الصلاة هي صلة العبد بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، وقد شرع الله تعالى أذكارًا تقال بعد الصلاة، وقد وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الله تعالى في كل حال وعلى أي شأن من الأمور التي تقرب العبد من الله تعالى، وتقوي رابطته الإيمانية بهذا الدين العظيم، فينبغي على العبد المسلم أن يحافظ على الأذكار بصورة عامة وخصوصًا أذكار ما بعد الصلاة، ففيها من الفضل العظيم والثواب الجزيل الكبير الذي لا يقدر قدره إلا الله تعالى.
ونحن في هذا الموضوع نتعرض إلى فضل الأذكار التي تقال بعد الصلاة ومدى المنفعة العائدة على العبد منها، وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصى بها لعظيم منفعتها على العبد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدع شيئًا من أمور الدين إلا وبلغه لأمته؛ كي يُعْلِمهم بخير ما ينجيهم، وينهاهم عما قد يهلكهم، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه تعالى من أعظم الواجبات.
فضل أذكار الصلاة
- آية الكرسي التي تقال بعد الصلاة سبب لدخول العبد الجنة، وهي: {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَاشَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم}.
- ففي الحديث عن أَبِي أُمَامَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ». رواه النسائي.
- التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلاة سبب لغفران الذنوب والخطايا، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَحَمِدَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَكَبَّرَ اللَّهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ, وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ, وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ, وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه.
- تعويد العبد نفسه أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من أوراد بعد الصلاة، فقد ورد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أنه كان يعلم أبناءه تلك الكلمات ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة : “اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ،وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر” رواه البخاري والترمذي.
- قراءة سور: الإخلاص والفلق والناس بعد الصلاة من أسباب حفظ العبد، فلم يُتعَوذ بمثل هذه السور، ففي الحديث عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، تعوَّذ بهن ، فإنه لم يُتَعَوذ بمثلهن، اقرأ المعوذات دبر كل صلاة.
- رفع الدرجات وكسب الحسنات ومحو السيئات، ففي الحديث: (مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَحُرِسَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا الشِّرْكَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
كان هذا ختام موضوعنا حول فضل أذكار الصلاة وثواب ما يقال بعد الصلاة من الأوراد، قمنا باستخلاص بعض المنافع والفضائل التي تعود على العبد من وراء محافظته على أذكار ما بعد الصلاة، وكيف أنها تجعل العبد المسلم في حرز حريز من أن يمسه شيطان من الشياطين أو أن يحصل له شيء من الأذى، وكيف أن هذه الأذكار من أهم أسباب دخول الجنة؛ لاشتمالها على سورة الكرسي التي تكون سببًا في دخول العبد الجنة إن شاء الله تعالى.