قل أن تحظى سيدة بما حظيت به شجرة الدر من عناية المؤرخين ، فبالرغم من أهمية كونها زوجة آخر سلطان أيوبي ، ثم زوجة لأول سلطان مماليكي ، فالذي أعطى شجرة الدر مزيداً من الشهرة والاهتمام على غيرها من زوجات السلاطين هي أنها كانت سلطانة مصر لفترة يسيرة ، وهذا بعد أن كانت شجرة الدر جارية غير معروفة ومجهولة الهوية والنسب ، فحالها وافق حال الأرقاء الذين سادوا الدولة فيما بعد ، وأطلق عليهم مماليك ، وكانت الدولة المصرية قبل وفاة السلطان نجم الدين أيوب تتصدى للحملة الفرنسية عليها ، فعند وفاة السلطان أصبحت الكفة راجحة لصالح لويس التاسع ، إلا أن شجرة الدر وتدخلها السريع قد درأ خطر الهزيمة عن مصر ، لأنها اتخذت إجراءات عسكرية وسياسية صائبة ، قد أكسبتها احترام جميع القادة الذين قبلوا بها سلطانة عليهم ، وإن لم يطل هذا الأمر ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على شجرة الدر فتابعوا معنا.
نسبها:
- لا يعرف لها أصل أكيد ، فقد ذهب بعض المؤرخين إلى أن شجرة الدر إما تركية أو أرمينية ، وقال البعض الآخر بأن أمها كانت من بيئة بدوية ، تكشف وجهها وتركب الخيل ، شأنها في هذا شأن الرجال مساواة وقدراً ، وهناك من لا يهتدي لنسب محدد لها ، نافين بالجملة أن تكون جركسية ، أو تركية أو أرمينية ، أو حتى من بنات الفرنجة.
للمزيد يمكنك قراءة : معلومات عن قايتباي
صفاتها:
- كانت بيضاء البشرة ، تمتلك شعر أسود غزير متدل ، وكانت تكتب وتقرأ وتغني ، وقيل بأنها شديدة الذكاء ، وتمتلك شخصية حازمة ، وصاحبة صوت عذب ومنطق صائب ، وكانت من أصحاب الدين والورع.
نشأتها ومكانتها:
- تاريخياً ترجع بداية شجرة الدر للعام 1239م ، لأنها كانت جارية عند الخليفة العباسي المستعصم حتى جعلها السلطان نجم الدين أيوب وهو آخر ملوك الأيوبيين ضمن جواريه وذلك في العام 1240 ، فكان يشملها دون غيرها باهتمامه وبحبه ، وبعد رجوعه من قلعة الكرك في العام 1248 للقاهرة قد أعلن حينها على الملأ بأنها زوجة مفضلة له بعد أن أنجبت ولده خليل ، فعلا قدرها ، ورسخت حظوتها في نفسه.
درايتها السياسية:
- قال المؤرخون في حق شجرة الدر : أنها كانت محنكة سياسياً ، وهذا لأنه مر على مصر أهوال وأحوال خطيرة كانت كفيلة بأن تذهب بهم لمهب الريح لولا حكمتها الكبيرة ، فأما الأحوال فقد تجسدت في إدراك الموت لزوجها السلطان نجم الدين أيوب وذلك في اليوم 23 من شهر نوفمبر في العام 1249م.
- أما الأهوال فقد تمثلت في أن الحرب كانت مشتعلة جداً بين الأيوبيين وملك فرنسا لويس التاسع ، فيما عرف حينها بالحروب الصليبية ، فكتمت شجرة الدر عن الشعب وعن الجيش نبأ وفاة نجم الدين ، كي تحمي معنويات الجيش ، ومنعاً للحزن في ذلك التوقيت الحساس ، وأيضاً لتسد الطريق على العدو الذي ستقوى عزيمته عندما يعلم بأن السلطان قد مات.
للمزيد يمكنك قراءة : تاريخ الدولة الاسلامية
إدارتها للحرب:
- لقد أطلعت شجرة الدر عدد قليل جداً على وفاة السلطان كي يكونوا عوناً لها ، فولت على الجيش فخر الدين بن شيخ الإسلام ، وقد استقدمت ابن زوجها الراحل وولي عهده على الحكم توران شاه ، وكانت شجرة الدرة هي من توقع الوثائق الرسمية بخاتم السلطان نجم الدين أيوب كأنه هو من يوقعها ، ذلك بالإضافة إلى أن شجرة الدر قد تدخلت في سير المعارك على الأرض وكانت ترتب صفوف الدفاعات ، وتنتقل من الدفاع للهجوم ، حتى أمكن الله عز وجل المسلمين وهزموا الصليبيين ، وقد أسر لويس التاسع ، وبهذا أحكمت شجرة الدر سيطرتها على مقاليد الحكم.
تنحيها عن العرش:
- لقد أمضت في حكم مصر 3 شهور ، فما أن أصدر قاضي القضاة حينها وهو (العز بن عبد السلام) فتواه الشهيرة التي قال فيها أنه لا يجوز إمارة المرأة على الرجال مع ما رافق تلك الفتوى من رفض الخليفة العباسي المستعصم ، وغضبه الشديد على تلك الإمارة حتى خرج الشعب المصري في مظاهرات يطالب فيها بعزلها عن الحكم تنفيذاً للفتوى الشرعية ، فحينها أشارت شجرة الدر على المماليك بأن يتم تولية عز الدين أيبك حاكماً على مصر ، فاستجاب المماليك جميعاً لهذه المشورة ، فملكوا عليهم أيبك ، وقد تزوج من شجرة الدر ، واختاروا أحد الأمراء الأيوبيين كي يكون سلطان مشارك صوري كي يرضي الأيوبيين ، وإن كان أيبك هو الحاكم الحقيقي.
للمزيد يمكنك قراءة : نتائج معركة عين جالوت