؤه خوفاً من أن يفقد عمله.
قصة محاولة قتله كما رواها الشيخ:
- قال بأنه كان ذات يوم مدعو لتقديم سهرة (تلاوة ليلية لقراءة القرآن الكريم) ، وبعد أن انتهت السهرة ، دعاه صاحبها لتناول الأكل عنده في البيت ، والشيخ في البداية رفض الأمر ، فقام الرجل صاحب الدعوة والمنزل بإرسال بعض المقربين منه من أجل أن يقنعوه ويحثوه على الذهاب إليه ، فحينها وافق الشيخ على الطلب ، وذهب من أجل تناول العشاء عند الرجل صاحب المنزل.
- وقبل أن يبدأ الشيخ بتناول الطعام ، أقبل الطباخ للشيخ وهو يرتعش وينتفض ، وأخبره بأن صاحب البيت طلب منه أن يدس السم له بأحد الأطباق ويقدمه مباشرة إليه ، وقال للشيخ بأن ضميره قد استيقظ باللحظة الأخيرة ، وأتى ليعلمه بالأمر ، وأخبره عن شكل ونوع الطبق الموجود به السم ، وطلب منه أن يكتم الأمر هذا ، وأن لا يخبر به أحداً ، كي لا يتم طرده ، ففعل الشيخ ما قال ، فعندما أتى الطباخ بالطبق الموجود السم به دفعه للشيخ المنشاوي ، وقد عرفه كما وصفه له الطباخ ، فاعتذر لصاحب البيت عن تناول المزيد من الطعام ، وقد حلفوه وأقسموا عليه أن يأكل ، فحينها أخذ الشيخ قطعة من الخبز وأكلها وأخبرهم بأن هذا يبر قسمهم ، وبهذا أنجى الله الشيخ من محاولة قتله الخبيثة.
مواقفه:
رفض أن يقرأ أمام الرئيس جمال عبد الناصر :
- لقد قام أحد وزراء عبد الناصر حينها بدعوة الشيخ لحفلة سيحضرها الرئيس ، وقال له الوزير : أن له الشرف بحضور حفلة يحضرها الرئيس ، فما لبث الشيخ أن رد عليه وقال : ولم لا يكون الشرف لعبد الناصر أن يحضر حفلة يستمع فيها للقرآن الكريم بصوت المنشاوي ، ولم يذهب الشيخ للحفل ، مما آثار صدمة عند الوزير.
للمزيد يمكنك قراءة : أجمل صوت قرآن وأشهر المقرئين
في حوار مع حفيد المنشاوي:
ماذا عن الذكريات التي تجمع بالشيخ المنشاوي رحمه الله؟
- كنت ملازم له بصفة عامة أثناء السهرات والتلاوات القرآنية ، أنهل منه العلم والإخلاص والتقوى بالتلاوة ، لأن جدي رحمه الله مدرسة بارعة بتلاوة القرآن ، فعندما أسمعه أشعر وكأن الآيات تتنزل من السماء.
من الذي سلك نفس طريقة المنشاوي؟
- معظم قراء الصعيد يتبعون طريقة الشيخ ويحاولون أن يقلدوه بنغماته وبأدائه ، ولكن هناك فارق كبير بين الأصل والصورة ، فمهما قلده المقلدون وأبدعوا في تقليده فلن يصلوا لطريقة الشيخ رحمه الله ، فقد تفرد بأداء وطريقة قوية من خلالها تستطيع أن تتعرف على الشيخ عندما تسمعه.
ما هي التكريمات التي حصل عليها الشيخ؟
- لقد حصل الشيخ رحمه الله على تكريمات كثيرة ، فالرئيس محمد حسني مبارك قد كرمه ، بالإضافة لسلطان البهرة بالهند الذي كرمه أيضاً ، وقد حصل أيضاً على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من سوريا ، بالإضافة إلى أن الحكومة الأندونيسية أهدته وساماً رفيعاً بمنتصف الخمسينات ، ومنحه الرئيس مبارك أيضاً وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ، وقد اختير قارئاً للقرن العشرون ، وغيرها من التكريمات والأوسمة.
بماذا تنصح القراء؟
- أن يتسلحوا بالتقوى والعلم والورع والزهد ، لأنهم هم أهل الله وخاصته ، ويجب عليهم أن يطبقوا القرآن في أعمالهم ، كما حملوه بصدورهم ، وأن يخلصوا بالتلاوة ويعملوا بقول الله تعالى : {الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} ، وقول الله تعالى : {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور}.
هل افتقرنا لأمثال الشيخ في وقتنا الحالي؟
- نعم ، والسبب في هذا أن قراءة العصر الماضي ، كانوا قراءً ربانين خاشعين في التلاوة ، فكانت التلاوة تصل لقلوب الناس مباشرةً.
ما هو دورك بنقابة قراء القرآن الكريم؟
- في البداية قد تم انتخابي عضو بمجلس الإدارة بالإجماع ، ثم اخترت نقيباً للصعيد ، وأخيراً تم تعييني أمين صندوق النقابة المنوط به كل ماليات النقابة العامة وذلك من تحصيل الاشتراكات والمعاشات ، وبحث الحالات المستحقة للصرف.
وفاته:
- في العام 1966 أصيب الشيخ بمرض دوالي المريء ، ورغم هذا لم يكف عن القراءة ، وظل يقرأ القرآن الكريم حتى توفاه الله في يوم الجمعة الموافق 1389 هجرياً و1969 ميلادياً ، سائلين الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحمه رحمة واسعة.
للمزيد يمكنك قراءة : سور وآيات فاضلة
صور للشيخ:
للمزيد يمكنك قراءة : قصص قرآن كريم
لقد كانت فترة خمسينيات القرن العشرون وسبعينياته ذروة مجد دولة التلاوة المصرية ، ومما ساعد في هذا الأمر هو استقلال الدول العربية تباعاً في الأربعينيات والخمسينات ، حينها نشأت الإذاعة الحكومية وانتشر البث الإذاعي بمساحات واسعة من العالم العربي ، فسرعان ما أدركت تلك الإذاعات التفرد الفني لقراءة مصر وتجهزت لجمهورها بتسجيلاتهم ، وبالسياق نفسه قد تسابقت جميع الدول العربية منذ بداية الخمسينيات لدعوة القراءة المصريين خاصة لزيارتها والقراءة في هذه الدولة ، فوقتها قد تواترت الزيارات أولاً للعراق وسوريا ولبنان وفلسطين ، وتناوب عليها جميع القراء المصريين ، وأنتجت تلك الزيارات عدداً كبيراً لا يستهان به من التلاوات الجميلة والرائعة في تراث فن التلاوة.
وكان الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله تعالى على رأس هذه الكوكبة ممن جابوا وذهبوا لجميع الأقطار العربية في الخمسينيات والستينيات ، مرتلاً لآيات القرآن الكريم ، وإلى هنا متابعينا الكرام متابعي موقع احلم نكون قد وصلنا إلى ختام حديث اليوم وقد تكلمنا في هذا الموضوع عن محمد صديق المنشاوي قصة حياة أشهر مقرئين القرآن الكريم.
