محتوي الموضوع
العدل واحد من أجلِّ الأخلاق والصفات الحميدة التي تحبها النفوس وتميل إلى الرجل العادل، حيث إن العدل يبعث الأمل في نفوس المظلومين، ويخاف منه كل ظالم، حيث إن العدل يُرجع كل أمر إلى نصابه الصحيح، وبه ترجع الحقوق إلى أهلها وتعم السعادة بين الناس ويستقيم وجه الحياة على هذه الأرض.
وقد كان العدل دائمًا صفة لعظماء التاريخ والأتقياء من الأمم والصالحين الذين ترد علينا سيرتهم بالخير دائمًا، وقد كان أكثر الناس عدلًا هم الأنبياء الذين ابتعثهم الله تعالى لإقامة العدل في الأرض، فهم أولى الناس بتلك الصفة الجليلة والمنقبة العظيمة.
ونحن في هذا الموضوع أحاديث عن العدل النبوي في الإسلام، نتعرض إلى بعض نماذج من العدل النبوي ومن الأحاديث النبوية وما نقلته لنا السيرة الشريفة في هذا الصدد.
أحاديث نبوية عن العدل :
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } (المائدة:8).
عن أبي سعيد الخدري قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا ، أقبل رجل فأكب عليه ، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه ، فخرج الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعال فاستقد ، قال : بل قد عفوت يا رسول الله) رواه النسائي.
وعن عبد الله بن مسعود قال: (كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: وكانت عقبة -دور- رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالا : نحن نمشي عنك، فقال : ما أنتما بأقوى مني ، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) رواه أحمد في مسنده.
عن حرام بن محيصة عن أبيه أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته (فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار ، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل) رواه أحمد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة المرأة المخزومية الشهيرة: ( أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) رواه البخاري ومسلم .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر صحابته بالعدل في كل شيء وعدم تغليب جوانب على أخرى فقال ذات مرة: (يا عبد الله بن عمرو بلغني أنك تصوم النهار ، وتقوم الليل فلا تفعل ، فإن لجسدك عليك حظا ، ولعينك عليك حظا ، وإن لزوجك عليك حظا) رواه مسلم .
عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه:
وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أنس قال: ( أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : طعام بطعام ، وإناء بإناء) رواه الترمذي وحسنه ، والحديث في البخاري بلفظ آخر .
النبي صلى الله عليه وسلم أحق بالعدل من أي أحد:
وعن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر، الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري ، وعلقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان ، فغضبت قريش، فقالوا : أتعطي صناديد نجد وتدعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم ، فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس ، فقال: اتق الله يا محمد ، قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يطع الله إن عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ، ولا تأمنوني ) رواه البخاري و مسلم.
كان هذا ختام موضوعنا حول أحاديث عن العدل النبوي في الإسلام، قدمنا خلال هذه المقالة بعض الأحاديث من السنة الشريفة التي تدل على العدل النبوي، وهذه الأحداث غيض من فيض عدله صلى الله عليه وسلم، فهو أولى الناس بالعدل، حيث بعثه الله تعالى ليقيم ميزان العدل في الدنيا، والإسلام هو دين العدل الذي لا عدل فوقه أبدًا، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يمشي بين الناس بالعدل، يعدل مع الجميع دون تفرقة بين أي أحد ولو كان كافرًا.