هذه القصة قد وردت في الكثير من المؤلفات والكتب مع اختلافات بسيطة بالشخصيات ، كثمرات الأوراق ، والمستجاد من فعل الأجواد ، وغيرها من الأمور ، وتكمن العبرة من تلك القصة بأن فاعل الخير وصاحب المعروف لا يقع في المأزق ، ولو حصل ووقع في مأزق فسوف يجد من يساعده ويعينه ويقف بجواره ، لهذا سوف نتعرف في هذا المقال عن أحداث تلك القصة الشيقة والرائعة والمفيدة للكبار والصغار.
أبطال القصة :
- خزيمة بن بشر : وهو الكريم الممتحن.
- عكرمة الفياض : وهو جابر عثرات الكرام.
- زوجة عكرمة : وهي الغيورة الذكية.
محنة كريم:
- كان في وقت سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم رجل يدعى (خزيمة بن بشر) وهذا الرجل من بني أسد بالرقة ، وكانت يمتلك من المروءة والفضل والبر بإخوانه الكثير ، فلم يزل على حالته تلك إلا أصبح بحاجة لإخوانه الذي كان يتفضل عليهم ويودهم ، فما كان من إخوانه إلا أن واسوه وقتاً ومن ثم ملوه ، فلما ظهر له تغير إخوته ذهب لامرأته ، وكانت ابنة عمه ، فأخبرها : يا بنت العم ، قد رأيت من إخواني تغيراً ، وقد عزمت على لزوم منزلي إلى أن تُقبض روحي ، وأغلق الباب على نفسه وأقام يتفوت بما لديه ، حتى نفد وظل حائراً في شأنه.
للمزيد من القصص يمكنك قراءة : قصة حرب طروادة
نخوة شهم:
- وكان خزيمة من جلاس والي الجزيرة عكرمة الفياض الربعي وقد سمي بالفياض بسبب كثرة ما يفيض على إخوته من العطايا والأموال ، وفي ليلة من أحد الليالي كان عكرمة جالساً بمجلسه ، وكان عنده نفراً من أهل البلد ، فأتى ذكر خزيمة بمجلسهم ، فحينها قال الوالي مستفهما عن تغيبه الذي طال عن المجلس : ما حاله ؟ فأخبروه : صار من سوء الحال إلى أمر لا يمكننا وصفه ، فأغلق علي نفسه الباب ، ولزم المنزل ، فحينها قال عكرمة : فهل وجد خزيمة مواسياً أو مكافياً ؟ فأخبروه : لا ، فحينها توقف الوالي عن الكلام ، وعزم في نفسه على فعل أمراً ما.
- فلما أتى الليل عمد لأربعة آلاف دينار ، فوضعها بكيس واحد ، ومن ثم أمر بإسراج دابته ، وبعدها خرج سراً دون علم أهله ، فركب على الدابة ومعه غلام من غلمانه محملاً بالمال ، ثم ذهب لبيت خزيمة ، حتى إذا وقف ببابه ، أخذ الكيس من غلامه وأبعده عن الدار حتى لا يسمع ولا يرى ماذا سيحدث بينه وبين خزيمة.
- ثم تقدم الوالي للباب فدفعه بنفسه ، فخرج له خزيمة ، ودون أن يتحدث أعطاه المال ، وأخبره : أصلح بهذا المال حالك ، فأخذه خزيمة فوجده ثقيل ، فوضعه وبعدها أمسك لجام الدابة وأخبر الفياض وقال له : من أنت جعلت فداك ؟ فأخبره الفياض : ما جئتك تلك الساعة وأنا أريد أن تعرفني ، فأخبره خزيمة : فما أقبل أو تخبرني من تكون ؟ فقال : أنا جابر عثرات الكرام ، فقال خزيمة : زدني ، فقال : لا ، وذهب عكرمة.
- وبعدها دخل خزيمة لزوجته فأخبرها : أبشري فقد أتى الفرج والخير من عند الله ، ولو كان مالاً فهو كثير ، قومي فأسرجي ، فقالت زوجته : لا سبيل للسراج ، لم يتبق لديهم زيت كي يوقدوا السراج ، فحينها بات الليلة يلتمس الكيس ، فيلمس خشونة الدنانير وهو لا يصدق بأن ما بين يديه مال ، وأن الفرج قد أتى.
للمزيد من القصص يمكنك قراءة : قصة المتنبي مع سيف الدولة
غيرة لطيفة ولكن نتيجتها رائعة:
- وعاد عكرمة لبيته ، فوجد زوجته قد افتقدته ، وسألت عنه ؟ فقيل لها بأنه ركب وحده فخافت من أجله ، فلطمت خدها وشقت جيبها ، وهي تظن به الظنون ، فلما رآها عكرمة على تلك الحال أخبرها : ما دهاك يا بنت العم ؟ قالت له : غدرت يا عكرمة بابنة عمك ؟ فأخبرها : وما ذاك ؟ قالت الزوجة : أمير الجزيرة يخرج بعد هدأة من الليل وحده مع غلام فقط ، والله ما تخرج إلا لزوجة أو سرية.
- وهذا هو حال المرأة فإذا ما تحركت بها الغيرة أو أثير بها الشكوك بركان هادر مدمر ، فحينها أخبرها عكرمة : إن الله يعلم أني ما خرجت من المنزل إلى واحدة مما قلت ، فقالت : إذاً فأخبرني لما خرجت ؟ قال لها : يا امرأة لم أخرج في ذلك الوقت وأنا أريد أن يعلم أحد بي ، فقالت له : يجب أن تخبرني ، فقال لها : فاكتميه ، فقالت : سأفعل ، فقص عليها القصة ، وما حدث بينه وبين خزيمة ، ثم قال لها : اتريدين أن أحلف لك ؟ قالت له : لا ، فقلبي قد صدق ما قلت.
للمزيد من القصص يمكنك قراءة : قصص حب واقعية قصيرة