محتوي الموضوع
إنه حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ، المكنى بأبي تمام ، وهو مولود بمدينة جاسم ، أحد قرى حوران السورية في عام 845 ميلادياً ، وقد ذهب لمصر ، ومن أهم صفاته أنه كان طويلاً ، وأسمر اللون ، وفصيحاً جداً ، ولديه تمتمة بسيطة ، إلا أنه كان يحفظ 14000 ألف أرجوزة من أراجيز العرب من غير القصائد ، والمقاطع ، ولهذا الأمر قد استقدمه المعتصم للعراق وقدمه على كل الشعراء ، وولاه على بريد الموصل ، ويعد هذا الشاعر الكبير من أوائل الشعراء الذين اتبعوا منهج التجديد بالعصر العباسي ، وهذا لأن أبي تمام قد اتبع الحضارة القديمة مع حفاظه على المعايير الجديدة للشعر ، ومذهبه معتمد في الأساس على الجمع بين الزخرفة ، والوجدان ، والعقل ، مع أخذه في عين الاعتبار خصائص وعناصر ومحتويات اللغة العربية ، وفي هذا اليوم يسعدنا أن نقدم لكم متابعينا مقالة بعنوان ديوان أبي تمام .. 3 قصائد من أجمل ما قاله أبو تمام ، سوف ضع بين أيديكم في تلك المقالة مجموعة من القصائد من أروع وأحلى ما كتبه وألفه الشاعر الكبير أبي تمام.
يا موضع الشدنية الوجناء:
يا مَوضِعَ الشَدَنِيَّةِ الوَجناءِ
وَمُصارِعَ الإِدلاجِ وَالإِسراءِ
أَقري السَلامَ مُعَرَّفاً وَمُحَصِّباً
مِن خالِدِ المَعروفِ وَالهَيجاءِ
سَيلٌ طَما لَو لَم يَذُدهُ ذائِدٌ
لَتَبَطَّحَت أولاهُ بِالبَطحاءِ
وَغَدَت بُطونُ مِنى مُنىً مِن سَيبِهِ
وَغَدَت حَرىً مِنهُ ظُهورُ حِراءِ
وَتَعَرَّفَت عَرَفاتُ زاخِرَهُ وَلَم
يُخصَص كَداءٌ مِنهُ بِالإِكداءِ
وَلَطابَ مُرتَبَعٌ بِطيبَةَ وَاِكتَسَت
بُردَينِ بُردَ ثَرىً وَبُردَ ثَراءِ
لا يُحرَمِ الحَرمَانِ خَيراً إِنَّهُم
حُرِموا بِهِ نَوءاً مِنَ الأَنواءِ
يا سائِلي عَن خالِدٍ وَفَعالِهِ
رِد فَاِغتَرِف عِلماً بِغَيرِ رَشاءِ
اُنظُر وَإِيّاكَ الهَوى لا تُمكِنَن
سُلطانَهُ مِن مُقلَةٍ شَوساءِ
تَعلَم كَمِ اِفتَرَعَت صُدورُ رِماحِهِ
وَسُيوفِهِ مِن بَلدَةٍ عَذراءِ
وَدَعا فَأَسمَعَ بِالأَسِنَّةِ وَاللُهى
صُمَّ العِدى في صَخرَةٍ صَمّاءِ
بِمَجامِعِ الثَغرَينِ ما يَنفَكُّ مِن
جَيشٍ أَزَبَّ وَغارَةٍ شَعواءِ
مِن كُلِّ فَرجٍ لِلعَدُوِّ كَأَنَّهُ
فَرجٌ حِمىً إِلّا مِنَ الأَكفاءِ
قَد كانَ خَطبٌ عاثِرٌ فَأَقالَهُ
رَأيُ الخَليفَةِ كَوكَبُ الخُلَفاءِ
فَخَرَجتَ مِنهُ كَالشِهابِ وَلَم تَزَل
مُذ كُنتَ خَرّاجاً مِنَ الغَمّاءِ
ما سَرَّني بِخِداجِها مِن حُجَّةٍ
ما بَينَ أَندَلُسٍ إِلى صَنعاءِ
أَجرٌ وَلَكِن قَد نَظَرتُ فَلَم أَجِد
