الأضحية من شعائر الإسلام الكبيرة التي يتذكر فيها المسلم توحيد الله سبحانه وتعالى ومزيد فضله على عباده، يتذكر المسلم طاعة إبراهيم عليه السلام لربه سبحانه وتعالى، والخير الذي جناه من وراء تلك الطاعة، وصارت هذه الطاعة شعيرة من شعائر الإسلام، يتقرب المسلمون كل عام يوم عيد الأضحى بعد صلاة العيد بالذبح لله تعالى طاعة وقربًا لرب العالمين سبحانه وتعالى على ما أنعم عليهم من فضله وكرمه.
ونحن في هذا الموضوع شروط الأضحية وأحكامها، نتعرض إلى بعض الأمور والأحكام الخاصة بالأضحية وشروط الأضحية، وبعض الآراء الشرعية حول وجوبها واستحبابها وغير ذلك من الأمور في هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.
ماهية الأضحية:
الأضحية: هي كل ما يُذبح من بهيمة الأنعام – الإبل والبقر والغنم – بقصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى – في البلد الذي يكون المضحي مقيمًا فيه – من بعد صلاة العيد عيد النحر وحتى آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، بنية الأضحية، قال رب العالمين سبحانه وتعالى: { فصل لربك وانحر } [سورة الكوثر] وقال تعالى : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } [سورة الأنعام:162]، والنسك بمعنى الذبح، وقال تعالى : { ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلِموا } [سورة الحج :34].
والأضحية من السنن المؤكدة في قول أكثر العلماء، وقد قال بعض العلماء بوجوب الأضحية كما سيأتي لاحقًا، والأصل أن الأضحية مطلوبة في الوقت المعين لها عن نفس المضحي وعن أهل بيته، وللمضحي أن يشرك في ثواب الأضحية من شاء من الأموات والأحياء.
وقد اتفق أهل العلم أن ذبح الأضحية والقيام بالتصدق باللحم منها هو أفضل من الصدقة بقيمة الأضحية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى، ومن هنا نعرف أن الأضحية هي الأولى والأفضل من التصدق بقيمتها، وذلك هو ما عليه مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة.
انظر أيضًا: أدعية عيد الأضحى المبارك
فضل الأضحية وأفضلها:
تجزئ الشاة عن الواحد وعن أهل بيته وعياله للحديث الوارد عن أبي أيوب: «كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه.
والمنصوص عليه أن يضحي المضحي ببهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم، وقال بعض أهل العلم أن أفضل الأضاحي هي الإبل ثم البقر ثم الشاة ثم الشراكة في بدنة ناقة أو بقرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة: «ومن راح في الساعة الأولى فكـأنما قرب بدنة» وبذلك قال أئمة المذاهب الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
والبدنة والبقرة تجزئ كل واحدة منهما عن سبعة؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال «نحرنا بالحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.»
وفي لفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة في واحد منها»
وفي لفظ آخر: «فتذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها» رواه مسلم.
انظر أيضًا: أدعية عيد الأضحى
حكم الأضحية:
الأضحية هي من شعائر الإسلام، فلو تواطأ أهل بلد على تركها لقوتُلوا حتى يقوموا بحق هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الدين.
وقد قال بعض أهل العلم بوجوبها، واستدل أصحاب هذا الرأي بقوله تعالى في سورة الكوثر: {فصلِّ لربك وانحر} فقالوا: هنا الفعل أمر يقتضي الوجوب.
واستدلوا أيضًا بحديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله» رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم : «من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا» رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال أكثر أهل العلم أنها سنة مؤكدة فهذا قول الجمهور، واستدلوا بحديث جابر رضي الله عنه في سنن أبي داود حيث قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبشين فذبحه فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي.
واستدلوا بحديث: «من أراد منكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظافره».
يعلق الشيخ العثيمين على ذلك بعد سرده لأدلة القائلين بالوجوب والقائلين بأنها سنة مؤكدة، يعلق الشيخ بأن الأدلة تكاد تتكافأ، ومن باب الاحتياط ينبغي عدم تركها مع القدرة عليها؛ لما في ذلك من تعظيم لشعائر الله تعالى، وتعظيم لذكره سبحانه وتعالى، وإبراءً للذمة باليقين التام.
شروط الأضحية:
أن تبلغ السن المطلوبة، والسن التي يجب مراعاتها في الضأن هي ستة أشهر، وفي المعز هي عام، وفي البقر عامان، وفي الإبل خمس أعوام.
أن تكون سالمة من العيوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أربع لا يجزين في الأضاحي، العوراء البين عورها ، المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والعجفاء التي لا تنقي» انظر: صحيح الجامع.
وتوجد عيوب خفيفة لا تمنع من الإجزاء ولكنها تكون مكروهة في الأضحية، كالعضباء التي تكون مقطوعة القرن والأذن، والبهيمة التي تكون مشقوقة الأذن، فالأضحية من أنواع القربات والطاعات لله سبحانه وتعالى، ورب العالمين طيب لا يقبل إلا طيبًا، ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
تحريم بيع الأضحية، فإن تحددت الأضحية لم يجز للشخص أن يبيعها ولا أن يهبها إلا أن يبدلها بما هو خير منها، وإن ولدت الأضحية يضحي بولدها معها، كما يجوز له أن يركبها عند حاجته، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة فقال اركبها ، قال إنها بدنة ، فقال اركبها في الثانية أو في الثالثة.
ذبح الأضحية في وقتها المعين، وهذا الوقت المعين هو من بعد صلاة العيد وخطبة الصلاة، وليس بعد دخول وقت الصلاة، إلى أن تغيب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كان ذبح قبل الصلاة فليُعد» أخرجه البخاري ومسلم ، ولقول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : ( أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده ) وهذا هو مذهب الحسن البصري ومذهب عطاء والأوزاعي والشافعي، واختاره ابن المنذر.
ماذا يفعل المضحي بالأضحية؟
من المستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته أول ما يأكل إذا تيسر له هذا الأمر؛ لحديث «ليأكل كل رجل من أضحيته» انظر: صحيح الجامع، وأن يتم هذا الأكل بعد أن يصلي العيد وبعد أن يحضر الخطبة، وهو قول العلماء من أمثال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وغيرهما من أهل العلم ودليل ذلك حديث بريدة رضي الله تعالى عنه : «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح» قال الألباني : إسناده صحيح.
ومن المستحب أن يتم تقسيم لحم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث: ثلث للأكل وثلث للهدية وثلث للصدقة، وهذا قول ابن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما.
كذلك اتفق أهل العلم على عدم جواز بيع شيء من لحم الأضحية أو شحمها أو جلدها؛ لما ورد في الحديث: «من باع جلد أضحيته فلا أضحية له» حسنه الألباني.
انظر أيضًا: أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة
كان هذا ختام موضوعنا حول شروط الأضحية وأحكامها، قدمنا خلال هذه المقالة بعض المعلومات الهامة حول الأضحية وحول شروط الأضحية والأحكام المتعلقة بها، ومما تكون الأضحية، فلا تجوز الأضحية إلا من بهيمة الأنعام كما بينَّا وهي الإبل أو البقر أو الغنم، وبينَّا أنه ينبغي أن يختار المضحي أضحيته اختيارًا جيدًا فلا تكون عوراء أو عرجاء أو مقطوعة الأذن أو غير ذلك مما يعيب الأضحية، فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وبينَّا السن الملائم الذي يجب ألا تكون الأضحية تحت هذا السن وإلا لم تجُز الأضحية.