محتوي الموضوع
ابن بطوطة اسم له وزنه في عالم الرحالة والمستكشفين، وهو مولود في المغرب واسمه محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي، هو من الشخصيات الكبيرة التي لها شوط عظيم في تقديمه لأوصاف وهيئات البلاد التي زارها وكيف أحوال سكانها، والمشاهد التي رآها كل ذلك بأسلوب بديع رائع يأخذ بالألباب والعقول، فهو رحالة من الطراز الأول العتيق الذي لا تستطيع أن تملك نفسك إلا أن تصفه بأنه من أعظم الرحالة في تاريخ العالم القديم.
ونحن في هذا الموضوع ابن بطوطة رحالة العالم، نتعرض إلى بعض الملامح من شخصية ابن بطوطة وحياته ورحلاته التي زار فيها العديد من البلاد والتي بالغت ما يقارب المئة وعشرين ألف كيلو متر، وهي مسافة عظيمة زار في العديد والعديد من البلاد، ووصف فيها الكثير من الأوصاف التي دلتنا على كثير من الأمور المجهولة بالنسبة لنا.
حياة ابن بطوطة :
وُلِدَ ابن بطوطة عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي في شهر فبراير سنة 1304 م بمدينة طنجة المعروفة في بلاد المغرب، وكان ينحدر من عشائر البربر هناك، وكانت عائلته تضم علماء كثيرين.
وفي سنة 1326 م، قام ابن بطوطة بأول رحلاته في سن مبكرة جدًّا، واستمر في هذه الرحلات طوال حياته، ليستكشف العديد والعديد من بلدان العالم الإسلامي، ويحضر العديد من محاكمات أكابر الملوك في العالم، ويعيش من السكان الأصليين للبلاد التي يذهب إليها كي يتعرف على حضارتهم وثقافتهم وتعدد علومهم ومشاربهم ومبانيهم ومآكلهم وكل ما يستطيع المرء أن يحصله من هذه الرحلات كان يقوم ابن بطوطة باستقصائه والبحث عنه واستكشافه، فكان لا يهدأ أبدًا.
كانت أول رحلة له إلى مكة، وبعد إقامته بمكة كانت وجهته إلى دمشق بعد ذلك.
في ذات الوقت الذي كان فيه أكثر التجار المعروفين يذهبون حول العالم، كان ابن بطوطة يعيِّش نفسه من خلال السفر إلى بلاد كثيرة، حيث إنه كان يحصل على الكثير من الهدايا من حكام هذه البلاد، وكذلك كان يعمل كاتبًا، وبعد مكوثه في مكة حتى سنة 1330، سافر بعد ذلك إلى اليمن حيث مدينتي تعز وعدن.
وفي سنة 1331 رحل ابن بطوطة إلى الصومال حيث مدينة مقديشو، والتي كانت في ذلك الوقت مزدهرة جدًّا وعامرة بالخيرات، وبعدها توجه إلى كينيا وزار بعض مدنها ووصف ما في هذه المدن من الطراز الحديث والروعة في إنشاء وتخطيط المباني.
وقد أراد ابن بطوطة أن يُوظف لدى سلطان سلطنة دلهي محمد بن تغلق، وحتى يصل إلى دولة الهند، رحل أولًا إلى الأناضول في سنة 1332 قبل وصول الأتراك إلى الحكم.
وفي سنة 1334 ذهب إلى مدينة القسطنطينية المعروفة حاليًّا باسم إسطنبول.
بعد رحلة ابن بطوطة إلى القسطنطينية بدأ رحلته التي طال انتظارها لديه إلى الهند، حيث قام بسلوك الجبال الواعرة، ووصل أخيرًا إلى دلهي، وقدم نفسه للسلطان هناك.
وقد عيَّنه السلطان محمد بن تغلق قاضيًا بين الناس وخبيرًا في الشريعة، غير أنه شعر بخيبة الأمل رغم ذلك من الوضع الذي رآه في الهند، وقد عمل هناك مدة ست سنين.
وفي أثناء إقامته بالهند عرض عليه السلطان محمد بن تغلق أن يذهب سفيرًا إلى الصين، وقد وافق ابن بطوطة على الفور؛ لما سيمثل له ذلك من زيارة بلدان جديدة وأناس مختلفين وعادات وتقاليد مختلفة، فقد كان ابن بطوطة ولعًا بهذه الأسفار والرحلات التي قضى فيها عمره وحياته جميعها.
وآخر رحلات ابن كانت السودان وإسبانيا، وروايات ابن بطوطة عن إفريقيا تُعَد من أفضل الروايات والمصادر المعتمدة عن قارة إفريقيا في ذلك التوقيت، وفي العام 1353 رحل ابن بطوطة إلى وطنه الأصلي المغرب، وأصبح متوليًا للقضاء هناك، كما أنه تابع في كتابة ما رآه من مشاهداته، ومن المحتمل أنه بقي قاضيًا حتى وفاته.
انظر أيضًا: ابن بطوطة
سبب تسمية ابن بطوطة بهذا الاسم:
هناك عدة أقوال حول تسمية ابن بطوطة بهذا الاسم، فبعضهم يقول: إن ذلك الاسم إنما أُخِذ من اسم والدته التي تسمى فطومة، ثم حُرِّف الاسم بعدها ليصبح بطوطة، وظل هذا الاسم هو لقبه طوال حياته.
وبعض المؤرخين يذكر أن هذا الاسم إنما هو جزء أصيل من اسم عائلته التي ينتمي إليها، فاسمه بالكامل هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي الطنجي بن بطوطة بن حميد الغازي بن القريش العلي.
