الذكر على كل حال يحبه الله تعالى، ويحب عباده الذين يكثرون من ذكره وينيبون إليه سبحانه وتعالى ويخشعون تحت عتبة رحمته الواسعة التي وسعت كل شيء، وعلى العبد المسلم أن يحرص على الأذكار وعلى ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكر، ولا يتبع الطرق المبتدعة التي يحدثها بعض الناس ظنًّا منهم أن فيها بعض الخير، ولكن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فلا خير بعد خير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونحن في هذا الموضوع نتعرض إلى بعض أذكار الوضوء الصحيحة التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصححها بعض أهل العلم، وعلى كل مسلم أن يتحرى كل حديث يقرؤه أو يسمعه ليعرف درجة ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أذكار الوضوء الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- ثبتت بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها أدعية تقال في أول الوضوء وأدعية تقال في آخر الوضوء.
- فلم يثبت من الأدعية والأذكار في أول الوضوء إلا التسمية بقول العبد: بسم الله، هذا في أول الوضوء وهو الذكر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الوضوء؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي، وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث.
- ونقل النووي عن البيهقي قوله: أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ “مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ” وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ.
أما ما جاء من الأحاديث بعد الوضوء، فقد جاءت عدة أحاديث، منها:
- ( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
- روى مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ).
- زيادة الترمذي: ( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) [ضعفها ابن حجر] وصححها الألباني.
- ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) [رواه النسائي وهو مختلف في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو وقفه من قول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه].
- أما قول بعض الناس عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه، وقول آخرون عند غسل اليدين: اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي، فهذا من البدع المحدثة التي لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان هذا ختام موضوعنا حول أذكار الوضوء الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقلنا في هذا الموضوع بعض الأذكار التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب الوضوء، وذكرنا أنه لم يثبت من الذكر قبل الوضوء سوى ذكر واحد وهو التسمية بسم الله، ونقلنا بعدها بعض الأحاديث التي وردت في الذكر بعد وضوء العبد، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لذكره وشكره وحسن عبادته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.