الزواج في الإسلام والديانات الأخرى
نقدم لكم هذه المقالة من موقع احلم بعنوان الزواج في الإسلام والديانات الأخرى، حيث يعتبر الزواج واحدة من المنظومات الاجتماعية التي تمثل أهمية كبرى في بناء المجتمعات السوية، تلك المجتمعات التي يمكن أن تنشأ عنها أمم متماسكة ومتقدمة ومتطورة، فالزواج هو أداة إنشاء الأسر، فالأسرة هى وحدة بناء المجتمع، لذا فكلما كان نظام الزواج وأسسه سليمة استطعنا إنشاء أو تكوين مجتمعات فاضلة.
مفهوم الزواج:
يعبر الزواج كمصطلح لغوي عن الاقتران, أي الارتباط بين طرفين متمثلان في الرجل والمرأة، بينما يعبر الزواج بمفهومة الاجتماعي العام عن الاتفاق بين طرفي الزواج على العيش معًا، على أن تتم هذه المعايشة بناء على شروط وضوابط موضوعة إما بناءًا على بنود القانون أو بنود التشريع الديني أو الأعراف السائدة في المجتمع.
يمثل الزواج في الإسلام معاني تتسم بالرقي حتى أن الخالق عز وجل عبر عن الزواج بمعنى في منتهى السمو والمودة والرقة والتراحم “وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، حتى معاملة الأزواج فيما بينهم جاءت في القرآن وأوضحها بشكل لا جدال فيه “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف” وغيرها من المواضع التي تحدد شكل العلاقة بين الأزواج من منظور إسلامي كلها توضح مدى اهتمام الإسلام بهذه المنظومة واهتمامه بأن يتم بناؤها بشكل سليم.
يجب عند النظر إلى الزواج النظر إليه بمنظور واسع، إذ أن كل فرد أو مجموعة تنظر إلى الزواج من زاوية أو منظور يرضي تفكيرها أو حاجتها وهو ما يؤثر بشكل ملحوظ على تكوين وحدة بناء المجتمع, لذا فإن الزواج حتى يكون متزنًا كمنظومة اجتماعية يجب النظر إليه من عدة جوانب يقوم على تلبيتها أو تحقيقها وتتمثل في:
- الناحية البيولوجية, إذ يمثل الزواج المنفذ الشرعي المقبول لإشباع الحاجات الجسدية إلى جانب الإنجاب.
- دينيًا، الزواج هو سنة الله في الأرض فهو الوسيلة للتكاثر و إعمار الأرض في إطار أخلاقي وشرعي.
- قانونيًا، فالزواج عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تعمل على المحافظة على الأسرة التي تمثل وحدة بناء المجتمعات.
- نفسيًا، فالزواج عبارة من مجموعة من التفاعلات بين الرجل والمرأة في محأولة للوصول إلى إشباع الحاجات النفسية مما يساعد على الوصول بالطرفين إلى الإحساس بالسعادة.
- اجتماعيا، كما نعرف جميعًا فإن الزواج هو وسيلة بناء الأسرة التي تمثل وحدة بناء المجتمع الذي يتكون من هذه الأسر، التي تعيش في نوع من التفاعل المتبادل مما يعمل على إنشاء الحضارات و تطورها على مر العصور.
كيف نختار:
يجب أن تتم عملية اختيار الزوج أو الزوجة على أسس سليمة، فكلما كان البنيان ذو أثاث سليم كان قويًا، لذا يجب على كلا الطرفين بناء اختياره على أسس سليمة يمكن إجمالها في:
- الدين: فالتحلي بالدين الحق يسمو بالإنسان و يرقى بأخلاقه، و طريقته في التعامل و مختلف مناحي حياته وشخصيته.
