الأم هي الحب الأول في حياة كل منا، وحبها هو الحب الأعظم الذي لا يساويه حب في العالم، فالأم تحضي بكل شيء في سبيل أبنائها، وهناك الكثير من الأمهات يتخلين عن أحلامهن وطموحاهن في سبيل سعادة الأبناء، فالله سبحانه وتعالى يضع في قلب الأم محبة فريدة تجاه أبنائها، فالأم بقلبها وحنيتها هي عمود أساسي في حياة كل منا، وحقًا الأم لا تعوض، لذلك ستجد الحزن يكسو قسمات كل من فقد أمه مهما كبر في العمر أو طالت سنوات الفقد، فوجود الأم في الحياة نعمة يقدرها من فقدها، تجعله في شعور دائم بالحزن مهما انشغل في أمور دنياه، واليوم سوف نتناول بعض من أفضل أشعار حزينة على الأم وسنذكر ثلاث قصائد واحدة منهم للشاعر الكبير فاروق جويدة، وقصيدتين للشاعر محمود درويش، نتمنى أن ينال ما نقدمه إعجابكم.
شعر فاروق جويدة عن الأم
وتركت رأسي فوق صدرك
ثم تاه العمر مني.. في الزحام
فرجعت كالطفل الصغير..
يكابد الآلام في زمن الفطام
و الليل يفلح بالصقيع رؤوسنا
ويبعثر الكلمات منا.. في الظلام
و تلعثمت شفتاك يا أمي.. وخاصمها.. الكلام
ورأيت صوتك يدخل الأعماق يسري.. في شجن
والدمع يجرح مقلتيك على بقايا.. من زمن
قد كان آخر ما سمعت مع الوداع:
الله يا ولدي يبارك خطوتك
الله يا ولدي معك
* * *
وتعانقت أصواتنا بين الدموع
والشمس تجمع في المغيب ضياءها بين الربوع..
والناس حولي يسألون جراحهم
فمتى يكون لنا اللقاء؟
وتردد الأنفاس شيئا من دعاء
ونداء صوتك بين الأعماق يهز الأرض.. يصعد للسماء:
الله يا ولدي معك..
ومضيت يا أمي غريبا في الحياة
كم ظل يجذبني الحنين إليك في وقت الصلاة..
كنا نصليها معا
أماه..
قد كان أول ما عرفت من الحياة
أن أمنح الناس السلام
لكنني أصبحت يا أمي هنا
وحدي غريبا.. في الزحام..
لا شيء يعرفني ككل الناس يقتلنا الظلام
فالناس لا تدري هنا معنى السلام
يمشون في صمت كأن الأرض ضاقت بالبشر..
والدرب يا أمي.. مليء بالحفر..
وكبرت يا أمي.. وعانقت المنى
وعرفت بعد كل ألوان الهوى..
محمود درويش إلى أمي
أحنُّ إلى خبز أمي
وقهوة أُمي
ولمسة أُمي..
وتكبر فيَّ الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشَقُ عمرِي لأني
إذا مُتُّ ,
أخجل من دمع أُمي !
خذيني ، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبِكْ
وغطّي عظامي بعشب
تعمَّد من طهر كعبك
وشُدّي وثاقي..
بخصلة شعر..
بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..
عساني أصيرُ إلهاً
إلهاً أصيرْ.
إذا ما لمستُ قرارة قلبك !
ضعيني , إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ…
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدتُ الوقوف
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ , فردّي نجوم الطفولة
حتى أُشارك
صغار العصافير
درب الرجوع ..
لعُشِّ انتظارِك !
قصيدة بيت أمي لمحمود درويش
في بيت أُمِّي صورتي ترنو إليّ
ولا تكفُّ عن السؤالِ:
أأنت، يا ضيفي، أنا؟
هل كنتَ في العشرين من عُمري،
بلا نظَّارةٍ طبيةٍ،
وبلا حقائب؟
كان ثُقبٌ في جدار السور يكفي
كي تعلِّمك النجومُ هواية التحديق
في الأبديِّ…
[ما الأبديُّ؟ قُلتُ مخاطباً نفسي]
ويا ضيفي… أأنتَ أنا كما كنا؟
فمَن منا تنصَّل من ملامحِهِ؟
أتذكُرُ حافرَ الفَرَس الحرونِ على جبينكَ
أم مسحتَ الجُرحَ بالمكياج كي تبدو
وسيمَ الشكل في الكاميرا؟
أأنت أنا؟ أتذكُرُ قلبَكَ المثقوبَ
بالناي القديم وريشة العنقاء؟
أم غيّرتَ قلبك عندما غيّرتَ دَربَكَ؟
قلت: يا هذا، أنا هوَ أنت
لكني قفزتُ عن الجدار لكي أرى
ماذا سيحدث لو رآني الغيبُ أقطِفُ
من حدائقِهِ المُعلَّقة البنفسجَ باحترامٍ…
ربّما ألقى السلام، وقال لي:
عُدْ سالماً…
وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى
ما لا يُرى
وأقيسَ عمقَ الهاويةْ
وبهذا نكون انتهينا من قصائد اليوم التي قدمت لنا افضل أشعار حزينة على الأم لكل من الشاعر فاروق جويدة، والشاعر محمود درويش، وكل منهم يناجي الأم في القصيدة بطريقته الخاصة، حتى يعبر عن مكانة الأم في القلب، وعما يشعر به عند رؤيتها، والذكريات الصغيرة المنحوتة في ذاكرة الطفل عن أمه، وعن بيته ولعبه، هذه الذكريات تظل حاضرة مهما طال الزمن، ونلجأ إليها حتى نختلس من الزمن بضع بسمات نأخذها كسلم صغير ينقلنا خارج حدود الالتزامات الحالية ومشاغلنا، ونتمنى أن تنال القصائد إعجابكم.