محتوي الموضوع
إن العصر العباسي يعتبر حقاً عصر النهضة الأدبية بنوعيها النثرية والشعرية ، ولعل هذا يرجع للعديد من العوامل الثقافية والسياسية التي تميز بها هذا العصر عن غيره من العصور ، فقد اتسعت رقعة الدولة الإسلامية في ذلك التوقيت واختلطت الشعوب وتعددت الثقافات ، كما أولى خلفاء الدولة العباسية الأدباء وخصوصاً الشعراء منهم اهتمام كبير ، وذلك الأمر قد دفع العديد من الشعراء لاتخاذ قصور الخلافة مغنم لهم ، حتى بلغ الأمر بمعظمهم من التكسب بشعرهم والتقرب من الخلفاء به ، وفي هذا الوقت قد بلغ شعر المدح ذروته ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على أهم شعراء العصر العباسي وسنذكر مقتطفات من أشعارهم ؛ فتابعوا معنا.
المتنبي:
إنه أبو أحمد بن الحسين الجعفي ، يعتبر أحد أشهر شعراء العصر العباسي ، وقد ولد في العراق بمدينة الكوفة في العام ثلاثمائة وثلاثة هجرياً ، وقد كان متوقد الذكاء واسع الحيلة ، ويقول البعض أنه سمي بالمتنبي نظراً لأنه ادعى النبوة ، فقام أمير حمص بحبسه حتى تاب ورجع ، ولزم المتنبي سيف الدولة الحمداني أمير حلب وقام بمدحه في العديد من قصائده ، فمما قاله المتنبي في سيف الدولة الحمداني :
- ألا ما لسَيفِ الدّوْلَةِ اليَوْمَ عَاتِبَا
- فَداهُ الوَرَى أمضَى السّيُوفِ مَضَارِبَا
- وما لي إذا ما اشتَقْتُ أبصَرْتُ دونَهُ
- تَنَائِفَ لا أشْتَاقُها وَسَبَاسِبَا
- وَقد كانَ يُدْني مَجلِسِي من سَمائِهِ
- أُحادِثُ فيها بَدْرَهَا وَالكَوَاكِبَا
- حَنَانَيْكَ مَسْؤولاً وَلَبّيْكَ داعياً
- وَحَسبيَ مَوْهُوباً وحَسبُكَ وَاهِبَا
- أهذا جَزاءُ الصّدْقِ إنْ كنتُ صادقاً
- أهذا جَزاءُ الكِذبِ إنْ كنتُ كاذِبَا
- وَإنْ كانَ ذَنْبي كلَّ ذَنْبٍ فإنّهُ
- مَحا الذّنْبَ كلَّ المَحوِ مَن جاءَ تائِبَا
للمزيد يمكنك قراءة : اشهر قصائد المتنبي في الحكمة
البحتري:
اسمه أبو عبادة الوليد بن عبيد الله ، واحد من أشهر شعراء العصر العباسي ، يعود نسبه لبني طيء ، ولقب بالبحتري نتيجة لقصر قامته ، ولد بمنبج في العام مائتين وستة هجرياً ، وقد عاش فيها واكتسب منها الفصاحة والبلاغة وتأصلت فيه ملكة الإعراب ، وقد حفظ البحتري القرآن في صغره واطلع على أشعار العرب ومآثرها ، ومن قصائد البحتري :
- شَوْقٌ إلَيكِ، تَفيضُ منهُ الأدمُعُ،
- وَجَوًى عَلَيكِ، تَضِيقُ منهُ الأضلعُ
- وَهَوًى تُجَدّدُهُ اللّيَالي، كُلّمَا
- قَدُمتْ، وتُرْجعُهُ السّنُونَ، فيرْجعُ
