شخصيات تاريخية قصة رائعة للقائد الاسلامي عمرو بن العاص رضي الله عنه
قصة جميلة جداً من قصص القائد الاسلامي عمرو بن العاص رضي الله عنه ، القصة بعنوان ذكاء الصحابة ننقلها لكم في هذا المقال المميز بعنوان شخصيات تاريخية من موقع احلم بقلم : منذر شعار ونتمني ان تنال إعجابكم وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : شخصيات وأعلام .
ذكاء الصحابة
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكياء مع ايمانهم وعلمهم وعملهم، وكيف لا يكونون كذلك وهم صفوة البشر بعد الانبياء عليهم السلام، واحب ان اوري لك طرفاً من اخبار ذكائهم واذكيائهم، فقد جاء في تاريخ الفتوحات الاسلامية ان المسلمين لما انطلقوا الي الشام ليفتحوها للاسلام وينشروا فيها دين الله اتجه جيش منهم الي مدينة قيسارية وهي رومية فحاصروها حصاراً شديداً وكان قائد المسلمين الصحابي البطل عمرو بن العاص رضي الله عنه .
فلما اشتد الحصار علي الكفار رأي المسلمون رايات بيضاء ترفع خلف اسوار المدينة فعلموا ان القوم يريدون الصلح، ثم فتح الباب وخرج منه وفد من الروم اقتربوا من طلائع الجيش الاسلامي وطلبوا منهم ان يرسلوا رجلاً ليفاوض قائد الجيش الرومي في قيسارية في البنود الاولي للصلح ، ورفع الامر الي عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال : ما لها احد غيري، اي ان عمراً يريد ان يذهب بنفسه ليفاوض قائد الروم .
فقال اركان جيش عمرو : لا ذهابك خطير، والقائد العام لا يذهب بنفسه في مثل هذه الاحوال، فهب أن قائد الروم قتلك ماذا يحل بنا ؟! قال عمرو : اني ساتنكر ولا اظهر له اني عمرو بن العاص، قالوا : وهذه ايضاً خطره، فلعله بعد المفاوضة غدر بك وقتلك وهو يظن انه قتل جندياً في جيش المسلمين وانما قتل في الحقيقة عمرو بن العاص، فقال عمرو : ما لها احد غيري، ساذهب متنكراً ولا ابالي، قالوا : لماذا انت مصر علي الذهاب اي واد منا يذهب مكانك، قال عمرو : ان قائد الروم رجل داهية واخاف ان ذهب غيري ان يخدعه في المفاوضة ويجعل المسلمين شروطاً قاسية فنكون مضطرين حينئذ الي امضائها، لكن اذا ذهبت انا فاني اعرف كيف افاوض القائد واقف سداً امام حيله حرصاً علي مصلحة المسلمين، وتم الامر .
وذهب عمرو بن العاص بنفسه الي قيسارية، وقابل قائدها علي انه جندي من الجيش العربي، وفاوض قائد الروم الذي اراد الاحتيال عليه وكسب الصلح فيه مذلة للمسلمين، ونجاة للكفار فما استطاع اذ كان عمرو اذكي منه واعرف بهذه الامور السياسية والعسكرية، فاغتاظ القائد الرومي ان احبط له عمرو كل خططه، فازمع قتله وهذا ما تخوف منه اركان جيش عمرو قبل ان يجئ، ولكن كيف يقتل القائد الرومي هذا الجندي الرسول والرسل لا تقتل، كما هي العادات بين الدول قديماً وحديثاً .
قائد الروم اراد قتل عمرو بحيله يستطيع بها ان يدافع عن نفسه فيما بعد ويقول لم اقتله انا، وذلك انه لما انتهت المقابلة اعطي عمراً هدايا وقال له : لقد سررت بمقابلتك وانت رجل ذكي، وصحيح ان المفاوضة لم تتم ولكن خذ هذه الهدايا الثمينة تحية مني لك، ثم ارسل القائد الي حرس الباب الخارجي للمدينة ان اذا مر بكم الجندي المسلم فاقتلوه .
وهذه حيلته اذ يقول بعد ان يقتل عمراً ما انا الذي قتلته وانا متأسف ومستعد لدفع ديته، ويكون قد شفي غيظه وخلص نفسه وكان كما قال عمرو داهيه، وخرج عمرو من عند القائد يحمل هداياه وهو لا يعلم بما بيت له، ومن يعلم الغيب الا الله ولكن حدث ان عربياً من بني غسان النصاري كان موظفاً في قصر القائد الرومي وعلم بما نوي القائد من قتل عمرو وكان ذلك الغساني يعرف ان هذا الجندي المسلم هو عمرو بن العاص نفسه، فلم يبح بهذا وترك الامر علي حاله ، لكنه لما علم بنية القائد الغادرة استاء كثيراً ولم يرضها لنفسه ان يسكن فحين مر به عمرو وهو خارج قال له الغساني همساً : يا عمرو كما احسنت الدخول فاحسن الخروج وبهذه الكلمه أعلم الغساني عمراً انه يعرف حين ناداه يا عمرو، فيقول عمرو لنفسه : مادام هذا العربي لم يبح الي الآن بما بيني وبينه فإن الامر خطير .
وفهمها عمرو بسرعة، فهم ان الغساني يحذره ولا يملك إلا ذلك، ولكن ماذا يفعل وكيف يخرج من الباب وقد فهم الآن ان حراسه مأمورون بقتله، هنا يبدو ذكاؤه رضي الله عنه وتبدو ايضاً شجاعته فإنه لم يخف ولم يضطرب لكنه فكر بسرعة واهتدي الي حيلة جد ذكية يخلص بها نفسه .. رجع عمرو الي القائد ومعه الهدايا فلما رآه القائد تعجب وقال ما الذي ارجعك ؟ قال عمرو : لقد اعجبتني هداياك انها نفيسة ونحن قوم فقراء وان لي عشرة من بني عمي في الجيش احب ان ارسلهم اليك لتهديهم كما اهديتني، ففرح القائد الرومي وقال لنفسه : الآن اقتل عشرة من جيش المسلمين لا رجلاً وحداً وهم يجيئون من انفسهم ولا لوم علي، وقال لعمرو : حباً وكرامة، اذهب فارسل بني عمك العشرة فانطلق عمرو الي الباب وارسل القائد الرومي الي الحراس ان اذا مر بكم العربي فخلوا سبيله .
وخرج عمرو بن العاص من المدينة ناجياً سالماً فاسرع الي جيشه ومعسكره وهو يقول : لا عدت لمثلها ابداً، وكانت حيلة ذكية اذ اوهم عمرو القائد الرومي انه سوف يبعث عشرة من المسلمين في الجيش فاطمعه في قتل عشرة رجال بدلاً من واحد، وخرج سالماً .
بعد ذلك شدد المسلمون الحصار ثانية علي المدينة حتي سلمت اخيراً تسليماً علي شروط المسلمين ودخلها المسلمون مكبرين ودخل عمرو علي القائد الرومي فلما رآه فوجئ وقال : انت هو ؟! فقال عمرو : نم علي ما كان من غدرك، ثم خرج الروم وصارت قيسارية دار اسلام هي والشام كلها حتي اليوم .