إن رب العالمين سبحانه وتعالى يجازي عباده المتقين في اليوم الآخر بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يجازيهم بالنعيم الأزلي المقيم، يجازيهم على صبرهم في هذه الحياة الدنيا على المشقات وعلى البلاءات المختلفة، يجازيهم على عبادتهم وتقربهم إليه سبحانه، ومن الأمور التي يجازي الله بها عباده المؤمنين ما ينعم عليهم به من الحور العين، وهم نساء خلقهنَّ الله تعالى من أجل عباده المتقين وقد جاء وصفهم في الأحاديث الشريفة على صورة عظيمة الجمال والروعة.
ونحن في هذا الموضوع صفات الحور العين من نساء الجنة، نتعرض إلى بعض صفات هؤلاء النسوة من الجنة، ونتكلم عن وصفهم في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
صفات الحور العين :
كلمة حوراء معناها المرأة شديدة البياض، ذات عيون سوداء داكنة جدًّا، وتوصف بالبهاء والحسن، والحور العين هنَّ النساء اللائي أخبر الله تعالى عباده المتقين بأنهن مقصورات في الخيام، لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان، جمالهن فوق الخيال، وصورتهن فوق الوصف، وقد جاءت الأدلة القرآنية والنبوية الشريفة على وجودهنَّ، كما سيأتي في بقية المقالة إن شاء الله تعالى.
الحور العين في القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان: 51-54].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الطور: 17-20].
وقال تعالى: ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: 70-75].
وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الواقعة: 10-24].
صفات الحور العين في الأحاديث الشريفة:
فلا يمكننا حصر الأحاديث الصحيحة في هذا الباب، وأما ما ورد في الصحيحين، فحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا. رواه البخاري ومسلم.
وفي حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد ـ يعني سوطه ـ خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها. رواه البخاري.
وفي حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة: ومثل له شجرة ذات ظل، فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها… وساق حديثا، وفيه: ثم يدخل بيته فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين فتقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك، فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت. رواه مسلم.
كان هذا ختام موضوعنا حول صفات الحور العين من نساء الجنة، قدمنا خلال هذه المقالة بعض المعلومات حول وصف الحور العين وأدلة وجودهنَّ في الكتاب والسنة، وقد اختص الله تعالى أهل طاعته بهؤلاء الحور العين اللائي يُرى مخ سوقهما من وراء اللحم من شدة حسنهما وجمالهما ورقة طباعهما، فللمؤمنين ما لذ لهم من النعيم في الآخرة جزاء ما صبروا على أوامر الله تعالى واجتنبوا نواهيه في الحياة الدنيا، فاللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.
