محتوي الموضوع
الاكتئاب هو أحد الاضطرابات النفسية المنتشرة على مستوى العالم بصورة كبيرة، حيث إنه يوجد أكثر من ثلاث مئة مليون إنسان حول العالم مصابين بالاكتئاب، وهذه نسبة كبيرة جدًّا تدعو إلى وجوب وضرورة البحث عن الأسباب والأعراض والعوامل التي تساعد على خفض هذه النسبة حتى نصل بها إلى أقل حدودها، وكذلك لا بد من أن يعلم القارئ الدور الكبير للاكتئاب في التسريع بظهور معالم العجز والكبر على الإنسان، ويتأثر به أكثر ما يتأثر فئة النساء، وهناك حالات قد تؤدي إلى الانتحار؛ مما يعرفنا بمدى خطورة الأمر على الحياة الإنسانية عامة.
ونحن في هذا الموضوع أعراض الاكتئاب وأسبابه ومضاعفاته وطرق الوقاية والعلاج، نتعرض إلى معرفة أكثر ما يدور حول هذا المرض المنتشر، ونحاول أن نجد له الحلول إن شاء الله حسب المعايير العالمية الموثقة.
تمهيد حول الاكتئاب:
من المعروف أن الاكتئاب من الأمراض المنتشرة على مستوى العالم كله، والاكتئاب ليس كما يظن بعض الناس أنه عبارة عن تقلب في المزاج العادي الذي يشعر به كل إنسان، فالتقلبات المزاجية الطبيعية والانفعالات الإنسانية التي تقترن باللحظات التي يعيشها الإنسان من لحظات حزن أو فرح، هذه ليس لها علاقة بمرض الاكتئاب، فكل الناس يشعرون حسب الظرف الذي هم فيه بفرح أو حزن أو سعادة أو قلق أو خوف، كل ذلك ما دام في حدوده الطبيعية فلا ضرر منه، ولكن الاكتئاب الذي يمثل حالة صحية مرضية هو الذي يمتد إلى أوقات طويلة، وتكون شدته متوسطة أو كبيرة، ومن الممكن لهذا المرض أن يؤدي بالشخص إلى الكثير من المعاناة، ويؤدي به إلى سوء أحواله في عمله أو في مدرسته أو على مستوى أسرته، ومن الممكن أن يؤدي الاكتئاب في بعض الحالات إلى دفع الإنسان نحو الانتحار، وهذه تمثل خطورة كبيرة في هذا المرض الذي يهدد الحياة الإنسانية برمتها.
وفي كل عام تكون وفيات الانتحار ما يقارب ثمان مئة ألف إنسان، وهذا يمثل أحد ثاني الأسباب الرئيسية للوفيات في الفئة العمرية بين خمسة عشر عامًا وتسعة وعشرين عامًا.
ورغم تواجد العديد من طرق العلاج المعروفة لهذا المرض، فإننا نلاحظ أن أقل من نصف مرضى الاكتئاب هم الذين يتلقون هذا العلاج، فتبقى غالبية المرضى بهذا المرض لا يتلقون العلاج، ومن ثم تزيد الخطورة وتكبر، وتشتمل الحوائل التي تقف مانعًا دون الحصول على رعاية وعناية لمرضى الاكتئاب هو ضعف الموارد وقلتها، وعدم وجود عدد مناسب من مقدمي العناية الصحية المؤهلين لمثل هذه الحالات، وكذلك ما يوجد في المجتمعات من وصم لأصحاب الأمراض النفسية مما يزيد الحالة سوءًا وتدهورًا، فكثير من المجتمعات لا زالت لا تستطيع التعايش مع المرضى النفسيين وتصمهم بأمور تزيد من سوء حالتهم الصحية.