أَجراً يَفي بِشَماتَةِ الأَعداءِ
لَو سِرتَ لَاِلتَقَتِ الضُلوعُ عَلى أَسىً
كَلِفٍ قَليلِ السِلمِ لِلأَحشاءِ
وَلَجَفَّ نُوّارُ الكَلامِ وَقَلَّما
يُلفى بَقاءُ الغَرسِ بَعدَ الماءِ
فَالجَوُّ جَوّي إِن أَقَمتَ بِغِبطَةٍ
وَالأَرضُ أَرضي وَالسَماءُ سَمائي
للمزيد يمكنك قراءة : المتنبي شعر في الحب والحكمة والفخر
قدك اتئب أربيت في الغلواء:
قَدكَ اِتَّئِب أَربَيتَ في الغُلواءِ
كَم تَعذِلونَ وَأَنتُمُ سُجَرائي
لا تَسقِني ماءَ المُلامِ فَإِنَّني
صَبٌّ قَدِ اِستَعذَبتُ ماءَ بُكائي
وَمُعَرَّسٍ لِلغَيثِ تَخفِقُ بَينَهُ
راياتُ كُلِّ دُجُنَّةٍ وَطفاءِ
نَشَرَت حَدائِقَهُ فَصِرنَ مَآلِفاً
لِطَرائِفِ الأَنواءِ وَالأَنداءِ
فَسَقاهُ مِسكَ الطَلِّ كافورُ الصَبا
وَاِنحَلَّ فيهِ خَيطُ كُلِّ سَماءِ
عُنِيَ الرَبيعُ بِرَوضِهِ فَكَأَنَّما
أَهدى إِلَيهِ الوَشيَ مِن صَنعاءِ
صَبَّحتُهُ بِسُلافَةٍ صَبَّحتُها
بِسُلافَةِ الخُلَطاءِ وَالنُدَماءِ
بِمُدامَةٍ تَغدو المُنى لِكُؤوسِها
خَوَلاً عَلى السَرّاءِ وَالضَرّاءِ
راحٌ إِذا ما الراحُ كُنَّ مَطِيَّها
كانَت مَطايا الشَوقِ في الأَحشاءِ
عِنَبِيَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ سَكَبَت لَها
ذَهَبَ المَعاني صاغَةُ الشُعَراءِ
أَكَلَ الزَمانُ لِطولِ مُكثِ بَقائِها
ما كانَ خامَرَها مِنَ الأَقذاءِ
صَعُبَت وَراضَ المَزجُ سَيِّءَ خُلقِها
فَتَعَلَّمَت مِن حُسنِ خُلقِ الماءِ
خَرقاءُ يَلعَبُ بِالعُقولِ حَبابُها
كَتَلَعُّبِ الأَفعالِ بِالأَسماءِ
وَضَعيفَةٌ فَإِذا أَصابَت فُرصَةً
قَتَلَت كَذَلِكَ قُدرَةُ الضُعَفاءِ
جَهمِيَّةُ الأَوصافِ إِلّا أَنَّهُم
قَد لَقَّبوها جَوهَرَ الأَشياءِ
وَكَأَنَّ بَهجَتَها وَبَهجَةَ كَأسِها
نارٌ وَنورٌ قُيِّدا بِوِعاءِ
أَو دُرَّةٌ بَيضاءُ بِكرٌ أُطبِقَت
حَمَلاً عَلى ياقوتَةٍ حَمراءِ
وَمَسافَةً كَمَسافَةِ الهَجرِ اِرتَقى
في صَدرِ باقي الحُبِّ وَالبُرَحاءِ
بيدٌ لِنَسلِ العيدِ في أُملودِها
ما اِرتيدَ مِن عيدٍ وَمِن عُدَواءِ
مَزَّقتُ ثَوبَ عُكوبِها بِرُكوبِها
وَالنارُ تَنبُعُ مِن حَصى المَعزاءِ
وَإِلى اِبنِ حَسّانَ اِعتَدَت بي هِمَّةٌ
وَقَفَت عَلَيهِ خِلَّتي وَإِخائي
لَمّا رَأَيتُكَ قَد غَذَوتَ مَوَدَّتي
بِالبِشرِ وَاِستَحسَنتَ وَجهَ ثَنائي
أَنبَطتُ في قَلبي لِوَأيِكَ مَشرَعاً
ظَلَّت تَحومُ عَلَيهِ طَيرُ رَجائي
فَثَوَيتُ جاراً لِلحَضيضِ وَهِمَّتي
قَد طُوِّقَت بِكَواكِبِ الجَوزاءِ
