إن قصيدة أيا من يدعي الفهم تعد من المقامات المعروفة بمقامات الحريري ، وقد ألفها أبو محمد الحريري البصري ، ومكونة من 50 مقام على غرار مقامات بديع الزمان الهمذاني الذي يعتبر أول من ابتكر هذا الفن ، وهو نوع من القص الأدبي يلتزم كاتبه بالصنعة ، فيقوم بالاعتماد على السجع والبديع ، وتلك القصيدة من المقامة السامية ، وقد انتشرت هذه القصيدة بعد أن أنشدها الشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى ، وفي هذا اليوم يسعدنا أن نقدم لكل متابعينا الأعزاء متابعي موقع احلم موضوع يحمل عنوان أيا من يدعي الفهم إِلَى كم يا أَخِيْ الوهم محمد حسان ، سوف نجمع لكم في هذا الموضوع كم كبير جداً ومجموعة ضخمة من أجمل وأروع قصائد وأبيات الشاعر محمد الحريري ، وحتى لا نطيل عليكم تعالوا نستمتع سوياً بقراءة هذه الأبيات التي نأمل مشاركتها مع أصدقائكم على مواقع التواصل الاجتماعي.
كلمات قصيدة أيا من يدعي الفهم:
أيا مَن يدّعي الفَـهْـمْ … إلى كمْ يا أخا الوَهْـمْ
تُعبّي الـذّنْـبَ والـذمّ … وتُخْطي الخَطأ الجَـمّ
أمَا بانَ لـكَ الـعـيْبْ … أمَا أنْـذرَكَ الـشّـيبْ
وما في نُصحِـهِ ريْبْ … ولا سمْعُكَ قـدْ صـمّ
أمَا نادَى بكَ الـمـوتْ … أمَا أسْمَعَك الصّـوْتْ
أما تخشَى من الفَـوْتْ … فتَحْـتـاطَ وتـهـتـمْ
فكمْ تسدَرُ في السهْـوْ … وتختالُ من الـزهْـوْ
وتنْصَبُّ إلى الـلّـهـوْ … كأنّ الموتَ مـا عَـمّ
وحَـتّـام تَـجـافـيكْ … وإبْـطـاءُ تـلافـيكْ
طِباعاً جمْعـتْ فـيكْ … عُيوباً شمْلُها انْـضَـمّ
إذا أسخَطْـتَ مـوْلاكْ … فَما تقْلَـقُ مـنْ ذاكْ
وإنْ أخفَقَ مسـعـاكْ … تلظّيتَ مـنَ الـهـمّ
وإنْ لاحَ لكَ النّـقـشْ … منَ الأصفَرِ تهـتَـشّ
وإن مرّ بك النّـعـشْ … تغامَـمْـتَ ولا غـمّ
تُعاصي النّاصِحَ البَـرّ … وتعْـتـاصُ وتَـزْوَرّ
وتنْقـادُ لـمَـنْ غَـرّ … ومنْ مانَ ومـنْ نَـمّ
وتسعى في هَوى النّفسْ … وتحْتالُ على الفَـلْـسْ
وتنسَى ظُلمةَ الرّمـسْ … ولا تَـذكُـرُ مـا ثَـمّ
ولوْ لاحظَـكَ الـحـظّ … لما طاحَ بكَ اللّـحْـظْ
ولا كُنتَ إذا الـوَعـظْ … جَلا الأحزانَ تغْـتَـمّ
ستُذْري الدّمَ لا الدّمْـعْ … إذا عايَنْتَ لا جـمْـعْ
يَقي في عَرصَةِ الجمعْ … ولا خـالَ ولا عــمّ
كأني بـكَ تـنـحـطّ … إلى اللحْدِ وتـنْـغـطّ
وقد أسلمَك الـرّهـطْ … إلى أضيَقَ مـنْ سـمّ
هُناك الجسمُ مـمـدودْ … ليستـأكِـلَـهُ الـدّودْ
إلى أن ينخَرَ الـعـودْ … ويُمسي العظمُ قـد رمّ
ومنْ بـعْـدُ فـلا بُـدّ … منَ العرْضِ إذا اعتُـدّ
صِراطٌ جَـسْـرُهُ مُـدّ … على النارِ لـمَـنْ أمّ
فكمْ من مُرشـدٍ ضـلّ … ومـنْ ذي عِـزةٍ ذَلّ
