محتوي الموضوع
إن الوسواس القهري يعد مشكلة نفسية مزمنة وشائعة الحدوث ، حيث يشعر المصاب بالحاجة الملحة لفعل تصرفات معينة بصورة متكررة وقهرية خارجة عن سيطرته وإرادته ، وتخطر عند المريض هواجس وأفكار متكررة تسبب له قلق ، ومن الممكن أن نشبه القلق بنظام تنبيه وإنذار للجسم لحمايته من المخاطر ، إن الوسواس القهري يعمل على استهلاك نظام الإنذار هذا ، وكأنه يعمل على تحفيز نظام الإنذار من قبل أي مسبب ، وذلك بصرف النظر عن حجمه وكأنه خطر مطلق أو تهديد كبير وكارثي ، في حين يجب التحفيز فقط عندما يكون هناك مشاكل وأخطار حقيقية تستدعي هذا الأمر ، إن تلك المشكلة قد تتسبب لدى الإنسان المصاب بالتأثير على كافة نواحي حياته كالعمل والعلاقات الاجتماعية ، والدراسة ، وغيرها ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على علاج الوسواس القهري وأسبابه ، فتابعوا معنا.
تعريف الوسواس القهري:
يمكننا أن نقوم بشرح معنى الوسواس القهري من خلال تعريفات المختلفة ، حيث يعد الوسواس القهري من أكثر الأمراض العصبية المنتشرة ، فقد أشارت العديد من الدراسات لإصابة شخص واحد من بين كل 40 شخص بالغ ، ويتم تعريفه في علم النفس على أنه إصابة الإنسان بأفكار سلبية والدخول بدائرة الهواجس والمخاوف غير المنطقية بصورة متكررة ، فتهيمن على تفكيره وتقتحم عالمه الداخلي ، وتقوم بالسيطرة على جميع أفعاله ، وتقف بوجه سير حياته بصورة طبيعية ومستقرة بفعل التصرفات والاستجابات القهرية.
وقد تظهر تلك الأفعال والاستجابات القهرية النمطية على الجنب العقلي أو على الجانب الجسمي ، والتي يقوم بها الإنسان من أجل أن يتخلص من حالات القلق الناتجة عن الوسواس ، وتظهر تأثيراته السلبية على حياة الشخص الاجتماعية وعلاقاته مع الأشخاص الآخرين ، ومن يعاني من هذا الاضطراب ففي الغالب يعرف بأنه يعاني من الوساوس القهرية والتصرفات القهرية المتكررة والتي لا يمكن أن يتخلص منها ، بالإضافة إلى ما ذكرنا فقد ظهرت العديد من التعريفات للوسواس القهري من قبل العديد من الجمعيات والعلماء ، ومن أهمها :
- تعريف الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع : هذه الجمعية قد عرفته على أنه نوع من أنواع أمراض واضطرابات القلق العصابية النفسية ، حيث ينمو لدى الشخص الكثير من الأفكار والمخاوف غير المنطقية تدفعه لفعل تصرفات وأفعال نمطية متكررة.
- موسوعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمحتوى الصحي : تلك الموسوعة قد عرفته على أنه اضطراب بالحالة الصحية للإنسان والتي يعاني بها من عدد من الأفكار الوسواسية ، ثم يتبعها نشاط سلوكي قهري غير مرغوب فيه.
- تعريف حامد زهران : وقد عرفه على أنه عدد من الأفكار المتسلطة على الإنسان ، كما عرف القهر على أنه سلوكيات إجبارية ناتجة عن تلك الأفكار ، حيث يظهر السلوك الإجباري بصورة متكررة وقوية على المريض.
للمزيد يمكنك قراءة : كيف اتخلص من وسواس المرض
علاج الوسواس القهري:
- إن علاج حالات الوسواس القهري تتم في العادة إما باستعمال الأدوية ، أو من خلال العلاج النفسي ، أو من خلال دمجهما سوياً ، وعلى الرغم من استجابة جميع المرضى للعلاج إلا أن بعض الحالات قد يستمر فيها وجود الأعراض وظهورها ، ومن المهم جداً الأخذ بعين الاعتبار عند اختيار العلاج وجود اضطرابات نفسية أخرى تصاحب الوسواس القهري لدى المصاب.
العلاج النفسي:
- إن العلاج السلوكي المعرفي يعد أحد العلاجات المستعملة من أجل علاج المشاكل النفسية ، ومن أكثر أنواعه فاعلية لعلاج الوسواس القهري هو العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة ، فإن الجزء المعني بالتعرض يشير للمواقف والأفكار التي تثير القلق وتحفز بدء الهواجس لدى الإنسان المصاب ، أما بخصوص منع الاستجابة فهو الاختيار التام لعدم فعل التصرف القهري عند تحفيز القلق أو الهاجس لأمر ما ، ويتم فعل هذا الأمر تحت إشراف دكتور معالج ببداية الأمر كي يتمكن الإنسان المصاب التمرين على ذلك العلاج بنفسه من أجل السيطرة على الأعراض.
- يعد ذلك العلاج كنوع من تحدي القلق للمصاب من أجل أن يواكب ويتناسب مع ما يحدث معه فعلاً ، ومن المهم جداً أن يتعهد الشخص المريض وأن يلتزم بعدم الاستسلام والعودة للتصرفات القهرية ، حيث إن عدم فعل تلك التصرفات القهرية مع مرور الوقت سوف يخفف من مستوى القلق عند الإنسان ، ويسمى ذلك الانفخاض الطبيعي بمستوى القلق بعد الاستمرار بذلك العلاج التعود.
