إن الشاعر أبي الطيب المتنبي يعتبر من مفاخر الشعر العربي ، وقد ترك المتنبي دواويين شعرية عديدة تزخر بها مكتبة الشعر العربي ، واسمه بالكامل : (أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي) ، ويكنى أبو الطيب الكندي المتنبي ، ويرجع نسب المتنبي لقبيلة كندة ، وقد ارتبط اسمه ارتباط شديد باسم سيف الدولة الحمداني ، ومع أن العديد من شعره كان بمدح الخلفاء والأمراء والملوك ، إلا أنه قام بتنظيم أشعار بالرثاء وبالفخر وبالهجاء ، وغيرها من أنواع الشعر ، ولا يمكننا أن ننكر أهمية قصائد المتنبي ودورها بإلهام العديد من الشعراء حتى في عصرنا هذا ، إلى نظم الشعر الجزل المعبر والقوي ، ومن ضمن أقوى قصائد المتنبي قصيدة سفر وترحال ، وفي هذا اليوم يسعدنا أن نقدم لكم متابعينا شرح قصيدة سفر وترحال للمتنبي بالتفصيل ، سنتعرف في هذا الموضوع على شرح القصيدة ، وسنسرد القصيدة بالكامل.
قصيدة سفر وترحال كاملة:
مَلومُكُمـا يَجِـلُّ عَـنِ الـمَـلامِ ” ” وَوَقـعُ فَعالِـهِ فَـوقَ الـكَـلامِ
ذَرانـي وَالفَـلاةَ بِـلا دَلـيـلٍ ” ” وَوَجهـي وَالهَجيـرَ بِـلا لِثـامِ
فَإِنّـي أَستَريـحُ بِــذا وَهَــذا ” ” وَأَتعَـبُ بِالإِنـاخَـةِ وَالمُـقـامِ
عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَينـي ” ” وَكُـلُّ بُغـامِ رازِحَـةٍ بُغـامـي
فَقَـد أَرِدُ المِيـاهَ بِغَيـرِ هــادٍ ” ” سِوى عَدِّي لَهـا بَـرقَ الغَمـامِ
يُـذِمُّ لِمُهجَتـي رَبّـي وَسَيفـي ” ” إِذا اِحتاجَ الوَحيـدُ إِلـى الذِمـامِ
وَلا أُمسي لِأَهـلِ البُخـلِ ضَيفًـا ” ” وَلَيسَ قِرىً سِـوى مُـخِّ النِعـامِ
فَلَمّـا صـارَ وُدُّ النـاسِ خِـبًّـا ” ” جَزَيـتُ عَلـى اِبتِسـامٍ بِاِبتِسـامِ
وَصِرتُ أَشُـكُّ فيمَـن أَصطَفيـهِ ” ” لِعِلمـي أَنَّـهُ بَـعـضُ الأَنــامِ
يُحِبُّ العاقِلونَ عَلـى التَصافـي ” ” وَحُبُّ الجاهِليـنَ عَلـى الوَسـامِ
وَآنَفُ مِن أَخـي لِأَبـي وَأُمّـي ” ” إِذا ما لَـم أَجِـدهُ مِـنَ الكِـرامِ
أَرى الأَجـدادَ تَغلِبُهـا جميـعًـا ” ” عَلـى الأَولادِ أَخـلاقُ اللِـئـامِ
وَلَستُ بِقانِـعٍ مِـن كُـلِّ فَضـلٍ ” ” بِـأَن أُعـزى إِلـى جَـدٍّ هُمـامِ
عَجِبـتُ لِمَـن لَـهُ قَـدٌّ وَحَـدٌّ ” ” وَيَنبـو نَبـوَةَ القَضِـمِ الكَـهـامِ
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلـى المَعالـي ” ” فَـلا يَـذَرُ المَطِـيَّ بِـلا سَنـامِ
وَلَم أَرَ في عُيوبِ النـاسِ شَيئًـا ” ” كَنَقصِ القادِريـنَ عَلـى التَمـامِ
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائـي ” ” تَخُبُّ بِـيَ المَطِـيُّ وَلا أَمامـي
وَمَلَّنِيَ الفِـراشُ وَكـانَ جَنبـي ” ” يَمَـلُّ لِقـاءَهُ فـي كُـلِّ عــامِ
قَليـلٌ عائِـدي سَقِـمٌ فُــؤادي ” ” كَثيرٌ حاسِـدي صَعـبٌ مَرامـي
عَليـلُ الجِسـمِ مُمتَنِـعُ القِـيـامِ ” ” شَديدُ السُكرِ مِـن غَيـرِ المُـدامِ
وَزائِرَتـي كَـأَنَّ بِهـا حَـيـاءً ” ” فَلَيـسَ تَـزورُ إِلّا فـي الظَـلامِ
بَذَلتُ لَها المَطـارِفَ وَالحَشايـا ” ” فَعافَتهـا وَباتَـت فـي عِظامـي
يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسـي وَعَنهـا ” ” فَتوسِـعُـهُ بِـأَنـواعِ السِـقـامِ
إِذا مـا فارَقَتـنـي غَسَّلَتـنـي ” ” كَأَنّـا عاكِفـانِ عَلـى حَــرامِ