وكم مـن عـالِـمٍ زلّ … وقال الخطْبُ قد طـمّ
فبادِرْ أيّها الـغُـمْـرْ … لِما يحْلو بـهِ الـمُـرّ
فقد كادَ يهي العُـمـرْ … وما أقلعْـتَ عـن ذمّ
ولا ترْكَنْ إلى الدهـرْ … وإنْ لانَ وإن ســرّ
فتُلْفى كمـنْ اغـتَـرّ … بأفعى تنفُـثُ الـسـمّ
وخفّضْ منْ تـراقـيكْ … فإنّ المـوتَ لاقِـيكْ
وسارٍ فـي تـراقـيكْ … وما ينـكُـلُ إنْ هـمّ
وجانِبْ صعَرَ الـخـدّ … إذا ساعـدَكَ الـجـدّ
وزُمّ اللـفْـظَ إنْ نـدّ … فَما أسـعَـدَ مَـنْ زمّ
ونفِّسْ عن أخي البـثّ … وصـدّقْـهُ إذا نــثّ
ورُمّ العـمَـلَ الـرثّ … فقد أفـلـحَ مَـنْ رمّ
ورِشْ مَن ريشُهُ انحصّ … بما عمّ ومـا خـصّ
ولا تأسَ على النّقـصْ … ولا تحرِصْ على اللَّمّ
وعادِ الخُلُـقَ الـرّذْلْ … وعوّدْ كفّـكَ الـبـذْلْ
ولا تستمِـعِ الـعـذلْ … ونزّهْها عنِ الـضـمّ
وزوّدْ نفسَكَ الـخـيرْ … ودعْ ما يُعقِبُ الضّـيرْ
وهيّئ مركبَ الـسّـيرْ … وخَفْ منْ لُـجّةِ الـيمّ
بِذا أُوصـيتُ يا صـاحْ … وقد بُحتُ كمَـن بـاحْ
فطوبى لـفـتًـى راحْ … بآدابـــيَ يأتَـــم
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الهجرة النبوية
من أجمل ما قاله ابو محمد الحريري:
كم ظِباءٍ بحاجِرِ.. فتَنَــت بالمَحاجِــرِ
ونفـوسٍ نفائِـسٍ.. عندَ كشفِ الظَّفائرِ
وشُجونٍ تظافرتْ.. عندَ كشفِ الظَّفائرِ
وتَثَــــنٍّ لخاطـــرٍ.. هاجَ وَجْداً بخاطري
وعِــــذارٍ لأَجلـــه.. عاذِلي صارَ عـاذِري
وشَطـاطٍ لأجلـــه.. شَطَّ إِدلالُ هاجِـري
**
قال العواذل: ما هذا الغـــرام به؟ .. أمــا ترى الشَّعر في خدَّيه قَدْ نبتا
فقلْتُ: واللهِ لــو أنَّ المفنِّدَ لــــي .. تأمَّــلَ الرُّشــــدَ في عينيه ما ثبتـا
ومَنْ أقـــامَ بأرضٍ وهي مجدبـةٌ.. فكيــفَ يرحلُ منها والرَّبيع أتـى؟
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الوالدين للشافعي
أشعار مصورة:
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الحج
يحكى عن الحريري أنه كان دميماً ، وقبيح المنظر ، وفي يوم من الأيام أتاه رجل غريب يزوره ويأخذ عنه شيئاً ، فلما رآه الرجل استزرى شكله ، ففهم الحريري ذلك الأمر ، فلما التمس منه أن يملي عليه قال له : اكتب : (مـا أنتَ أولُ ســـارٍ غــــرَّهُ قمـــرٌ .. ورائـدٍ أعجبَتْـهُ خضـرة الدِّمَــنِ فاخترْ لنفسِــكَ غيـري إنَّني رجــلٌ .. مثـلَ الْمُعَيْدي فاسمع بي ولا تَرَني) ، وإلى هنا متابعينا نكون قد وصلنا إلى ختام موضوع الليلة الذي تحدثنا فيه حول أيا من يدعي الفهم إِلَى كم يا أَخِيْ الوهم محمد حسان ، وضعنا بين أيديكم مقتطفات منتقاة من روائع أبو محمد الحريري ، فقد أرفقنا لكم العديد من الفقرات المميزة