- الأصل الطيب: عند النظر إلى بني البشر فكم سنجد من اختلافات في المواصفات الشكلية مما يفتح مجالًا كبيرًا لللاختيار لو كان وفقًا للشكل، إلا أن الاختيار يجب أن يتم وفقًا للأصل, و هنا لا يقصد بالأصل الطيب العائلات المعروفة أو المشهورة، إنما يقصد طبيعة الشخص نفسه ويعتبر أصدق توصيف أو تعريف لهذا المعنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا”، وهذا الأصل هو صفات في طبيعة الإنسان خلق بها.
- الحب: وراعي هنا أن تفهم ما المقصود بالحب, إذا يقصد به الاطمئنان عند الرؤية في إطار شرعي محكم أو يمكننا أن نطلق عليه الراحة أو الميل الفطري, أما الحب بمفهومة الواسع والذي لا يتأتى إلا بالعشرة فهو ما يأتي بعد الزواج والمعيشة والتعامل بين الأزواج.
- القدرة المادية على تحمل أعباء الأسرة، فها هو رسولنا الكريم يخبرنا عن هذا الشرط إذ يقول”يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج”.
- الأخلاق: تأتي الأخلاق كناتج من صفتين الأصل الطيب و التدين الحق، فاجتماع الصفتين معًا ينتجان إنسان ذو خلق راقي.
- الجمال: من المعروف أن الجمال نسبي أو وجهات نظر كما يقال, و هنا يقول الرسول صلى الله عليه و سلم “إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل”.
- الحسب و الشرف: و يجب أن يراعى هنا أن يقترن هذا الحسب بالأصل الطيب و الدين فهذا الأساس دون هذين لا قيمة له.
- التقارب والإنسجام، سواء في المستوى المادي أو العمر أو المستوى الثقافي والاجتماعي.
شروط الزواج:
لكل نظام شروطه والزواج يحتاج إلى الشروط التالية:
- عقد الزواج, الذي يجب أن لا يكون محدد بمدة معينة فالغرض من الزواج الاستقرار وتكوين الأسرة والإنجاب.
- الحلال أو عدم وجود مانع للزواج, ويقصد بذلك أن تكون الزوجة و الزوج حلًا لبعضهما البعض.
- الأهلية، إذ يجب أن يكون كلا الطرفين مناسب للزواج وأن يكون كلا منهما معروف للآخر.
- الولي، حيث يجب أن يكون للعروس ولي على أن يكون هذا الولي ذو أهلية.
- الشهود، إذ يجب أن يكون هناك شاهدان على عقد الزواج ويكونا ذوي أهلية.
- الرضا، إذ يجب أن يكون الزواج بموافقة الطرفين دون جبر أو إكراه.
الزواج في الديانات الأخرى:
- جاءت كل الأديان بتشريعات للزواج وكلها تستحث الشباب على الزواج وإن اختلفت في تفاصيلها سواء الديانات السماوية أو العقائد الوثنية, فمثلًا في المسيحة قالوا في الإنجيل عن الزواج ” أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ… أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضاً الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا… كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ… فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هَكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَ”, إلا أن المسيحية لا تبيح التعدد و تضيق على مسألة الطلاق بشكل أشبه بتحريمه.
- نجد في اليهودية كذلك الحث على الزواج وفي سن مبكرة إلا أنهم يلتزمون ببعض القواعد وإن كانت حدتها قلت في تلك الأيام مثل الزواج من داخل الطائفة, الإنجاب بكثرة, لا توجد حرية للفتاة في إختيار الزوج، إذ يمكن إجبارها في حال عدم الرضا و لن يخالف هذا تعاليمهم.
خففوا على أولادكم و بناتكم أيها الأهل حتى تستطيعوا إحصانهم و حمايتهم من الوقوع في المعاصي, فكم لاحظنا في تلك الايام كثرة الزنا بسبب تأخر سن الزواج الناتج عن المغالاة في طلبات الأهل أو حتى من جانب الفتاة أو من جانب الشباب الذين يبحثون عن صورة مما يرونه على الشاشات, كونوا وسطًا فأنتم أمة وسطًا.