للمزيد يمكنك قراءة : تخلص من الخجل بـ6 طرق مدهشة
العلاج الدوائي:
- هناك العديد من أنواع الأدوية يطلق عليها مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تستعمل من أجل علاج الوسواس القهري ، وتلك الأدوية تصنف ضمن مضادات الاكتئاب ، إلا أن ليس كل مضادات الاكتئاب فعالة في علاج الوسواس القهري ، ولم تحدد آلية علاج تلك الأدوية للوسواس القهري والهيمنة عليه سوى أنها تؤثر على وجود السيروتونين بدماغ الإنسان ، حيث تختل عملية التواصل ما بين الأعصاب بالدماغ بالحالات التي لا يكون بها السيروتونين موجود بصورة كافية.
- قد يحدث الاكتئاب ببعض الحالات بسبب الوسواس القهري ، وفي تلك الحالات تعالج الحالتين سوياً عن طريق الدواء ذاته ، ومن المهم جداً أن يعلم الشخص المصاب أن تلك الأدوية لا يتم أخذها فقط عند الشعور بالتوتر ، بل يجب أن تؤخذ بصورة يومية وبانتظام حسب تعليمات وتوجيهات الدكتور ، من أجل الحفاظ على مستوى ثابت من السيروتونين.
- إلا أن 50% من الأشخاص المصابين يتوقفون عن تناول الأدوية إما بسبب الأعراض الجانبية ، أو بسبب أسباب أخرى ، والصحيح أنه بحال شعر الشخص المريض بالأعراض الجانبية للدواء فعليه أن يناقش ذلك الأمر مع طبيبه كي يجد حل كتغيير الجرعة أو تغيير نوع الدواء ، ومن الجدير ذكره أن 7 من كل 10 أشخاص مصابين بالوسواس القهري يستجيبون إما للعلاج الدوائي ، وإما للعلاج بالتعرض ومنع الاستجابة.
أعراض الوسواس القهري وعلاماته:
- إن الأعراض المرتبطة بالوسواس القهري قد تأتي وتذهب ، وقد تسوء وتتحسن بمرور الوقت ، ومن الهواجس والأفكار المتكررة والملحة التي قد تحدث عند الإنسان المريض بالوسواس القهري والتي قد تؤدي لقلق كبير عنده هي الخشية من الجراثيم أو التلوث ، أو الأفكار التي تتعلق بالأشياء المحرمة أو الممنوعة كالأفكار التي تتعلق بالجنس ، أو الأفكار المؤذية ، أو المعتقدات الدينية ، أو الأفكار العدائية أو الهجومية تجاه الذات أو الآخرين ، أو الرغبة في جعل الأمور مرتبة مثالياً أو بصورة متماثلة ، وغيرها.
- أما بخصوص التصرفات والدوافع فمنها هوس غسل الأيدي بصورة مفرطة ، أو التنظيف ، أو تنظيف الأشياء بصورة دقيقة ومحددة ، أو إعادة التدقيق والتأكد من الأمور بصورة متكررة ، كعد الأمور وحسابها بصورة قهرية وخارجة عن الإرادة ، أو التأكد من إغلاق الأبواب مراراً وتكراراً ، ذلك بالإضافة للقيام بتصرفات مفاجئة وقصيرة ومتكررة كتجهم الوجه ، أو غمز العين المتكرر ، أو اهتزاز الرأس أو الكتفين.
- تختلف العادات عن الوسواس القهري بأن الإنسان المريض بالوسواس القهري لا يمكنه أن يتحكم بتلك التصرفات والأفكار حتى ولو كان مدرك بأنها أشياء مبالغ بها ، كما أن الإنسان المريض لا يشعر بالراحة أو بالمتعة عندما يقوم بتلك التصرفات ، إلا أنها تخفف بصورة بسيطة من القلق الذي تتسبب به الأفكار ، ويقضي الشخص المصاب بالوسواس القهري على الأقل ساعة في اليوم منشغل بتلك التصرفات أو الأفكار.
عوامل الإصابة بالوسواس القهري ومضاعفاته:
- من ضمن العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بالوسواس القهري أو تحفز حدوثه هي وجود تاريخ مرضي لذلك الاضطراب بأحد أفراد العائلة مثل الأبوين ، بالإضافة إلى أن التعرض للأحداث اليومية المثيرة للتوتر والضغط العصبي مثل التعرض لصدمة قد تزيد من احتمالية حدوثه ، حيث قد يسبب رد الفعل هذا لتحفيز الأفكار والتصرفات والاضطرابات العاطفية المختصة بالوسواس القهري ، ومن ضمن الأسباب التي من الممكن أن تؤدي لحدوثه وتكون سبب له هي وجود اضطرابات ذهنية أخرى كتعاطي مواد مخدرة ، أو الاكتئاب ، وغيرها.
- إن مشكلة الوسواس القهري قد تؤدي لإحداث مشاكل صحية أخرى كالتهاب الجلد التماسي ، نتيجة لغسل الأيدي المتكرر ، وقد تؤدي لأفكار وتصرفات إجرامية مثل : الانتحار وغيرها الكثير ، الأمر الذي يفضي بنهاية المطاف لسوء جودة الحياة للإنسان المصاب.
للمزيد يمكنك قراءة : الوسواس القهري وعلاجه بالرقية الشرعية
للمزيد يمكنك قراءة : كيف تتخلص من الافكار السلبية