محتوي الموضوع
جهاز كشف الكذب أو ما يُعرف بالمخطط المتعدد هو جهاز يقيس ويقوم بتسجيل الكثير من المؤشرات الفيزيولوجية مثل النبض والتنفس وضغط الدم واستجابات الجلد الجلفانية خلال الأسئلة الموجهة لشخص ما وإجابته عنها، وفكرة هذا الجهاز تعتمد على أن الإجابات المضللة والكاذبة يحصل عندها استجابات فزيولوجية معينة من الممكن أن تميز عن تلك الإجابات الصحيحة وغير والمضللة، وبالرغم من ذلك لا توجد ردود محددة مرتبطة بصورة مباشرة بالكذب؛ الأمر الذي يجعل من الصعب تعيين العوامل التي تميز بين الكذب والصدق، كما أن الفاحصين يفضلون أن يسجلوا بصورة فردية تمكنهم من أن يدافعوا عن تقييماتهم.
ونحن في هذا الموضوع نتعرض إلى بعض المعلومات المهمة والخاصة بخصوص هذا الجهاز، والتي نأمل أن تكون مفيدة وجذابة للقارئ الكريم، ونعتمد على أن نهدف إلى الإلمام بأكثر جوانب الموضوع.
تمهيد:
- يُستعمل جهاز كشف الكذب في بعض البلاد كأداة لاستجواب المتهمين بارتكاب جريمة جنائية معينة، وكذلك للمرشحين لأن يشغلوا مناصب حساسة في الدولة في القطاعين العام والخاص على السواء، وتستعمل أجهزة إنفاذ القانون والوكالات التابعة للحكومة الاتحادية في أمريكا مثل مكتب التحقيقات الفدرالي والمخابرات الأمريكية والكثير من الدوائر الشرطية في البلاد.
- تستعمل الكثير من اختبارات كشف الكذب لكي تستجوب المشتبه بهم ولكي تفحص المواطنين الجدد، ويشار إلى هذا النوع من فحص الكذب داخل الحكومة الأمريكية الفدراية باسم الفحص الفزيولوجي النفسي للكشف عن الكذب، ويبلغ متوسط التكلفة لإجراء الاختبار في أمريكا أكثر من سبع مئة دولار أمريكي، ويُعتبر جزءًا من صناعة يتم تقدير قيمتها ب2 مليار دولار.
بعض التقييمات الخاصة بجهاز كشف الكذب:
- تشير التقييمات الخاصة بجهاز كشف الكذب والتي تقوم بها الهيئات الحكومية والعلمية بصورة عامة إلى كون تلك الأجهزة الخاصة بكشف الكذب هي أجهزة غير دقيقة بصورة كاملة، وإلى أنه من الممكن التغلب على تلك الأجهزة بسهولة من خلال اتخاذ بعض التدابير والإجراءات المضادة.
- وتُعتبر بذلك وسيلة غير كافية بشكل دقيق لتقوم بعملية تقييم الصدق، فلم يجد المجلس القومي أي دليل على فعالية ذلك الجهاز الذي يفحص التغيرات الفزيولوجية ليقوم بعملية كشف الكذب، رغم أنه يتم الزعم بأن هذا الأجهزة دقيقة في نتائجها بصورة تبلغ 90 بالمئة، حيث تشير جمعية علم النفس الأمريكية إلى أنه أكثر علماء النفس يتفقون على عدم تواجد أي دلائل تُذكر على إمكان كشف جهاز المخطط المتعدد للكذب بصورة عالية.
تطوير الجهاز:
- تم تطوير اختبار أسئلة التحكم كذلك باسم اختبار الكذب المحتمل، الأمر الذي هدف من خلاله إلى التغلب على المشاكل التي تكشفت في طريقة الاستجواب من خلال أسئلة لها علاقة أو ليس لها علاقة، وبالرغم من استعمال الأسئلة في اختبار الكذب المحتمل بطريقة تهدف إلى الحصول على ردود أفعال معينة من الكاذبين.
- غير أنه من الممكن للتفاعلات الفزيولوجية التي تعمل على تمييز الكاذبين أن تظهر كذلك عند الأشخاص الأبرياء الذين يخافون من الكشف الزائف أو كذلك عند الأشخاص الأبرياء الذين يبالغون بالكشف عن عواطفهم عند الإجابة على أسئلة لها علاقة بارتباطهم بالجريمة؛ لذا قد يكون السبب من وراء ظهور الاستجابة بصورة رد فعل فزيولوجي مختلفًا، فقد أوضح الفحص الإضافي لاختبارات الكذب المحتمل أنه من الممكن كون ذلك الاختبار أن يتحيز ضد الأشخاص الأبرياء، حيث سيفشل هؤلاء الذين لا يقدرون على التفكير في كذبة ترتبط بالسؤال المطروح في الاختبار بصورة تلقائية.
الإجراءات الخاصة بعملية الفحص:
- حيث يقوم الفاحص في العامة بعدة جلسات اختبار جهاز كشف الكذب حيث يقوم بإجراء مقابلة ما قبل حصول الاختبار، تهدف تلك المقابلة على الحصول على بعض المعلومات الأولية التي يقوم الفاحص في العادة باستثمارها في وضعه للأسئلة التشخيصية، وبعد ذلك يقوم الفاحص بشرح كيفية عمل جهاز كشف الكذب، مع تأكيده على فكرة أنه من الممكن كشف الأكاذيب، وعلى أنه من المهم الجواب بصورة صادقة.
- وفي الغالب يُجرى بعد ذلك اختبار يُسمى اختبار التحفيز، حيث يُطلب من الشخص الكاذب بصورة عامدة، ثم يقوم المختبِر بأن يشرح له قدرة الجهاز على كشف الكذب، ويزداد قلق العديد من الأشخاص المذنبين غالبًا بعد أن يتم تذكيرهم بمدى قدرة الاختبار على اكتشاف الكذب.
