محتوي الموضوع
إنه أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكندي ، المولود بمدينة الكوفة في العام 915م ، وكان منذ صغره معروف بسلاطة لسانه وفصاحة قوله بالإضافة لمعرفته باللغة وأمورها ، فذهب المتنبي للشام وقابل علمائها وتعلم منهم الكثير جداً ، وبلغ من اللغة مكان رفيع جداً حتى صار لا يسأل عن شيء إلا واستشهد بما قالت العرب ، ويرجع سبب تسميته بالمتنبي لأنه ادعى النبوة لنفسه في سماوة الكوفة ، إلا أن أمير حمص ونائب الإخشيد حاكم مصر والشام وقتها أرسل له قوة اعتقلته واستتابه وبعدها أخلى سبيله ، ومن خلال شعر هذا الرجل يمكننا أن نتعرف على أبرز محطات حياته ، واليوم سوف نقدم لكل محبي هذا الشاعر مقال بعنوان أبو الطيب المتنبي شعر في المدح والحب والفخر والحكمة ، سنضع بين أيديكم مقتطفات منتقاة من أجمل ما قاله المتنبي.
قصيدة الخيل والليل والبيداء تعرفني:
وَاحَـرّ قَلْبـاهُ مـمّنْ قَلْبُـهُ شَبِـمُ
وَمَنْ بجِسْمـي وَحالي عِنـدَهُ سَقَـمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبًّا قَدْ بَـرَى جَسَـدي
وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلـةِ الأُمَـم ُ
إنْ كَـانَ يَجْمَعُنَـا حُـبٌّ لِغُرّتِـهِ
فَلَيْتَ أنّـا بِقَـدْرِ الحُـبّ نَقْتَسِـمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ
وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ
فكـانَ أحْسَـنَ خَلـقِ الله كُلّهِـمِ
وَكانَ أحسنَ ما فِي الأحسَنِ الشّيَـمُ
فَوْتُ العَـدُوّ الـذي يَمّمْتَـهُ ظَفَـرٌ
فِـي طَيّـهِ أسَـفٌ فِي طَيّـهِ نِعَـمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ
لَكَ المَهـابَـةُ ما لا تَصْنَـعُ البُهَـمُ
ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا
أنْ لا يُـوارِيَهُـمْ أرْضٌ وَلا عَـلَـمُ
أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشـاً فانْثَنَـى هَرَبـاً
تَصَرّفَـتْ بِـكَ فِي آثَـارِهِ الهِمَـمُ
عَلَيْـكَ هَزْمُهُـمُ فِي كـلّ مُعْتَـرَكٍ
وَمَا عَلَيْـكَ بِهِمْ عَـارٌ إذا انهَزَمُـوا
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْـواً سِـوَى ظَفَـرٍ
تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الـهِنْدِ وَاللِّمـمُ
يا أعدَلَ النّـاسِ إلاّ فِـي مُعامَلَتـي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ
أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صادِقَـةً
أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمـهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَـاعُ أخـي الدّنْيَـا بِنَاظِـرِهِ
إذا اسْتَوَتْ عِنْـدَهُ الأنْـوارُ وَالظُّلَـمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ ضَـمّ مَجلِسُنـا
بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ
أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي
وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا
وَيَسْهَـرُ الخَلْـقُ جَرّاهَـا وَيخْتَصِـمُ
وَجاهِلٍ مَـدّهُ فِي جَهْلِـهِ ضَحِكـي
حَتَّـى أتَتْـه يَـدٌ فَـرّاسَـةٌ وَفَـمُ
إذا رَأيْـتَ نُيُـوبَ اللّيْـثِ بـارِزَةً
فَـلا تَظُـنّـنّ أنّ اللّيْـثَ يَبْتَسِـمُ
وَمُهْجَةٍ مُهْجَتـي من هَمّ صَاحِبـها
أدرَكْتُـهَا بجَـوَادٍ ظَـهْـرُه حَـرَمُ
رِجلاهُ فِي الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَـدٌ
وَفِعْلُـهُ مَا تُريـدُ الكَـفُّ وَالقَـدَمُ
وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَيـنِ بـهِ
حتَّى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَـوْتِ يَلْتَطِـمُ
ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً
حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ
يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ
وَجدانُنا كُلَّ شـيءٍ بَعدَكـمْ عَـدَمُ
مَا كـانَ أخلَقَنَـا مِنكُـمْ بتَكرِمَـةٍ
لَـوْ أنّ أمْرَكُـمُ مِـن أمرِنَـا أمَـمُ
إنْ كـانَ سَرّكُـمُ ما قالَ حاسِدُنَـا
فَمَـا لجُـرْحٍ إذا أرْضـاكُـمُ ألَـمُ