إيهِ فَدَتكَ مَغارِسي وَمَنابِتي
إِطرَح غَناءَكَ في بُحورِ عَنائي
يَسِّر لِقَولِكَ مَهرَ فِعلِكَ إِنَّهُ
يَنوي اِفتِضاضَ صَنيعَةٍ عَذراءِ
وَإِلى مُحَمَّدٍ اِبتَعَثتُ قَصائِدي
وَرَفَعتُ لِلمُستَنشِدينَ لِوائي
وَإِذا تَشاجَرَتِ الخُطوبُ قَرَيتَها
جَدَلاً يَفُلُّ مَضارِبَ الأَعداءِ
يا غايَةَ الأُدَباءِ وَالظُرَفاءِ بَل
يا سَيِّدَ الشُعَراءِ وَالخُطَباءِ
يَحيَ بنِ ثابِتٍ الَّذي سَنَّ النَدى
وَحَوى المَكارِمَ مِن حَياً وَحَياءِ
للمزيد يمكنك قراءة : شعر عنترة بن شداد
أتاني ورحلي بالعذيب عشية:
أَتاني وَرَحلي بِالعُذَيبِ عَشِيَّةً
وَأَيدي المَطايا قَد قَطَعنَ بِنا نَجدا
نَعِيٌّ أَطارَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ
وَكُنتُ عَلى قَصدٍ فَأَغلَطَني القَصدا
فَلَيتَ نَعى الرَكبُ العِراقيُّ غَيرُهُ
فَما كُلُّ مَفقودٍ وَجِعتَ لَهُ فَقدا
وَيا ناعِيَيهِ اليَومَ غُضّا عَلى قَذىً
فَقَد زِدتُما قَلبي عَلى وَجدِهِ وَجدا
فَبِئسَ عَلى بُعدِ اللِقاءِ تَحِيَّةٌ
أُحَيّا بِها تُذكي عَلى كَبِدي وَقدا
بِرُغمِيَ أَن أورِدتَ قَبلي بِمَورِدٍ
تَبَرَّضتَ مِنهُ لا زُلالاً وَلا بَردا
جَزَتكَ الجَوازي عَن عِمادٍ أَقَمتَها
وَعَن عُقَدٍ لِلدينِ أَحكَمتَها شَدّا
وَذي جَدَلٍ أَلجَمتَ فاهُ بِغُصَّةٍ
تَلَجلَجُ فيهِ لا مَساغاً وَلا رَدّا
قَعَستُ لَهُ حَتّى التَقيتَ سِهامَهُ
وَأَثبَتَّ في تامورِهِ الحُجَجَ اللُدّا
وَمَزلَقَةٍ لِلقَولِ ما شِئتَ دَحضَها
وَقَد زَلَّ عَنها مَن أَعادَ وَمَن أَبدى
وَإِنّي لَأَستَسقي لَكَ اللَهَ عَفوَهُ
وَيا لَكَ غَيثاً ما أَعَمَّ وَما أَندى
وَإِنّي لَأَستَسقي لَكَ اللَهَ عَفوَهُ
مُحامينَ عَنهُ أَن يَفوزَ وَلا يَردى
بَكَيتُكَ حَتّى اِستَنفَدَ الدَمعَ ناظِري
وَلَو مَدَّني دَمعي عَليكَ لَما أَجدى
للمزيد يمكنك قراءة : بشار بن برد
أشعار وكلمات مصورة:
الشعر العربي هو لسان حال الناس في كل زمان ومكان ، يعبر عن آلامهم وأفراحهم وأحزانهم وكل مشاعرهم ، وإلى هنا متابعينا الأعزاء متابعي موقع احلم نكون قد وصلنا إلى ختام مقالة الليلة التي تكلمنا ودار حديثنا فيها عن ديوان أبي تمام .. 3 قصائد من أجمل ما قاله أبو تمام ، جمعنا لكم ثلاث قصائد جميلة جداً ، فبدأنا حديثنا بقصيدة بعنوان يا موضع الشدنية الوجناء ، وثاني قصيدة كانت بعنوان قد اتئب أربيت في الغلواء ، وثالث قصيدة كانت بعنوان أتاني ورحلي بالعذيب عشية ، وختمنا موضوعنا بفقرة وضعنا فيها مجموعة مصورة من الأشعار والكلمات الجميلة.