حفظ اللسان قصة رائعة بعنوان اللسان القاتل بقلم : عبد المنعم الأشمي
قصة رائعة ومعبرة عن حفظ اللسان بعنوان اللسان القاتل ننقلها لكم اليوم في هذا الموضوع من موقع احلم بقلم : عبد المنعم الاشمي وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص وعبر .
اللسان القاتل
حدث في قديم الزمان أن احد الامراء كان جالساً الي حاشيته من الوجهاء والوزراء وكان بين هؤلاء في مجلسه تاجر عمل في الماضي لصاً وقاطع طرق فقد كان يسرق المزارع والبيوت ويتربص بالناس في الطرقات، فإذا ما وجدهم مجردين من السلاح انقض عليهم وهددهم بالقتل اذا لم يستجيبوا لطلبه، لكن اللص عاد الي رشده وذهب الي الامير في هذا المجلس وطلب ان يسامحه علي افعاله الشريره وسرقة حوائج الناس .
سمع الامير رجاءه فرق قلبه له وقال : ليت اللصوص عائدون الي رشدهم مثلك، لقد عفوت عنك فلا تعد لهذا فرح اللص، وكان اليوم عيد عنده، فقام وانحنى شاكرا للأمير عفوه وسماحته، وطيب نفسه، وصفاء قلبه ورعايته الرعيته الصالح منها والشرير فهو بهذا العفو يحول اللص إلى تائب شريف يرعى حق الله سبحانه وتعالى وكان الرجل اللص ثرثارة كثير الكلام فجعل يتحدث في كل شيء ولا يعطي فرصة الحديث الأحد في مجلس الأمير، حتى قال أحد الوزراء: كأن الكلام طعام يلتهمه، ليت الأمير سكت لسانه، أو لعل الكلام يقف في حلقة.
لم يظهر الأمير مل أو تعلم من حديث الرجل، وظل يسمعه وهو يشعر أن حاشيته قد ضاقت درعا من كثرة كلامه ورواياته ولما حدثه وزيره الأول في شأن نرثرة هذا الرجل، ليسمح له أن يدع أحد الحراس کي يسكنه ويخرس لسانه، لكن الأمير نصحه بالصبر وعدم استعجال الأمر أو الإشارة له بذلك. فيجب أن يرى ويلحظ سعة صدرتا جميعا وقد عفونا عنه، ورغينا أن يكون مطمئنة راضية غير منبوذ من أحد حتى لا يعود للشر مرة أخرى، سمع الوزير كلام الأمير وعاد إلى مقعده، وهو يتميز غيظا من الرجل الثرثار كثير الكلام، طويل اللسان.
فكر الوزير في حيلة لينهي هذه الثرثرة وليفض هذا المجلس فمضى إلى حجرة الطعام واستدعى الطباخين والقائمين علي اعداد الطعام وسألهم ان كان الغداء جاهزاً، فقال له رئيس الطباخين : لم يبق الا القليل تحت الاعداد وما هي الا دقائق بسيطة ويكون الطعام جاهزاً، فحضه الوزير علي الاستعجال ووقف علي رأس مجموعة الطباخين في القصر حتي ينجزوا الطعام في اسرع وقت، وما هي الا دقائق حتي اصبح الطعام جاهزاً وما علي الامير أن الي يدعو اصحابه بتناول الغداء وقد جاء وقته والمؤكد ان الجميع قد شعروا بالجوع ومنهم الأمير نفسه فقال الوزير لرئيس الطباخين في قصر الأمير، سأذهب أمامك إلى مجلس الأمير، وما إن اتخذ مكاني إلى جواره حتي تدخل علينا نعلن أن الطعام أصبح جاهزا، فقال الطباخ : السمع والطاعة أيها الوزير .
دخل الوزير مجلس الأمير عائدأ من داخل القصر، فوجد اللص واقفا يتحدث بعد أن تركه جالسا يتحدث وقد بدا الضجر والملل على وجوه الجميع، أما الأمير فكان هادئا باسمة يستمع للرجل باهتمام حتى لا يشعره بأن هناك ضيقا من حديثه فهو لم یعند على مجلس الأمراء ولا أدب الحديث في مجلسهم، ولم يتعلم على يد أحد من رجاله فن الحديث في مجلس الأمراء، كيف يكون مختصرة بليغة، بصوت هادئ فلا يعلو صوته محدثا ضجيجا ولا بخفض فيصبح همسة، بينما كان الرجل منهمكا في حديثه أطل الطباخ ونادي بصوت عال سيدي الأمير، طعام الغداء جاهز الآن تفضل أنت ورجال دولتك.
عندئذ توقف الرجل اللص عن الحديث، ولكنه قال معلقا على طباخ الأمير: لقد جئت في وقتك أيها الرجل، أكاد أن أموت من الجوع، أشار الأمير له بالتوجه لتناول الغذاء معه وأشار لأصحابه جميعا بالدخول معهم، وأخذ كل واحد منهم مكانه حول مائدة الطعام وجلس الرجل اللص قريبا من الأمير وقال معلقة إن رائحة الطعام شهية، تفتح الشهية وتنعش النفس، بدأ الجميع في تناول الطعام وقل الكلام إلا من تعليق بسيط هنا وكلمة صغيرة من هناك، والرجل لا يسكت عن شيء، فكلما جاء طعام جدید طلب طبق منها .
وفي أثناء تناول الطعام جاء دور المأكولات المشوية، فدخل الطباخون وهم يحملون أواني عليها حماما مشوية فوضعوا طبقا أمام الأمير، وجاؤوا بطبق أمام الرجل اللص، وما إن وضعوه أمامه حتى قهقه ضاحك بصوت عال، فتعجب الأمير وسأله عن سبب ضحکه فقال: ذكرتي هذه الحمامة المشوية أيها الأمير بشيء أضحكني۔ فقال الأمير: وما هو ذلك الشيء.
قال الرجل: لما كنت قاطع طريق، کنت مارة في طريق مقفر بين الجبال فشاهدت رجلا وحيدا، فدنوت منه وسلبته جميع ما يملكه، ثم جردته من ملابسه وتركته ينصرف، فركض هاربا وقد خفت أن يلتقي هذا الرجل بأحد في الطريق فيستنجد به علي، فتبعته وقبضت عليه من جديد ثم شهرت سيمي لأقتله فقال شاكيا: «يا هذا… أي شي، بيني وبينك؟ ماذا فعلت لك التقتلني لقد سلبتني جميع ما أملك فليتك تدعني حية، لأن عندي زوجة وأولاد صفار، لن يستطيعوا العيش من بعدي فقال الامير : انها قصة جميلة اخبرنا بما حدث بعد ذلك، قال الرجل : لم اهتم لكلام ذلك الرجل وشهرت سيفي من جديد لاقتله فتلفت حوله فرأي حمامة تفر من مكان قريب فصاح بها قائلاً : شهدي يا حمامه عند الله اني اقتل مظلوماً، ثم ضحك عالياً وقال : ذكرتني هذه الحماية، فغضب الامير وقال ك والله لقد ضهدت عليك الحمامة وانا سامحتك علي السرقة والسلب اما القتل فلا وأمر حراسه فقتلوه وكان لسانه قاتلاً له .