محتوي الموضوع
إن الإنسان قد يولد دون أخوات، وهذا يكون قدر قدره الله له، لكن الإنسان لا يستطيع أن يحيا دون صديق، حيث يظل الإنسان يبحث عن صديق إلى أن يجده، فيعامله معاملة الأخ، ويأتمنه على أسراره وكل حكاياته، ويعرف عنه ما لا يعرفه الأهل، فالصديق هو الحارس الأمين على صديقه وأسراره وحكاياته، وإن أختار المرء منا شخص غير أمين على صداقته سيندم ويحزن لان هذا الصديق الزائف سيتخلى عنه في أي وقت ويبيعه بثمن بخس، وسنتناول فيما يلي أشعار عن الصداقة.
أبيات الشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي في الصداقة:
أعفو ، إذا ركبَ الصديقُ الأصعب
وإذا رماني بالسِّهامِ و صوَّبا
وإذا تنكَّر للوفاءِ ، ولم يدعْ
للودِّ في بحر اللَّجاجةِ مَرْكبا
إنِّي لأعرضُ عن صديقي ، كُلَّم
أرغى وأزْبدَ بالخلافِ وأسْهبا
وأُحسُّ بالأسفِ الكبيرِ لأنَّهُ
أمسى منَ الذئبِ المخادِعِ ” أذْأبا “
وأراهُ أحوجَ ما يكونُ إلى الذي
يحميهِ من أثر السقوطِ إذا كبا
قالوا: رماكَ بما يسوؤكَ صاحبٌ
واشْتدَّ فيما لا يسُرُّ وأغربا
وتغيَّرتْ أحوالُهُ ، فغدا على
ما لا تُحبُّ تلوُّناً و ” تثعْلُبا “
فأجبتُ من قالوا ، بأنِّي لم أزلْ
أرجو له الغفرانَ فيما أذْنبا
قالوا: تطاول ، قلت : كم متطاولٍ
أمسى رفيقاً للهمومِ مُعذَّبا
قالوا : تجنَّى ، قلت : ذلكَ شأنُهُ
إنْ كانَ يرضى بالتَّجني مذهبا
قالوا : تنكَّر ، قلت ما ذنبي إذ
رضي الصحيحُ بأنْ يكونَ الأجْربا ؟!
قالوا: لقد كذبَ الحديثَ ، فقلت : م
شأني بمن وضع الحديث وكذَّبا ؟!
إنِّي أقولُ لمن جفاهُ صديقهُ :
كن أنت في ليل الجفاءِ الكوكبا
وإذا تقوقعَ في زوايا حقدِهِ
حَسَداً ، فكنْ أنتَ الفضاءَ الأَرْحبا
وإذا تمادى في التَّطاولِ صاحِبٌ
فاعلمْ بأنَّ العقلَ عنهُ تغيَّبا
واهْجُرهُ حتى يستعيد صوابَهُ
فأنا أرى هَجْر المُكابِرِ أصْوبا
واثبتْ ثباتَ “شَدَا” و “حُزْنَةَ” كُلَّم
لاقيتَ مهزوزَ الفؤادِ مُذبْذَبا
إنِّي أقولُ لمن أماتَ ضميرهُ
وقضى على معنى الوفاءِ وذوَّبا :
كم من صديقٍ في الحياةِ جنى الأسى
وجَنَى انتكاسَ القلبِ حينَ تقلَّبا
*******
أبيات قالها الإمام الشافعي عن الصديق:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفي الناسِ أَبدالٌ وَفي التَركِ راحَةٌ
وَفي القَلبِ صَبرٌ لِلحَبيبِ وَلَو جَفا
فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قَلبُهُ
وَلا كُلُّ مَن صافَيتَهُ لَكَ قَد صَفا
إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً
فَلا خَيرَ في وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا
وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ
وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا
وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ
وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا
*******
شعر اللواح في الصداقة:
بئس الصداقة عقباها العداوات
وشرها دخنة فيها الهدنات
لا خير في عدة بالخير ممطلةٍ
بئس الوعود التي فيها الملاوات
نياتنا صلحت فيكم فليت لكم
فينا صلحن عقيدات ونيات
منكم علينا جنيات وليس لنا
فيكم على ما تجنيتم جنيات
عيوننا ما هنت نوماً وأعينكم
بالنوم بعد النوى عنا هنيات
ليس العتاب بجلاب الوداد وإن
طال العتاب به زلن المودات
قلوبنا ما خلت منكم لبينكم
منا قلوبكم فهي الخليات
لا غاية دركت في بغض ذي حس
للحب كالبغض لم يدركن غايات
للحب والبغض آيات تدلهما
وكل شيءٍ له وصفٌ وآيات
لولا التسلي بأبيات بعثن لنا
داء وكم أسلت المحزون أبيات
أبيات أحباب قلبي في الحشا بنيت
وفي الفؤاد لهم نادٍ وأبيات
*******
وبهذا نكون قد ذكرنا أشعار متنوعة عن الصداقة، أوضح فيها الشعراء عن وجهة نظرهم التي تمثل الكثيرون منا، وتوضح منزلة الصديق لدى صديقه، وما هو واجب المرء تجاه أصدقائه وكيف يكون العتاب بين الأصدقاء، وما يجب على المرء فعله إذا ما تخلى عنه صديقه، لذا يجب علينا جميعا أن نقدر أنفسنا حق قدرها، ولا نأتمن أشخاص ليسوا جديرين بحمل الأمانة فنجعلهم أصدقاء مقربين، ونندم بعد ذلك أشد الندم، لذا من البداية أدرس شخصية من أمامك حتى تتأكد تمام التأكد أن هذا الشخص جدير بأن يطلق عليه لقب صديق، لأن هذا اللقب غالى جدًا، فلا تطلقه على أي عابر سبيل يمر بحياتك، فالصديق لا بد وأن تجده وقت الضيق وإلا لا يصح أن تعتبره صديقك من البداية.