محتوي الموضوع
الحياة تجربة فريدة حيث أنها قد تختلف من شخص لأخر تبعا لمعتقداته وقناعاته الشخصية، فهناك شخص يحيا بالتفاؤل ويحارب كل شيء يحاول أن يفسد عليه متعة حياته.. وهناك شخص أخر ينظر للحياة بنظرة حكيم متعقل لمختلف الأمور يشاهد ويحلل، وأخر يلهو فقط ولا يلقي بالاً باي شيء آخر… وهناك من ينظر بسوداوية وتشاؤم… فهكذا الحياة تختلف من فرد لأخر تبعا لرؤيته.. وعليك أنت أيضًا أن تحدد نظرتك للحياة وتضع نظرية وحدك من صنعها حتى تحيا كما تريد وتستطيع أن كون ملهم لغيرك، تمامًا كما فعل شعرائنا الذين سنورد أشعارهم في هذا المقال، فإننا سنعرض ثلاث قصائد مختلفة لثلاثة من فطاحل شعراء العرب ،كل منهم عبر بمفهومه عن الحياة في باقة من اجمل أشعار عن الحياة .
المتنبي
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها
وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً
أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي
شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما
أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني
هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً
وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ
ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ
أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ
أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً
أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ
عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ
مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
لا في الرِحالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ
أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ
عمرو الباهلي
بانَ الشَبابُ وَأَفنى ضِعفَهُ العُمُرُ
لِلَهِ دَرُكَ أَيَّ العَيشِ تَنتَظِرُ
هَل أَنتَ طالِبُ وِترٍ لَستَ مُدرِكَهُ
أَم هَل لِقَلبِكَ عَن أُلّافِهِ وَطَرُ
أَم كُنتَ تَعرِفُ آياتِ فَقَد جَعَلَت
أَطلالُ إِلفِكَ بِالوَدكاءِ تَعتَذِرُ
أَم لا تَزالُ تُرَجّي عيشَةً أُنُفاً
لَم تُرجَ قَبلُ وَلَم يُكتَب بِها زُبُرُ
يَلحى عَلى ذاكَ أَصحابي فَقُلتُ لَهُم
ذاكُم زَمانٌ وَهَذا بَعدَهُ عُصُرُ
مَن لِنواعِجِ تَنزو في أَزِمَّتِها
أَم لِتَنائي حُمولُ الحَيِّ قَد بَكَروا
كَأَنَّها بِنَقا العَزّافِ طاوِيَةٌ
لَمّا اِنطَوى بَطنُها وَاِخرَوَّطَ السَفَرُ
مارِيَّةٌ لُؤلُؤانُ اللَونِ أَوَّدَها
طَلٌّ وَبَنَّسَ عَنها فَرقَدٌ خَصِرُ
ظَلَّت تُماحِلُ عَنهُ عَسعَساً لِحَماً
يَغشى الضَرّاءَ خَفِيّاً دونَهُ النَظَرُ
تُربي لَهُ وَهوَ مَسرورٌ بِغَفلَتِها
طَوراً وَطَوراً تَسَنّاهُ فَتَعتَكِرُ
في يَومِ طَلٍّ وَأَشباهٍ وَضافِيَةٍ
شَهبا وَثَلجٍ وَقَطرٍ وَقعُهث دِرَرُ
حَتّى تَناهى بِهِ غَيثٌ وَلَجَّ بِها
بَهوٌ تَلاقَت بِهِ الآرامُ وَالبَقَرُ
طافَت وَسافَت قَليلاً حَولَ مَرتَعِهِ
حَتّى اِنقَضى مِن تَوالي إِلفِها الوَطَرُ
فَلَم تَجِد في سَوادِ اللَيلِ رائِحَةً
إِلّا سَماحيقَ مِمّا أَحرَزَ العَفَرُ
ثُمَّ اِرعَوَت في سَوادِ اللَيلِ وَاِدَّكَرَت
وَقَد تَمَزَّعَ صادٍ لَحمُهُ دَفِرُ
شعر المقنع الكندي
وَلا تَجعَل الأَرضَ العَريضَ مَحلُّها
عَلَيكَ سَبيلاً وَعَثَةَ المُتَنَقَّل
وَإِن خِفتَ مِن دارٍ هَواناً فَوَلِّها
سِواكَ وَعن دارِ الأَذى فَتَحَوَّلِ
ولا تك ممَّن يُغلقُ الباب دونه
عليه بمغلاق من العجز مقفل
وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ
فَفي صالِح الأَعمالِ نَفسكَ فَاِجعَلِ
وبهذا نكون وصلنا إلي ختام مقالنا عن أشعار الحياة.. وقد أوردنا بالمقال قصائد شعرية لكل من المتنبي، وعمرو الباهلي والمقنع الكندي، وبالتمعن في القصائد نجد أن كل قصيدة تعبر عن مدرسة شعرية فريدة ومتميزة.. عبر فيها عن رؤيته للحياة وخلاصة خبراته فيها ..وندعوك أنت الأخر أن تعيش تجربتك الفريدة بنفسك وتعطي من حولك من خبراتك ،فالحياة تصبح جنة بمشاركة من نحب تفاصيلنا، ومشاعر الفرح تزداد كلما زادت الأحبة، والحزن ينقص ويقل إذا وجدت من يتقاسمه معك فلا تحيا وحيدًا، فالوحد موت بالبطئ بل اجعل من نفسك أيقونة يتمنى الجميع أن يصبح مثلها كن بمثابة نبراس ينير الطريق للسائرين كي يهتدوا ولا تضل خطاهم، وفي الختام لكم منا كل السلام ونتمنى أن تنال المقال إعجابكم .