محتوي الموضوع
مرّ عام وجاء وقت الحج، وذهب الأنصار أهل الخزرج للحج، وقد أصبحوا 73 رجلا مسلما، ولكنهم هذه المرة اتفقوا على ألا يتركوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسط الكفار ليؤذوه، ووصلوا لقرار بينهم أنهم سيقابلون النبي الكريم سرا في نفس المكان الذي تقابلوا فيه وهو العقبة.
بيعة العقبة الثانية
وبينما جميع الحجاج نائمون، تسلل المسلمون أهل الخزرج وذهبوا عند العقبة لمقابلة النبي، وهناك في العقبة قابلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و كان معه عمه العباس ولم يكن قد أسلم وقتها، ولكنه كان يحب النبي حبا جما ويدافع عنه من الكفار ، فقال العباس لأهل الخزرج، أنا أعرف أنكم تحبون سيدنا محمد وتريدونه أن يذهب معكم إلى المدينة ولكنكم يجب أن تعلموا أنني كنت أحميه من الكفار، فان لم تستطيعوا حمايته مثل أقرب الناس إليكم إذن فهو لن يترك المدينة ولن يذهب معكم
وعندئذ وقف أحدهم و قال: سندافع عنه بأرواحنا و بكل قوتنا ..
فقام النبي الكريم وأخذ يكلم الناس عن الإسلام انه دين الله والذي فيه كل الخير لكل الدنيا
و طلب منهم أن يتبعوا بنود الاتفاق الجديد.
بنود بيعة العقبة الثانية
كان هدف بيعة العقبة الثانية عظيما جدا ويحمل الكثير من المعاني العميقة والتي أرست قواعد الاسلام حيث كان هدفها الأسمى هو الجهاد في سبيل الله بالنفس وبالمال، وهذه أهم بنود بيعة العقبة الثانية: وهي السمع والطاعة لله تعالى وللنبي في كل الأحوال، سواء كان في اليسر أو العسر، في السلم أو الحرب وفي الحضر أو في السفركما قال تعالى (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، أما البند الثاني فهو الإنفاق حيث وجب على المسلمون الإنفاق في سبيل الله بالمال وبالجهادلأن مرحلة تأسيس الدولة الاسلامية تعتمد على الجهاد الذي يتطلب جيشا قويا، وعدة واقتصاد قويكما قال الله تعالى (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، والبند الثالث من بنود بيعة العقبة الثانية هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يعتبر علامة رائعة من علامات الخير في الاسلام ومن فضائل الأمة الإسلامية حيث قال ربنا جل وعلى ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم، مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)، والبند الرابع هو كلمة الحق فهي من أهم صفات المؤمن الذي يجب أن يتصف بها وهم الذين يحبون الله ويحبهم، فلا يخافون في الله لومة لائم وقال عز وجل في وصفه إياهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )، خامس بند من بنود العقبة الثانية وأهمهم هو القتال حيث استلزمت الدعوة القتال من أجلها دفاعا عن رسول الله وعن انتشار الاسلام، والدفاع يكون كما لو أنهم يدافعون عن أنفسهم وعن أولادهم، أو أزواجهم، سادس بنود البيعة هو الجنة فهي أجمل مقابل يحصل عليه المؤمن الذي دافع وجاهد في سبيل الله وفي سبيل نصرة رسول الله، وهي أعظم الصفقات لأنها تكون مع الله، وهذا الجزاء “الجنة” ليست في الدنيا وإنما ستكون في الآخرة، فهي الصفقة الرابحة الخالصة لوجه الله تعالى.
المسلمون يوافقون على بنود اتفاق بيعة العقبة الثانية
وقف أحد المسلمين وقال اسمعوا يامسلمي المدينة هذا الاتفاق الذي يجعلكم تأخذون محمد صلى الله عليه وسلم للمدينة ودفاعكم عنه سيجعل كل كفار الأرض يأتون لمحاربتكم، فان لم تستطيعوا مواجهة ذلك وتحمله وعدم الخوف، اذن فلا داعي لهذا الاتفاق، أما اذا كنت ستكونون شجعان وكان عندكم من الصبر والقوة والتحمل على ماستواجهونه من الكفار، اذن فهنيئا لكم قدوم النبي معكم وما ستكسبونه في الدنيا والآخرة.
فرد المسلمون عليه قائلين :
كلنا سنجتمع على قلب رجل واحد وسندافع عن نبينا الحبيب بكل قوة فينا ولن نخاف من أي احد
ثم نظر المسلمون للنبي الكريم وسألوه وما جزاؤنا يارسول الله
فأجابهم النبي الجنة ..
فقالوا له مد يدك إلينا و قاموا إليه يسلمون عليه ويقولون له انهم سينفذون كل كلمة من بنود هذا الاتفاق، وسمي الاتفاق بيعة العقبة التانية.