إن الشورى في الدين الإسلامي إحدى الأسس الثابتة بالحكم ، وهي قائمة على أخذ آراء أهل الخبرة والمعرفة في كل المجالات التي بإمكانها أن تعمل على الارتقاء بالدولة والمجتمع على حد سواء ، من أجل تحسين معيشة الشعب ومستواهم الفكري والمادي والصحي ، كما أنها تقوم على أخذ الأفكار المتعددة وتتوصل لأفضل الطرق والحلول ، والتي تساعد على الرفع من شأن الدولة والأمة معاً.
إن الشورى هي أساس ثابت راسخ من أسس نظرية الحكم الموجودة في الإسلام ، وقد أنزل الله عز وجل سورةً كاملةً بالقرآن الكريم باسم الشورى ، وورد في القرآن أكثر من آية تتحدث عن الشورى ، ومنها ما جاء في قول الله عز وجل : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على الديمقراطية والفرق بينها وبين الشورى ، فتابعوا معنا.
تعريف الديمقراطية:
- إن كلمة الديمقراطية أصلها يوناني وهي مكونة من كلمتين ، الكلمة الأولى هي (ديموس) وتعني عامة الناس ، أما الكلمة الثانية فهي (كراتيا) وتعني الحكم ، وكلمة الديمقراطية معناها حكم الناس للناس ، أو حكم الشعب للشعب ، وهي فكرة نشأت بالغرب من أجل المطالبة بالعدل والحرية في ظل الاستبداد والجهل والظلم الذي كان سائد الغرب وقتها في العصور الوسطى.
للمزيد يمكنك قراءة : تاريخ الدولة الإسلامية
الفرق بين الشورى والديمقراطية:
إن المتفكر والناظر بكل من النظامين يجد بين الديمقراطية والشورى فرق كبير جداً ، ويظهر ذلك الفرق من خلال المجالات الآتية :
- المصدر : إن من الفروق الأساسية بين الشورى والديمقراطية الفرق بمصدر كلاً منهماً ، حيث إن الشورى تشريع إسلامي رباني ، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالشورى وذلك في القرآن الكريم ، أما الديمقراطية فهي مبدأ بشري المصدر ، حيث نشأ هذا النظام لمجابهة الظلم والاستبداد الذي كان يسود أوروبا بالعصور الوسطى ، فظهرت الديمقراطية والمطالبات بالحرية والعدل.
- الخبرة والتخصصية : وذلك فرق جوهري بين الديمقراطية والشورى ، حيث إن مبدأ الشورى قائم على أخذ رأي العقلاء من أهل الخبرة والتخصص والفهم بالمجالات المختلفة ، فيتم طرح الموضوع على أهل الاختصاص ممن لديهم دراية كافية بالموضوع المحدد كي يقدموا رأيهم فيه ، ويقومون بتناول الآراء المختلفة ويأخذون بالأنفع للأمة ، أما الديمقراطية فلا يوجد فيها اعتبار للمعرفة والخبرة ، بل الاعتبار هو للعدد ورأي الأغلبية بغض النظر عن كفاءة اختيارهم وصحته من عدمه ، المهم هو شيء واحد فقط ألا وهو رأي الأغلبية.
- المرجعية والارتباط : إن الشورى هي مبدأ شرعي إسلامي لا تحيد عنه ولا تتجاوز أحكامه بدعوة قلة أو كثرة ، فأهل الشورى لا يخرجون عن الإطار الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة نبيه ومقاصد الشريعة ، أما بالنسبة للديمقراطية فالمرجعية فيها والارتباط بالأكثرية ؛ الاعتبار كله للأغلبية وكثرة العدد ، فليس هناك ارتباط بشريعة ولا عقيدة ، ولا ضابط إلا رأي الأغلبية الذي قد يناقض ويتناقض بين الفينة والأخرى ، فربما يكون رأي الأغلبية اليوم كذا ، ولكن بعد ذلك يكون رأيه على النقيض تماماً وذلك لغياب المرجعية الدينية والأخلاقية ، والارتباط الوحيد هو رأي الأغلبية الذي قد يتحكم به فساد سياسي ومالي ، أو حتى الأمزجة المختلفة لرأي العامة الغوغائية غير المنضبطة بخبرة أو معرفة.
للمزيد يمكنك قراءة : معلومات عن القرآن الكريم
أهمية الشورى:
- إن للشورى أهمية كبيرة وعظيمة جداً بحياة كل الشعوب والأمم ، حيث إن أي أمة تنشد الصلاح والخير والنجاح والفلاح ، وتبحث عن المساواة والعدالة والعزة والكرامة والألفة ، كل دولة تريد أن تنعم بالأمن وبالأمان ، وبالاستقرار والرخاء والطمأنينة ، وتود منع الظلم وتريد الوقاية منه وتمنع التسلط والاستبداد والقهر ، فيجب أن تكون الشورى سمة أساسية عند تلك الأمة ومنهاج حياة لها.
- وذلك لأن بترسخ مبدأ الشورى تكتشف الحقائق ، ويتضح الزيف والعمى ، ويظهر الصواب وتصح الرؤى ، وتتعاضد الجهود ، وتتوزع المسئوليات ، ويقوي عضد المجتمع وشوكته ، وليس هذا إلا لأن الشورى تبعث عوامل القوة والألفة والمودة والمنعة والتراص والحب بين أبناء الأمة والمجتمع.
للمزيد يمكنك قراءة : خصائص الديمقراطية