وكذلك يوجد مانع آخر يقف دون تقديم العناية الفعالية، وهو عدم دقة تقدير الأمر، ففي العديد من البلدان لا يتم التشخيص لحالات الاكتئاب بصورة دقيقة وصحيحة، وربما يتم تشخص عدد من الحالات الأخرى ممن ليس عندهم اكتئاب يتم تشخيصهم بالاكتئاب عن طريق الخطأ وعدم المعرفة الدقيقة لحالتهم الصحية.
والاكتئاب من الأمراض التي تزداد سنويًّا وترتفع عالميًّا بصورة مخيفة، مما دعا إلى جمعيات الصحة العالمية إلى مبادة باتخاذ طرق مهمة وفعالية بشأن مقاومة هذه الاضطرابات النفسية على مستوى العالم.
انظر أيضًا: فوائد النعناع
أنواع الاكتئاب وأعراضه:
تختلف حدة الاكتئاب وتختلف أعراض الاكتئاب صعودًا وهبوطًا، فهناك حالات تُعد بسيطة وهناك حالات تُعتبر متوسطة، وهناك الحالات الشديدة والحادة.
وهناك فارق جوهري كذلك عند الأشخاص الذين عانوا من قبل من بعض نوبات الهوس، أو لم يكن يسبق لهم أن عانوا من تلك النوبات، ومن الممكن أن يكون نوعا الاكتئاب من تلك الأنواع المزمنة على مدى فترة كبيرة من الزمن مع حصول انتكاسات، وتحصل تلك الانتكاسات خصوصًا مع ترك العلاج، ومن أنواع الاكتئاب:
- اضطراب الاكتئاب المتكرر: يشتمل ذلك الاضطراب على حدوث نوبات اكتئاب تتكرر، وأثناء تلك النوبات يشكو الشخص المصاب من وجود اعتلال في حالته المزاجية، ووجود عدم اهتمام بالأشياء ولا مبالاة، وحصول تدني في الطاقة الأمر الذي يؤدي إلى حصول قلة في النشاط مدة أسبوعين على أقل تقدير، وكثير ممن يعانون من الاكتئاب يمرون بحالات وبأعراض من القلق ومن اضطرابات النوم والشهية، وقد يكون عند هؤلاء الأشخاص شعور بالذنب، أو قلة التقدير للذات والشعور بضعف في التركيز، بل وهناك بعض الأعراض التي ليس لها تفسير علمي.
وانطلاقًا من عدد تلك الأعراض وشدتها، من الممكن أن نستطيع تصنيف نوبة الاكتئاب تلك بأنها بسيطة أو أنها متوسطة أو أنها شديدة وحادة، وقد يجد بعض من يشكو من نوبات الاكتئاب البسيطة يجد بعض الصعوبة في استمراره في عمله العادي ونشاطاته الاجتماعية، غير أنه قد لا يتوقف تمامًا عن العمل، وأثناء نوبات الاكتئاب الشديدة، فمن غير الراجح بالضبط أن يستطيع من يعانون من الاكتئاب من أن يواصلوا نشاطاتهم الاجتماعية أو أعمالهم أو أنشطتهم المنزلية إلا بصورة محدودة للغاية.
- الاضطراب الوجداني ثنائي القطب: وفي العادة يتكون هذا النوع من الاكتئاب من بعض نوبات الهوس، وتشتمل نوبات الهوس على روح معنوية عالية أو مزاج عصبي وزيادة في النشاط وتحدث سريع وتضخيم في الذات وقلة الاحتياج إلى النوم.
انظر أيضًا: فوائد الموز
الأسباب:
ليس من المعروف بالضبط ما الذي يسبب الاكتئاب كما هو الحال مع الكثير من الاضطرابات النفسية المعروفة، ومن الممكن أن تشترك الكثير من الأسباب، كما يلي:
وجود اختلافات بيولوجية، فيبدو أن المرضى بالاكتئاب عندهم بعض الاختلافات الفيزيائية في الدماغ، ولكن القدر الذي تؤثر به هذه الاختلافات البيولوجية غير مؤكد إلى الآن، لكنها تساعد في معرفة السبب من وراء هذا الاكتئاب.
