محتوي الموضوع
النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم ولا فخر، وهو الذي اصطفاه الله تعالى واختاره لرسالته ليكون نبي آخر الزمان مبعوثًا للعالمين الإنس والجن، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين، به صلى الله عليه وسلم تُختم الرسالة السماوية، ويصير دينه هو الدين الذي ينسخ كل الأديان السابقة، ويبقى الإسلام هو الدين الذي يُطالَب به جميع العباد حتى قيام الساعة.
ونحن في هذا الموضوع اسم الرسول كاملًا صلى الله عليه وسلم وملامح من سيرته الشريفة، نتعرض إلى ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم، وذكر ما صح من ذلك، ونُتبع هذا بذكر ملامح من سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، تلك السيرة الهادية التي اهتدت بها الأمة من بعده، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينتهجون سيرته صلى الله عليه وسلم بخير انتهاج، وألا ندع أمرًا من أوامره إلا ونحن مذعنون لتنفيذه، ولا نهيًا من نواهيه إلا ونحن مجتنبون له.
انظر أيضًا: هل تعلم أن عن الرسول
اسم الرسول وملامح من سيرته الشريفة:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
إلى عدنان ينتهي نسب النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح المعروف الثابت، وما فوق اسم عدنان فهو مما فيه خلاف، ولا يوجد خلاف أن عدنان هو من ولد نبي الله إسماعيل الذبيح، وهذا هو الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
يقول ابن القيم في نسب الرسول صلى الله عليه وسلم: وهو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيله، وأشرف الأفخاذ فخذه.
تواضع النبي صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنع صحابته الكرام من أن يقوموا له؛ وما ذلك إلا من شدة التواضع التي كان يتحلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصاً ، فقمنا له ، قال 🙁 لا تقوموا كما يقوم الأعاجم ، يعظِّم بعضهم بعضاً) رواه أحمد وأبو داود.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحب أن يتمثَّل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار. رواه أحمد والترمذي و أبو داوود.
وقد كان خلقه التواضع فكان طبعًا مجبولًا عليه صلى الله عليه وسلم لا شيئًا دخيلًا عليه، فكان يتواضع في كل أموره وفي حياته جميعًا، وكان صلى الله عليه وسلم يقول (إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) رواه ابن حبان.
قال أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف ) رواه الترمذي.
وفي سنن الإمام ابن ماجه من حديث قيس بن أبي حازم: أن رجلاً أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه فأخذته رعدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هوّن عليك فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد).
والقديد كما هو معلوم هو اللحم المجفف، وهذا من تمام التواضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش عليه ويراه عليه جميع الناس.
انظر أيضًا: هل تعلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم
صبره صلى الله عليه وسلم:
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: (قلت يا رسول الله: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، فيُبْتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) رواه أحمد.
وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بصور الصبر وقوة التحمل والجَلَد الذي كان يتحلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي لم يكن يطيقه أحد أبدًا إلا أن الله تعالى قد أعطى نبيه من قوة التحمل ورباطة الجأش ما لم يُعطِ أحدًا من أصحابه رضوان الله تعالى عليهم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (ميقات أهل نجد)، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، ولقد أرسل إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال وسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟ إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين (الجبلين)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) رواه البخاري.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذه بردائه جبذه شديدة حتّى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثّرت بها حاشية البرد من شدّة جبذته، ثمّ قال: يا محمّد مُرْ لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ ضحك، ثمّ أمر له بعطاء) رواه البخاري.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك (يتألم من الحمى)، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل (نعم)، إني أُوعك كما يوعك رَجُلان منكم، فقلت: ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل، ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله بها سيئاته كما تحط (تسقط) الشجرة ورقها) رواه البخاري.
انظر أيضًا: عدد زوجات الرسول
صبره صلى الله عليه وسلم على موت أحبابه:
وقد تُوُفِّي عمه أبو طالب الذي كان يحميه من بطش قريش وكان يأمل في أن يُسلم قبل موته، ولكنه مات على ملة الكفر، وكذلك ماتت زوجته الصابرة خديجة رضي الله تعالى عنها والتي كانت من أشد أعوانه، وكذلك قُتِلَ عمه الحبيب حمزة بن عبد المطلب، وقد كان من أحب الناس إليه، ومات جميع أبنائه صلى الله عليه وسلم في حياته إلا فاطمة رضي الله تعالى عنها، ومع ذلك كان يصبر ويحتسب وهو في تمام الرضا والاطمئنان بقدر الله تعالى، وقد أُثِرَ عنه صلى الله عليه وسلم في وفاة ابنه إبراهيم قوله: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) رواه البخاري.
صبره صلى الله عليه وسلم على شدة الحياة والفقر:
عن عروة رضي الله عنه أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تقول: (والله يا ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال – ثلاثة أهِلَّة في شهريْن – وما أُوقِد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال: قلتُ: يا خالة، فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقيناه) رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم قالت: (إن كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهرًا ما نستوقد بنار، إنْ هو إلا التمر والماء). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قُبِض (مات)) رواه البخاري.
كان هذا ختام موضوعنا حول اسم الرسول كاملًا صلى الله عليه وسلم وملامح من سيرته الشريفة، قدمنا خلال هذه المقالة اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم، وبينا أن الصحيح الثابت من نسبه الشريف يصل إلى عدنان وما بعد عدنان فمختلف فيه اختلافًا شديدًا، وكذلك ذكرنا بعض الملامح من سيرته الطيبة صلى الله عليه وسلم، تلك السيرة العظيمة التي اهتدت بها أجيال المؤمنين من بعده، فانطلق الإسلام ينتشر في ربوع الأرض في مدة يسيرة جدًّا من عمر الزمن.