- وبالرغم من ذلك فمن الممكن للعديد من الأشخاص الأبرياء أن يتساووا مع المجرمين الحقيقيين في القلق، بل ومن الممكن لبعض هؤلاء الأبرياء أن يُظهروا قلقًا أكثر من الآخرين.
- يبدأ بعد ذلك صورة الاختبار الفعلي، تكون بعض هذه الأسئلة التي يقومون بطرحها غير مهمة مثل السؤال عن اسم الشخص، فيما يكون بعضها الآخر بصورة تشخيصية، وبقية الأسئلة لها صلة بالموضوع، يقوم الفاحص بدراستها في أوقات لاحقة، تتناوب تلك الأنواع المختلفة من الأسئلة، حيث يجتاز الفرد الاختبارات في حال كانت استجابته الفزيولوجية على الأسئلة التشخيصية بصورة أكبر من تلك التي يكشفها عند الإجابة على الأسئلة ذات الصلة.
- حصل توجيه الكثير من الانتقادات لمدى مصداقية إدارة تقنية سؤال التحكم، ومن الممكن أن تكون تقنية هذا السؤال عرضة لأن تُجرى بصورة مماثلة للاستجواب، من طبيعة هذا النوع من أساليب الاستجواب أن يعمل على إثارة رد فعل مرتبك عند المشتبه بهم من المذنبين والأبرياء على السواء، وهناك الكثير من الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها طرح الأسئلة.
اختبارات اليابان:
- يُعد اختبار المعرفة بالذنب أو ما يُسمى باختبار المعلومات المخفية المستعمل في دولة اليابان من البدائل عن طريقة توجيه السؤال بأسلوب الاستجواب، حيث يمنع ذلك الاختبار الأخطاء المحتملة التي من الممكن أن تحصل نتيجة أسلوب الاستجواب، يحصل اختبار المعرفة بالذنب في العادة من خلال فاحص ليست له دراية بالجريمة التي تم ارتكابها أو بظروف تلك الجريمة.
- حيث يقوم المدبر باختبار ليعرف المشتبه به بالأمور التي تتعلق بالجريمة، والتي من غير الممكن لشخص بريء أن يعرفها، حيث يسأل الفاحص أسئلة تتعدد خياراتها، وترتبط نتيجة الاختبار بطريقة تفاعل المشتبه به مع الجواب الصحيح، ففي حال كانت ردود الفعل الفزيولوجية على المعلومات الصحيحة للجريمة المرتكبة أكبر من ردود الفعل الفزيولوجية على المعلومات الخاطئة، فيُحتمل بالنسبة لمؤيدي هذا الاختبار أن يكون المشتبه به على دراية بحقائق لها صلة بالقضية، ويرتأي مؤيدو اختبار كشف الكذب أن تلك الطريقة كافية أكثر من أسلوب الاستجواب؛ حيث إنها تشتمل على الكثير من الإجراءات التي تهدف إلى تجنب خطر تأثير المختبِر على نتيجة الفحص والاختبار.
الفعالية:
- رغم الجدل الكبير في المجتمع العلمي حول مدى فعالية جهاز كشف الكذب، تُشير العديد من التقييمات الخاصة بجهاز المخطط المتعدد والمنشورة من خلال هيئات علمية وحكومية إلى كونه جهازًا غير دقيق، وهناك إمكانية ليتم التغلب عليه من خلال إجراءات مضادة، وتعده من الوسائل غير الكاملة أو ليست بالصالحة لتقييم الصدق، وبالخصوص أشارت الدراسات إلى أن طريقة الاستجواب تلك من خلال الأسئلة التي لها صلة والتي ليست لها صلة ليس مثاليًّا، حيث يُظهر العديد من الأشخاص الأبرياء ردود فعل فزيولوجية غير معتادة على السؤال المتعلق بالجرائم.
- يقيس جهاز كشف الكذب مدى الإثارة التي من الممكن أن تتأثر بالقلب، ويقوم بقياس اضطرابات القلب مثل اضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى أنه يقيس مستويات الهلع والارتباك وانخفاض السكر في الدم، وكذلك الاختلالات والاضطرابات في الوظائف العقلية والحالات التي تتسبب فيها بعض المواد، وكذلك حالة انسحاب المواد وبقية العواطف الأخرى، في حين لا يقيس جهاز كشف الكذب الأكاذيب، من غير الممكن لجهاز كشف الكذب أن يقوم بالتمييز بين القلق الناتج عن الكذب والقلق الناتج عن أسباب أخرى.
صور جهاز كشف الكذب:
كان هذا ختام موضوعنا حول جهاز كشف الكذب المخطط المتعدد، قدمنا خلال هذه المقالة بعض المعلومات الهامة المتعلقة بكيفية عمل هذا الجهاز والتقييمات الواردة حوله ومدى فعاليته، وانتقاد بعض المؤسسات والهيئات الحكومية له؛ لأنه ليست له قدرة حقيقية على التمييز بين ردود أفعال الأبرياء والمذنبين بصورة دقيقة، فربما أظهر البريء ردة فعل تحتوي على القلق من الأسئلة والتوتر، ولا يختلف هذا القلق عن القلق الذي يظهر المجرم نحو جريمته، بل ربما البريء أظهر قلقًا أكبر من المذنب.
وكذلك قمنا بعرض بعض النماذج من اليابان التي قامت بتطوير أنواع الأسئلة ولم تعتمد على أسلوب الاستجواب السائد، بل اعتمدت على طريقة أخرى أكثر تطورًا وأكثر عدلًا في الكشف عن الجرائم.