العمرة وأحكامها وفضلها ووقتها وكيفيتها
مقدمة:
فرضت العمرة في السنة التاسعة بعد هجرة النبي صل الله عليه وسلم للمدينة المنورة، ويصح الاعتمار طوال أشهر السنة ما عدا أيام الحج، وقد اعتمر النبي صل الله عليه وسلم أربع مرات حيث روى أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اعتمَر أربعَ عُمَرٍ كلُّهنَّ في ذي القَعدِة: عُمرةُ الحُديبيةِ في ذي القَعدةِ، وعُمرةٌ مِن العامِ المقبِلِ في ذي القَعدةِ، وعمرةٌ مِن الجِعْرانةِ حينَ قسَم غنائمَ حُنينٍ في ذي القَعدةِ، وعمرةٌ مع حَجَّتِه).
التعريف لغة وشرعا:
العمرة لغة من الاعتمار أي القصد والزيارة، وفي الشرع هي زيارة بيت الله الحرام في مكة المكرمة من أجل تأدية أفعال خاصة كالطواف وغيرها من المناسك لكن دون الوقوف بعرفة.
حكم العمرة:
اختلف الفقهاء في حكم العمرة على أراء،
- منهم من قال أنها واجبة وذلك عن الحنابلة و الشافعية وبعض أهل الحديث، ودليلهم قوله تعالى ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ و ما رواه أهل السُّنن وغيرهم عن أبي رزين العقيلي – وافد بني المُنتفِق – أنَّه أتى النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: إنَّ أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحجَّ ولا العُمرة، فقال: (حجَّ عن أبيك واعتَمِرْ) ؛ صحَّحَه الترمذي، وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العُمرة حديثًا أجوَدَ من هذا، ولا أصحَّ منه، وفي حديث أخر عن رسول الله صل الله عليه وسلم (وتحج البيت وتعتمر).
- والقول الثاني أنها سنة وهذا عن الأحناف والمالكية ورواية أخري عن أحمد والشافعي، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمة وأكثر أهل العلم، ودليلهم قوله صل الله عليه وسلم(بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام) وحديث جابر – رضِي الله عنه – مرفوعًا: سُئِل – يعني: النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – – عن العُمرة: أواجبةٌ هي؟ قال: (لا، وأن تعتَمِرَ خيرٌ لك)؛ صحَّحه الترمذي، واحتجوا أن الله في القران الكريم فرض الحج فقط قال تعالي ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، أما قوله تعالي ( وأتموا الحج والعمرة لله) فهنا الواجب تمام الحج والعمرة وليس العمرة نفسها.
وأصح القولين عند أهل العلم أن العمرة سنة وليست فرضا، وأن من لم يعتمر فلا شيء عليه من أعتمر فله من الأجر والثواب ما الله به أعلم.
فضلها:
ورد كثير من الأحاديث ففي فضل العمرة منه ما ورد عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفّرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر “، رواه مسلم، وقد ثبت عنه أيضاً – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة “، متفق عليه، وقال صلّى الله عليه وسلّم في حديث أخر :” أديموا الحجّ والعمرة، فإنّهما ينفيان الفقر والذّنوب كما ينفي الكيرُ خبث الحديد “، أخرجه الترمذي، وما ورد في سنن ابن ماجة عن النبي محمد أنه قال: “الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم”.
وقتها:
ليس هناك وقت مخصص للعمر، أي أن كل أيام السنة تصح فيها العمرة سوي أيام الحج، ويجوز الاعتمار أكثر من مرة فش الشهر الواحدة لما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صل الله عليه وسلم – أعمرها من التَّنعيم، سوى عُمرتها التي كانت أهلَّت بها معه.
وورد عدة أحاديث في أفضل أوقات العمرة وهو شهر رمضان الكريم، ؛ لما صحَّ أنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أمَر أمَّ معقل – لما فاتَها الحج – أنْ تعتمر في رمضان، وأخبرها أنَّ: “عُمرة في رمضان تعدل حجَّة” ، وفي لفظ: ((معي))؛ أي: حجَّة مع النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم -، ومنه فضل العمرة في أشهر الحج لأن العمرة تعد حجا أصغر ؛ لأنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – اعتمر عُمَرَهُ كلَّها في أشهر الحج.
شروطها:
- الإسلام
- البلوغ
- العقل
- الحرية
- الاستطاعة
أركانها:
- الإحرام
- الطواف بالبيت
- السعي بين الصفا والمروة
واجباتها:
هناك عدة واجبات للعمر ومن تركها ففيه دم وواجبات العمرة هي:
- الإحرام من الميقات
- التجرد من المخيط للرجال
- الحلق أو التقصير للتحلل من الإحرام
كيفية أداء العمرة:
إذا وصل المعتمر إلى الميقات استحب الاغتسال وتقليم الأظافر للرجل والمرأة والتطيب في البدن دون ملابس الإحرام للرجل, ثم يتجرد الرجل من جميع الملابس المخيطة ويرتدي ملابس الإحرام ويكشف رأسه أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية، ثم ينوي أداء العمرة بقلبه ويتلفظ بلسانه لبيك اللهم عمرة، وإن خاف المعتمر عدم إكمال عمرته لعدو أو مرض سن له أن يقول ( فإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني ) لحديث ضباعه بنت الزبير رضي الله عنها أنها قالت: ( يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني ) متفق على صحته، ثم يلبي كما لبي النبي صل الله عليه وسلم : ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ) ويكثر من هذه التلبية، ومن ذكر الله سبحانه والدعاء، ثم يدخل المسجد الحرام برجله اليمني ويقول: ( بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ) مثل جميع المساجد الأخرى، ثم يشتغل بالتلبية حتى يصل إلى الكعبة .
ثم عند وصوله للكعبة يقطع التلبية ويقصد الحجر الأسود ويستقبله ويستلمه بيمينه ويقبله إن تيسر له ذلك ولا يزاحم الناس، فإن لم يستطع استلامه أو تقبيله يشاور إليه ويقول الله أكبر، ثم يجعل البيت الحرام على يساره ويبدأ بالطواف ويطوف به سبعة أشواط، ثم يصل خلف مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين إن تيسر له ذلك، ثم يقرأ فيهما بعد الفاتحة: { قل يا أيها الكافرون } في الركعة الأولى، و:{ قل هو الله أحد } في الركعة الثانية، هذا هو الأفضل، وإن قرأ بغيرهما فلا بأس.
ثم يذهب إلى الصفا والمروة فيبدأ بقوله تعالى ” إن الصفا والمروة من شعائر الله”، ثم يدعوا الله قائلا : ( لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو بما تيسر، رافعًا يديه، ويكرر هذا الذكر والدعاء (ثلاث مرات)، ثم يمشي فإذا وصل للعلم الأول يسرع الرجال بالمشي حتي يصل للعلم الثاني على عكس النساء يكملن سعيهن مشيا، ثم يذهب فيرتقي المروة ويفعل بها ما فعل على جبل الصفا، فإذا انتهي حلق المعتمر رأسه أو قصر والحلق أفضل.
رزقنا الله وإياكم زيارة بيته الحرام وصحبة الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.