وبعض المؤرخين يذكر أنه لا يوجد شخص في عائلته يسمى باسم بطوطة أبدًا.
وبعضهم يذكر أن إحدى جداته كانت تُدعى فاطمة، ومن المنتشر في بلاد المغرب أنهم كانوا يحرفون فاطمة إلى بطوطة من باب المداعبة؛ لهذا كان لقبه ابن بطوطة.
بعض البلاد التي كان لابن بطوطة زيارات لها:
زار ابن بطوطة وطاف بالعديد من البلدان كما ذكرنا آنفًا، وبلغت رحلته تلك حوالي 120 ألف كيلو متر، وكانت رحلته الطويلة تلك في حوال 44 دولة حول العالم.
ومن هذه الدول التي زارها هذا الرحالة:
المغرب، وقد زار في المغرب العديد من المدن منها: فاس وطنجة وشفشاون.
والجزائر، وقد زار فيها العديد من المدن منها بجاية ومليانة وتلمسان.
وتونس وقد زار فيها العديد من المدن، منها صفاقس وقابس وسوسة.
ومصر وقد زار فيها العديد من المدن منها دمياط ودمنهور والإسكندرية وسمنود والقاهرة، وزار صعيد مصر ومدنه.
ليبيا وقد زار فيها مدينة طرابلس المعروفة.
الصومال وزار فيها مدينة مقديشو وذكر العديد عن عمرانها ومبانيها الفخمة وحضارتها العظيمة.
زار الصين وعمل سفيرًا لدى حاكم الهند محمد بن تُغلق وقتها.
زار العديد من البلدان في القارة الأسيوية وفي أوربا.
باختصار كانت رحلاته متنوعة شاملة لأكثر دول العالم رقيًّا وتقدمًا في هذا التوقيت، فكانت رحلاته بمثابة تأريخ لهذه الحقبة التاريخ المهمة التي أمدنا فيها بالعديد من المعلومات حول طبيعة هذه البلاد وطبيعة مدنها وطبيعة حضارتها وكيف هو حال سكانها وما يأكلون وما يشربون وما يتناقلون من علوم ومعارف وتقدم وازدهار.
انظر كذلك: الجاحظ
قيمة ابن بطوطة التاريخية:
حظيت رحلات ابن بطوطة حول كل هذا العدد من الدول بقيمة تاريخية كبيرة لا يقدر أحد أن يغفلها عنه أبدًا، وقد التقى ابن بطوطة بالعديد من حكام هذا الوقت، بما لا يقل عن ستين حاكمًا ورئيسًا وواليًا وأميرًا.
وكتابه المصنف تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار فيه وصف شامل لحياة تلك المجتمعات التي زارها واختلط بها وتكلم مع أهلها وباشر فيها بعض الأعمال التي كُلِّف بها.
ولابن بطوطة كتاب آخر حول جزر المالديف وشرق إفريقيا والهند وآسيا، وهو كتاب مهم ومصدر هام للتأريخ في هذه الحقبة لهذه البلاد.
وعند المقارنة بين الرحلات التي قام بها ابن بطوطة والرحلات التي قام بها ماركو بولو؛ وُجِدَ أن بطوطة كان شخصًا اجتماعيًّا ومثقفًا وخبيرًا بأحوال الناس أكثر من مارك بولو، فقد كان مارك بولو تاجرًا غير متعلم؛ لذلك كان تميز ابن بطوطة وتفوقه عليه بأنه كان يتعلم الكثير من العلوم وعنده العديد من المعارف.
الحياة الشخصية لابن بطوطة:
لا تذكر المصادر العديد من الأمور حول حياة ابن بطوطة الشخصية، فلا نكاد نعرف عنه إلا ما دوَّنه في كتابه المعروف بتحفة النُّظَّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ويُسمى اختصارًا رحلة ابن بطوطة، ومن هذا الكتاب نعرف أنه تزوج من أميرة في العائلة الحاكمة بجزر المالديف، حيث كان في هذا الوقت يعمل قاضيًا هناك.
وفاته:
وفاته هي مسألة خلاف بين المؤرخين ولكنها تقع بين سنتي: 1368م و1369م، ولا يُعرف سبب وفاته بالتحديد.
ويُعتبر كتابه المعروف بتحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار وهو نتاج 30 سنة من الرحلات والأسفار، يُعَد هذا الكتاب هو أهم أعماله وأفضلها على الإطلاق، حيث قدم لنا رواية عظيمة لرحلاته في العديد من بلدان العالم الإسلامي في هذا التوقيت، فوفر لنا مصدرًا هامًّا وثريًّا لمعرفة أخبار هذه البلاد في هذا الوقت وأخبار وأحوال أهلها وكيف كانوا يعيشون والطرز المعمارية التي كانت موجودة في ذلك الوقت وأشكالها، كل ذلك يصفه لنا ابن بطوطة في كتاب رحلاته هذا.
كان هذا ختام موضوعنا حول ابن بطوطة رحالة العالم، قدمنا خلال هذه المقالة وصفًا دقيقًا لحياة ابن بطوطة ورحلاته حول العالم ونبذة عن كتبه وحياته ومولده وأسماء البلاد التي زارها وحط رحاله فيها، وكيف كان يتعامل مع الملوك والحكام والناس، فقد كان هذا الرجل اجتماعيًّا من الطراز الأول، حيث وفرت لها رحلاته تلك وأسفاره هذه أن يكون صاحب عقل يسع الجميع ويعرف ما عند الجميع ويتحسس ما لديهم.