كيمياء الدماغ:
وهي تلك النواقل العصبية التي هي مواد كيميائية موجودة بصورة طبيعية في دماغ الإنسان، ومن الراجح أنها تلعب دورًا في إصابة الشخص بالاكتئاب، وتشير بعض البحوث إلى أن التغييرات في وظائف هذه النواقل العصبية وأثرها وكيفية التفاعل مع الدوائر العصبية التي تشارك في الحفاظ على استقرار الحالة المزاجية؛ كل ذلك له دور كبير في الاكتئاب ومعالجته.
الهرمونات:
حصول تغيرات في توازنات الهرمونات في جسم الإنسان لها علاقة وثيقة بالتسبب في إصابة الشخص بالاكتئاب أو تحفيز الاكتئاب، ومن الممكن أن يحصل التغييرات الهرمونية كنتيجة لحمل المرأة، وأثناء الأسابيع أو أثناء الأشهر التي تتلو الولادة، وكذلك من المشكلات أيضًا الإصابة بأمراض الغدة الدرقية أو حصول انقطاع للطمث أو العديد من الحالات الأخرى.
الصفات الوراثية:
ينتشر الاكتئاب بصورة أكبر بين هؤلاء الأشخاص الذين يشكو أقرباؤهم من هذه الحالات، ولا زال الباحثون يحاولون العثور على تلك الجينات التي تتسبب في مرض الاكتئاب.
عوامل الخطورة:
في الغالب يظهر الاكتئاب في فترات المراهقة، أو أثناء مراحل العشرين أو الثلاثين من حياة الإنسان، غير أنه قد يظهر في أي فترات عمرية أخرى، ويتم تشخيص السيدات بالاكتئاب بصورة أكبر من الرجال، وربما عاد السبب في ذلك إلى أن النساء أكثر من الرجال في البحث عن العلاج.
تشتمل العوامل التي تؤدي إلى زيادة خطورة الإصابة بالاكتئاب إلى ما يأتي:
- بعض الصفات الشخصية، مثل أن يعاني الشخص من تراجع ثقته بنفسه واعتماد الشخص على الآخرين بصورة كبيرة ونقده لنفسه وجلده لذاته أو تشاؤمه.
- حصول أحداث صادمة سببت له إجهادًا نفسيًّا مثل انتهاكه جسديًّا أو جنسيًّا، أو وفاة قريب له أو حبيب يعز عليه، أو حصول مشكلة مالية أو مادية أو خسارته أمواله التي جناها في فترة كبيرة من حياته.
- وجود أقارب للإنسان عندهم نفس تاريخ الإصابة بالاكتئاب أو الاضطرابات ثنائية القطب، أو الإدمان على الكحوليات.
- الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة مثل السكتات الدماغية والسرطان والآلام المزمنة وأمراض القلب.
- بعض الأدوية المعينة مثل الأدية الخاصة بارتفاع الضغط أو الأقراص التي تساعد الإنسان على النوم.
انظر أيضًا: أدعية الهم والكرب
كان هذا ختام موضوعنا حول أعراض الاكتئاب وأسبابه ومضاعفاته وطرق الوقاية والعلاج، قدمنا خلال هذه المقالة بعض الأمور المهمة حول مرض الاكتئاب من الأعراض والأنواع والأسباب وعوامل الخطر التي قد تحدث للإنسان، وكذلك نقدم في خاتمة هذا الموضوع بعض وسائل الوقاية التي منها التفاعل مع المجتمع، وعدم العزلة والتخطيط الجاد لأمور الحياة، والإيمان بالقضاء والقدر، فالقضاء والقدر مريح للإنسان جدًّا، فكل ما يحدث للإنسان هو بتقدير الله تعالى، وبذلك يطمئن القلب وننصح الآباء والأمهات بأن يراعوا أبناءهم وأن يتعاملوا معهم بصورة طبيعية ليس فيها تعقيد يؤدي بهم إلى الاكتئاب.