- إنّي، وما قَصَدَ الحَجيجُ، وَدونَهم
- خَرْقٌ تَخُبُّ بها الرّكابُ، وتُوضِعُ
- أُصْفيكِ أقصَى الوُدّ، غَيرَ مُقَلِّلٍ،
- إنْ كانَ أقصَى الوُدّ عندَكِ يَنفَعُ
- وأرَاكِ أحْسَنَ مَنْ أرَاهُ، وإنْ بَدا
- مِنكِ الصّدُودُ، وبَانَ وَصْلُكِ أجمعُ
- يَعتَادُني طَرَبي إلَيكِ، فَيَغْتَلي
- وَجْدي، وَيَدعوني هَوَاكِ، فأتْبَعُ
- كَلِفٌ بحُبّكِ، مُولَعٌ، وَيَسُرُّني
- أنّي امْرُؤٌ كَلِفٌ بحُبّكِ، مُولَعُ
- شَرَفاً بَني العَبّاسِ، إنّ أبَاكُمُ
- عَمُّ النّبيّ، وَعِيصُهُ المُتَفَرّعُ
أبو نواس:
وهو أحد أشهر شعراء العصر العباسي ، وكنيته أبو نواس ، وقد ولد بباستان ماتارد من كورة خوزستان ، وعليه فهو ليس عربياً ، بل شاعر مولد وقد انتقل من بلده لمدينة البصرة ونشأ وترعرع فيها ، وبعدها انتقل لمدينة بغداد ومكث فيها حتى توفي بعد مقتل هارون الرشيد رحمه الله ، وقد كان الشاعر سريع البديهة فطن فصيح عالم بالشعر وبضروبه ، ومن قصائده :
- ونَدْمانٍ يرى غَبَناً علَيْه
- بأنْ يُمسي، وليسَ له انتِشاءُ
- إذا نَبّهْتَهُ مِنْ نَوْمِ سُكْرٍ،
- كَفــاهُ مَرّة منك النّـداءُ
- فليسَ بقائلٍ لك : إيهِ دَعْني،
- وَلا مُسْتَخْبِرٍ لك: ما تَشاءُ؟
- ولكِنْ: سَقّني، ويقولُ أيضاً
- علَيكَ الصِّرْفَ إن أعياكَ ماءُ
- إذا ما أدركَتْهُ الظّهْرُ صَلّى
- و لا عَصْرٌ عليْهِ ولا عِشاءُ
- يُصلّي هذه في وقْت هذي،
- فكُلّ صلاتِه أبداً قَضَاءُ
- وذاكَ محمدٌ تَفديه نفسي،
- وحُقَّ لهُ، وقَلَّ لَهُ الفِـــــــداءُ
للمزيد يمكنك قراءة : شخصيات علمية من العصر العباسي
أبو العلاء المعري:
إنه أحمد بن عبد الله بن سليمان وكنيته (أبي العلاء المعري) ، فيلسوف وكاتب وشاعر يعتبر من أشهر شعراء العصر العباسي ، ولد في عام ثلاثمائة وثلاثة وستون هجرياً وتوفي في العام أربعمائة وتسعة وأربعون هجرياً ، وقد أصيب بالعمى في صغره نتيجة لإصابته بمرض الجدري ، ومن أشهر أشعاره :
- لا تفرَحنّ بفألٍ، إنْ سمعتَ به؛
- ولا تَطَيّرْ، إذا ما ناعِبٌ نعبا
- فالخطبُ أفظعُ من سرّاءَ تأمُلها؛
- والأمرُ أيسرُ من أن تُضْمِرَ الرُّعُبا
- إذا تفكّرتَ فكراً، لا يمازِجُهُ
- فسادُ عقلٍ صحيحٍ، هان ما صعبُا
- فاللُّبُّ إن صَحّ أعطى النفس فَترتها
- حتى تموت، وسمّى جِدّها لَعبِا
- وما الغواني الغوادي، في ملاعِبها
- إلاّ خيالاتُ وقتٍ، أشبهتْ لُعَبا
- زيادَةُ الجِسمِ عَنّتْ جسمَ حامله
- إلى التّرابِ، وزادت حافراً تَعَبا
للمزيد يمكنك قراءة : الدولة العباسية