وَبَيْنَنَـا لَـوْ رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفَـةٌ
إنّ المَعارِفَ فِي أهْـلِ النُّهَـى ذِمَـمُ
كم تَطْلُبُونَ لَنَـا عَيْبـاً فيُعجِزُكـمْ
وَيَكْـرَهُ الله مـا تَأتُـونَ وَالكَـرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شَرَفِـي
أنَـا الثّرَيّـا وَذانِ الشّيـبُ وَالهَـرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عنـدي صَواعِقُـهُ
يُزيلُهُـنّ إلـى مَـنْ عِنْـدَهُ الدِّيَـمُ
أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ
لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ
لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا
لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ
إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا
أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ
شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ
وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ
شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ
بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشّعْـرَ زِعْنِفَـةٌ
تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ
هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ مِـقَـةٌ
قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ
للمزيد يمكنك قراءة : قصة المتنبي مع سيف الدولة الحمداني
قصيدة أتظعن يا قلب مع من ظعن:
أتظعَنُ يا قلبُ مع من ظعَنْ
حَبيبَينِ أندُبُ نفسي إذَنْ
ولم لا أصابُ وحربُ البسو
سِ بينَ جفوني وبينَ الوسَن
وهل أنا بعدَكُم عائشٌ
وقد بنتَ عنّي وبانَ السكَن
فدى ذلكَ الوجه بدرُ الدجى
وذاك التثنّي تثنّي الغُصُن
فما للفراق وما للجميع
وما للرياح وما للدِمَن
كأنْ لم يكن بعد أن كان لي
كما كان لي بعد أن لم يكُن
ولم يسقني الراح ممزوجَةً
بماءِ اللِّثَى لا بماءِ المُزَن
لها لونُ خدّيهِ في كفِّهِ
وريحُكَ يا أحمدَ بنَ الحسَن
ألَم يُلفِكَ الشرفُ اليعرُبيّ
وأنتَ غريبَةُ أهل الزَمَن
كأنَّ المحاسنَ غارَت عليكَ
فسَلَّت لدَيكَ سُيوفَ الفِتَن
لَذِكرُكَ أطيبُ من نشرِها
ومدحُكَ أحلى سماعِ الأُذُن
فَلَم يَرَكَ الناسُ إلا غنوا
برُؤياكَ عن قولِ هذا ابنُ مَن
ولو قُصِدَ الطفلُ من طَيّئٍ
لشاركَ قاصِدُهُ في اللبَن
فما البَحرُ في البرِّ إلا نداكَ
وما الناسُ في الباسِ إلا اليمَن
للمزيد يمكنك قراءة : المتنبي شعر في الحب والحكمة والفخر
اقتباسات مختارة:
منَ الشوقِ والوجدِ المُبَرِّحِ أنَّني
يُمَثَّلُ لي من بعدِ لُقياكَ لُقياكا
سأسلوا لَذيذَ العيشِ بعدك دائماً
وأنسى حياةَ النفسِ من قبلِ أنساكا
**
تضاحَكَ مِنّا دهرُنا لعتابنا
وعلَّمَنا التمويهَ لو نَتَعَلَّمُ
شريفٌ زُغاوِيٌّ وزانٍ مُذَكَّرٌ
وأعمَشُ كحّالٌ وأعمى مُنَجِّمُ
**
أفاعِلٌ بي فعالَ الموكِسِ الزاري
ونحنُ نُسألُ فيما كان من عارِ
قُل لي بحُرمَةِ من ضيَّعتَ حُرمَتَهُ
أكان قدرَكَ ذا أم كان مقداري
لا عشتُ إن رضيَت نفسي ولا رَكِبَت
رجلٌ سعَيتُ بها في مثلِ دينارِ
وَليُّكَ اللَهُ لِمْ صيَّرتَني مَثَلاً
كالمُستَجيرِ من الرمضاءِ بالنارِ
**
بيدِي أيُّها الأميرُ الأريبُ
لا لشيءٍ إلّا لأنّي غريبُ
أو لأُمٍّ لها إذا ذكَرتْني
دمُ قلبٍ بدمع عينِ سكوبُ
إن أكُن قبلَ أن رأيتُكَ أخطَأ
تُ فإنّي على يديكَ أتوبُ
عائِبٌ عابني لديكَ ومنهُ
خُلِقَت في ذوي العيوبِ العيوبُ
للمزيد يمكنك قراءة : أشعار عن الحب الحقيقي
أشعار مصورة:
إلى هنا متابعينا الكرام متابعي موقع احلم نكون قد وصلنا إلى ختام موضوع الليلة الذي تحدثنا ودار كلامنا فيه حول أبو الطيب المتنبي شعر في المدح والحب والفخر والحكمة ، جمعنا لكم كم كبير جداً ومجموعة ضخمة من أقوى الأبيات وأجمل القصائد المتنوعة للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي ، فقد أرفقنا لكم أربعة فقرات رائعة ، وضعنا في أول فقرة لدينا قصيدة الخيل والليل والبيداء تعرفني ، وفي ثاني فقرة قصيدة أتظعن يا قلب مع من ظعن ، وفي ثالث فقرة اقتباسات مختارة ، وختمنا كلامنا بفقرة بعنوان أشعار مصورة.