حديث عن الحِلم عند الغضب ، إن المقصود من الحلم بكسر الحاء هو كتمان الغيظ ، والحلم صفة يتصف بها من يملك ذاته عندما يغضب ، وقد ورد الحث على التحلي بهذا الخلق بالسنة النبوية الشريفة بأحاديث كثيرة منها قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس : (… إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة …) ، وقد ورد أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، أنه قال : قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (التَّأنِّي مِن الله، والعجلة مِن الشَّيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير مِن الله، وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى الله مِن الحمد) ، وفي المقال هذا سوف نتعرف على مفهوم صفة الحلم ، ومواقف من حلم النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه عن الناس ، فتابعوا معنا.
مفهوم صفة الحلم:
- إن الحلم يعتبر صفة من صفات الله سبحانه وتعالى ، كما أن اسم الحليم هو أسم من أسمائه الحسنى ، وقد سمى الله عز وجل به ذاته دلالةً على عظم ذلك الاسم وجلالة قدره عند المولى عز وجل ، وما ذكر الحلم بالقرآن الكريم إلا كان مقروناً بالمغفرة والغنى والعلم والشكر ، وذلك إنما كان تأكيداً على أهمية اجتماع الحلم مع كل تلك الصفات ، وقد جاء اسم الحليم في 11 آية بالقرآن ، نذكر منها قوله تعالى : {واعلموا أن الله غفور رحيم} ، وقوله تعالى : {والله غني حليم}.
- أما صفة الحلم للعبد المخلوق فتستعمل بسياقين : صاحب الحلم بمعنى صاحب العقل ، والشخص الحليم هو من يكظم غيظه ويبطئ غضبه ويفصح عن الأذية ويصبر عليها ، كما يقصد بها المرء الذي لا يعاقب أحداً إلا بالله ولا ينتصر منه إلا لله كذلك.
- وهو الذي لا يدفعه الغضب لفعل أمر لا يفعله بحالة رضاه ، والشخص الحليم هو من يتحمل مسببات الغضب فيصبر عليها ويتأنى ولا تثور ثائرته ، إن الحلم صفة تقتضي رجاجة العقل وثباتة وابتعاده عن القسوة والغلظة ، وذلك الاسم يجمع بين مكارم الأخلاق وبين الرحمة وبين اللين بالمخلوقات ، ولنا في النبي محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، حيث كان النبي من أحلم الناس وكان يعلم أصحابه التسامح وكتم الغيظ والعفو والصفح عن الناس ، كما عرف عنه صلى الله عليه وسلم اتساع صدره ، حيث لا يضيق ذرعاً بأخطاء أصحابه.
للمزيد يمكنك قراءة : احاديث قدسية صحيحة عن الجنة
مواقف من حلم النبي وعفوه عن الناس:
- يقول المولى عز وجل في القرآن الكريم : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ، ذكرت هذه الآية فضل كظم الغيظ وهو أول درجات الحلم ، وقد جاء بالسنة النبوية الشريفة مواقف من حلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعفوه عن الناس ، منها على سبيل المثال :
- ما رواه أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، قال [كُنْتُ أمْشِي مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ برِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قالَ أنَسٌ: فَنَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ أثَّرَتْ بهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِن شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ مُرْ لي مِن مَالِ اللَّهِ الذي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أمَرَ له بعَطَاءٍ] ، فبمجرد تخيل وتصور ذلك الموقف يظهر عظم حلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- لقد قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : [لَمَّا مَاتَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، دُعِيَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُصَلِّيَ عليه، فَلَمَّا قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وثَبْتُ إلَيْهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتُصَلِّي علَى ابْنِ أُبَيٍّ وقدْ قَالَ يَومَ كَذَا وكَذَا: كَذَا وكَذَا؟ أُعَدِّدُ عليه قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَالَ: أخِّرْ عَنِّي يا عُمَرُ فَلَمَّا أكْثَرْتُ عليه، قَالَ: إنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لو أعْلَمُ أنِّي إنْ زِدْتُ علَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ له لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ: فَصَلَّى عليه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إلَّا يَسِيرًا، حتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِن بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ علَى أحَدٍ منهمْ مَاتَ أبَدًا} [التوبة: 84] إلى قَوْلِهِ {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِن جُرْأَتي علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ، واللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ]
للمزيد يمكنك قراءة : شرح حديث إنما الأعمال بالنيات
أحاديث نبوية مصورة:
للمزيد يمكنك قراءة : حديث أوله رحمة وأوسطه مغفرة