سبب صيام عاشوراء .. مراتب صيام عاشوراء
“سبب صيام عاشوراء” .. من بين الأعمال التي تثير تساؤلات عديدة وتستحضر الفضول الديني، هو صيام يوم عاشوراء. يُلاحظ أنه منذ صغرنا، ونحن نشاهد آباءنا وأجدادنا يصومون في هذا اليوم، ويحتفلون به بطقوسهم المميزة وأطباق الحلويات الشهية التي تُعد بعناية فائقة. تلك المظاهر الاحتفالية تشير إلى تعظيم هذا اليوم في قلوب المسلمين، ولكن لماذا يُولى هذا اليوم اهتمامًا خاصًا؟
عاشوراء، بمجرد ذكر اسمه، يأسر العقول بقوة رمزيته ومكانته في الإسلام. إنه يوم يستحضر ذكرى أحداثٍ تاريخيةٍ وروحيةٍ هامة، ويحمل معانٍ عميقة للمسلمين حول العالم. هذا اليوم العاشر من شهر محرم يعكس حقبًا من التاريخ الإسلامي تعلوها القصص الملهمة والرحمة الإلهية.
في هذا المقال، سنستكشف معًا جمالية هذا اليوم، ونلقي نظرة على الحكمة والفضائل التي ترافق صيام يوم عاشوراء. سنتعمق في تراثنا الديني ونعيد قراءة قصص الماضي بعيون تفهم أكثر عمقًا. سنستكشف أبعاد هذا العمل العبادي، ونحاول فهم سرّ تعظيمه وأهميته بين المسلمين.
قد يهمك ايضاً : دعاء عاشوراء مكتوبة
سبب صيام عاشوراء
عندما وطأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم أرض المدينة واستقر فيها، لاحظ أن اليهود يحتفلون ويصومون في يوم محدد. فسألهم عن سبب احتفالهم بهذا اليوم وصيامهم فيه. فأخبروه أن هذا اليوم هو الذي نجى فيه الله نبيه موسى عليه السلام وقومه بني إسرائيل من فرعون وأغرقه في البحر. استوقفت القصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحس بأنه يجب عليه أن يحتفل بهذا اليوم ويصومه أيضًا.
فقد رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه أحق بسيدنا موسى عليه السلام من اليهود، فالأنبياء إخوة في الرسالة والدين، وبذلك يستحقون التقدير والاحترام المتبادل. كما أنه ورث الرسالة من سيدنا موسى، فكان من الواجب عليه أن يشكر الله على نجاته لموسى من فرعون وأن يظهر لله شكره وتقديره عن طريق صيام هذا اليوم.
هذه هي قصة حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي رواها عبد الله بن عباس، وفيها يتجلى التراث الروحي والروابط العميقة التي تجمع بين الأنبياء والرسل.
عن عبد الله بن عباس قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وهو يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فيه مُوسَى، وأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقالَ: أَنَا أَوْلَى بمُوسَى منهمْ. فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ” (صحيح البخاري).
إن صوم يوم عاشوراء يعبّر عن الشكر والامتنان لله على نجاة سيدنا موسى من ظلم فرعون وعن الوحدة والتلاحم بين الأنبياء. وبهذا التعظيم يستمد يوم عاشوراء مكانته وأهميته في قلوب المسلمين.
هل صيام عاشوراء فرض؟
فيما يتعلق بصيام يوم عاشوراء، فإنه ليس أمرًا مفروضًا أو واجبًا على المسلمين. إنه من السنة النبوية، حيث يترك للفرد أن يصومه إذا أراد، ومن أراد أن يفطر فليفطر، ولا يوجد حرج على أحد في ذلك.
وفي حديث آخر عن صيام يوم عاشوراء، يذكر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا اليوم قبل هجرته إلى المدينة. في تلك الفترة، كانت قريش تصوم أيضًا يوم عاشوراء، ولذا كان النبي يوصي المسلمين بصيامه. وجدير بالذكر أنه كان يأمر بصيام يوم عاشوراء قبل أن يفرض علينا صيام شهر رمضان المبارك.
عندما فُرض علينا صيام شهر رمضان، صرح النبي أنه سيصوم يوم عاشوراء وأنه من شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يفطر فله ذلك. بالتالي، يمكن للمسلم أن يختار بحرية بين صيام يوم عاشوراء وعدم صيامه، ولا يوجد أي إكراه في ذلك.
بهذا النحو، تظهر الروح السمحة والمرونة في الإسلام، حيث يُترك للفرد حرية اختيار الصيام أو الإفطار في يوم عاشوراء، دون وجود واجب أو إكراه.
عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: “إنَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ”
فضل صيام يوم عاشوراء
صيام يوم عاشوراء له فضل عظيم في الإسلام. يعتقد المسلمون أن صيام هذا اليوم يحمل العديد من الفوائد الروحية والثواب الإلهي. إليك بعض فضائل صيام يوم عاشوراء:
- مكفر للذنوب: يقال إن صيام يوم عاشوراء يكفر الذنوب الماضية إذا صامته الشخصية بإخلاص وتقوى. ويعتقد الناس أنه يمحو الذنوب المتراكمة منذ العام الماضي.
- تكفير سنة مضى: يُروى عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها”، مما يعني أنه يمكن أن يكفر السنة الماضية من الذنوب.
- قوة العبادة: يعتبر صيام يوم عاشوراء تعبيرًا عن العبادة والتقوى لله. يُظهِر المسلمون تفانيهم في أداء هذه العبادة وصوم هذا اليوم، مما يقربهم أكثر إلى الله ويزيد من قوتهم الروحية.
- التشبه بالأنبياء: يُقال إن النبي موسى عليه السلام صام يوم عاشوراء تعبيرًا عن شكره لله بعد أن نجاه وقومه من فرعون. وبالتالي، يصوم المسلمون هذا اليوم للتشبه بالأنبياء ومعبرين عن شكرهم لنعمة النجاة والإيمان.
- المحبة والتضامن: يُعتبر صيام يوم عاشوراء فرصة للمسلمين للتواصل والتضامن. ففي بعض البلدان والثقافات، يتجمع الناس ويحتفلون بالطعام والشراب وتقديم الهدايا في هذا اليوم، مما يعزز المحبة والتلاحم بينهم.
مراتب صيام عاشوراء
في تصنيف العلماء المسلمين، تم تحديد ثلاثة مراتب لصيام يوم عاشوراء وهي:
- المرتبة الأولى: صيام ثلاثة أيام، وهي يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء واليوم الحادي عشر. فإذا صام الشخص هذه الأيام الثلاث، يكون قد استوفى أعلى مرتبة من الصيام في هذا الشهر.
- المرتبة الثانية: صيام يومي عاشوراء وتاسوعاء فقط. يعني أن الشخص يصوم يوم عاشوراء ويوم تاسوعاء، وهذا يُعتبر مرتبة متوسطة في الصيام في هذا الوقت.
- المرتبة الثالثة: صيام يوم عاشوراء فقط، بدون صيام أيام قبله أو بعده. هذا هو أدنى مستوى للصيام في يوم عاشوراء.
إن هذه التصنيفات تعكس اهتمام العلماء بتنويع الأوقات والأيام التي يمكن فيها أداء الصيام، وتشجيع المسلمين على الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي صام يوم عاشوراء وتاسوعاء وشجع على ذلك.
قد يهمك ايضاً : صيام عاشوراء