كَأَنَّ الصُبـحَ يَطرُدُهـا فَتَجـري ” ” مَدامِعُـهـا بِأَربَـعَـةٍ سِـجـامِ
أُراقِبُ وَقتَها مِـن غَيـرِ شَـوقٍ ” ” مُراقَبَـةَ المَشـوقِ المُستَـهـامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِـدقُ شَـرٌّ ” ” إِذا أَلقاكَ فـي الكُـرَبِ العِظـامِ
أَبِنتَ الدَهـرِ عِنـدي كُـلُّ بِنـتٍ ” ” فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِـنَ الزِحـامِ
جَرَحتِ مُجَرَّحًا لَـم يَبـقَ فيـهِ ” ” مَكـانٌ لِلسُيـوفِ وَلا السِـهـامِ
أَلا يا لَيتَ شَعـرَ يَـدي أَتُمسـي ” ” تَصَـرَّفُ فـي عِنـانٍ أَو زِمـامِ
وَهَل أَرمي هَـوايَ بِراقِصـاتٍ ” ” مُـحَـلّاةِ المَـقـاوِدِ بِالـلُـغـامِ
فَرُبَّتَما شَفَيـتُ غَليـلَ صَـدري ” ” بِسَـيـرٍ أَو قَـنـاةٍ أَو حُـسـامِ
وَضاقَت خُطَّةٌ فَخَلَصـتُ مِنهـا ” ” خَلاصَ الخَمرِ مِن نَسـجِ الفِـدامِ
وَفارَقـتُ الحَبيـبَ بِــلا وَداعٍ ” ” وَوَدَّعـتُ البِـلادَ بِـلا سَــلامِ
يَقولُ لي الطَبيـبُ أَكَلـتَ شَيئًـا ” ” وَداؤُكَ فـي شَرابِـكَ وَالطَعـامِ
وَمـا فـي طِبِّـهِ أَنّـي جَـوادٌ ” ” أَضَـرَّ بِجِسمِـهِ طـولُ الجِمـامِ
تَعَـوَّدَ أَن يُغَبِّـرَ فـي السَرايـا ” ” وَيَدخُـلَ مِـن قَتـامِ فـي قَتـامِ
فَأُمسِـكَ لا يُطـالُ لَـهُ فَيَرعـى ” ” وَلا هُوَ في العَليـقِ وَلا اللِجـامِ
فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري ” ” وَإِن أُحمَمْ فَمـا حُـمَّ اِعتِزامـي
وَإِن أَسلَـم فَمـا أَبقـى وَلَكِـن ” ” سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلـى الحِمـامِ
تَمَتَّـع مِـن سُهـادِ أَو رُقــادٍ ” ” وَلا تَأمُل كَـرًى تَحـتَ الرِجـامِ
فَـإِنَّ لِثالِـثِ الحالَيـنِ مَعـنـىً ” ” سِوى مَعنـى اِنتِباهِـكَ وَالمَنـامِ
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الهجرة النبوية
شرح قصيدة سفر وترحال:
- لقد نظم المتنبي هذه القصيدة من أجل أن يبعد عن نفسه اللوم من قبل من يحيطون به بسبب تعريض نفسه للصعاب والمخاطر بسبيل طلب المجد ، وبالقصيدة يعرض الشاعر صفاته التي تدل على الشجاعة والقوة ورباطة جأشه ، وبعدها يبدأ المتنبي في انتقاد آفات اجتماعية أدت لتراجع الخلاق والمكارم بين الأشخاص ، وقد بدأ المتنبي قصيدته بعبارة يتوجه فيها لخطاب صديقين على نمط مطلع المعلقات الجاهلية ، ولعل هدف المتنبي أن يذكر بالسفر بالجاهلية وما فيه من صعوبات ومن مشاق.
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الوالدين للشافعي
أشعار مصورة للمتنبي:
للمزيد يمكنك قراءة : قصيدة عن الجار والجيرة
إن قصيدة سفر وترحال التي كتبها المتنبي كي يعرض قوته وشجاعته وما يتصف به من مكارم ومن أخلاق حميدة تكاد لا تخلو من الكلمات والألفاظ الوعرة والغريبة والمعقدة ، ولعل اختياره لتلك الألفاظ أتى مناسباً لموضوع القصيدة ألا وهو السفر في البيداء والفيافي وما تحتويه من صعوبات ومخاطر تعترض الشخص المسافر ، وإلى هنا متابعينا الكرام متابعي موقع احلم نكون قد وصلنا إلى ختام مقال الليلة الذي تكلمنا ودار حديثنا فيه عن شرح قصيدة سفر وترحال للمتنبي بالتفصيل ، وضعنا لكم واحدة من أروع قصائد أحد أعلام الشعر العربي ألا وهو المتنبي ، كما تعرفنا على شرح القصيدة ، وختمنا حديثنا بفقرة أشعار مصورة للمتنبي.