قصص ثقافية واقعية مقتطفات من حياة زيد بن ثابت رضي الله عنه
لعلكم تسألون من هو زيد ؟ هو طفل مات أبوه وعمر الصغير ست سنوات، وأمسك بزمام حياته، يصنع منها شيئا باقيا يجعلنا نذكره ولا ننساه.. أتقن اللغة العربية وتعلم العبرية»، نطقا وكتابة، ومن بعدها «السريانية»، وعاش حياة رائعة، وفرض اسمه علينا لنذكره بالتقدير فقد كان انساناً فذاً ويسعدنا ان نستعرض معكم اليوم في هذا المقال عبر موقع احلم مقتطفات من حياة زيد بن ثابت رضي الله عنه وارضاه من موضوع قصص ثقافية واقعية وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : قصص واقعية .
زيد بن ثابت
عندما وصل الرسول إلى المدينة المنورة، وبرفقته أبو بكر الصديق رض عنه، وأنشد الأطفال في استقباله طلع البدر علينا، كان هناك طفل بينهم مختلف عنهم قال البعض إنه قاد النشيد، وقال آخرون إنه قد وقف وحده، وعلى مقربة منهم، ولم يشاركهم الغناء، وراح يتطلع إلى الرسول ، في إعجاب وانبهار، إلى أن أقبل عليه شيخ قبيلة الخزرج، وأمسك بيده، وقاده إلى حضرة النبي ، وقدمه إليه قائلا: – هذا الغلام اسمه زيد بن ثابت، من قبيلتنا، رحل عنه أبوه وهو في السادسة من عمره، فما كان من أمه إلا أن صحبته إلى مكة، ثم عادت به، وقد حفظ من القران الكريم سبع عشرة سورة كاملة.
ارتفعت اصوات المهاجرين : ما شاء الله ! ما شاء الله ! نزيد أن نسمع منه ما تيسر من آيات الذكر الحكيم .. وفي ثبات وبصوت حلو بدأ يقرأ مما حفه وقد ساد صمت عميق احتراماً واجلالاً .
قيل إن الرسول صلي الله عليه وسلم مسح بيده على رأسه ودعا له أن يبارك الله فيه وينفع به الإسلام والمسلمين.. بدأ زيد يصلي وراء الرسول ، ويسعى إلى التقرب منه، والجلوس إليه، وكانت مفاجأة للغلام أن يطلب منه عليه الصلاة والسلام أن يتعلم العبرية.. واستطاع الفتى أن يتقنها، نطقا وكتابة، في وقت وجيز، مما جعل الجميع أنصارا ومهاجرين- ينظرون إليه في احترام وتقدير.
وعندما بدأ المسلمون يستعدون للخروج إلى غزوة بدر، تقدم زيد لكي يلتحق بالمجاهدين، لكنهم ردوه لصغر سنه.. وتكرر معه هذا في غزوة أحد، ولكنه شارك في غزوة الخندق، وحفر مع الأنصار في حماسة منقطعة النظير، ولم يتخلف بعدها قط عن الغزوات التالية، وكان حريصا على أن يكون من حماة الرسول ، وممن حوله، يلبي ما يأمر به عليه الصلاة والسلام، وكان من بين الكتيبة الخضراء التي أحاطت به يوم فتح مكة، حين دخلها منتصرا، وطاف فيها بالكعبة المشرفة، ولم يفته أن يشارك في تطهيرها من الأصنام هاتفا: الله أكبر
وأصبح زيد بن ثابت من كتاب الوحي، خاصة بعد أن أثبت تفوقه وتميزه.. فقد أكد للجميع أن له ذاكرة حافظة، كما أنه صاحب خط جميل، تسهل قراءته، وكان يستدعى لينقل إلى الرسول ما يتحدث به اليهود، وما يكتبونه، خاصة أن قلة فقط هم الذين يعرفون لغتهم، وكان يترجم بين المسلمين واليهود، وينقل في أمانة كاملة ما يقوله هؤلاء وأولئك، وقد حظي بثقة الرسول إذ كان دقيقا في اللغة العبرية التي أتقنها تماما، وبعدها مضى مع المجاهدين إلى تبوك، مجاهدا في سبيل الله، رافعا لواء الإسلام ضد الروم وبيزنطة، وقد احتلوا أرض بلادنا في فلسطين وسوريا ومصر، ومضى تحت قيادة الرسول يا ليحررها منهم، وبعدها سار إلى اليرموك مع خالد بن الوليد، وشارك في إيقاع الهزيمة بهم.
وهو بعد ذلك يعود إلى المدينة المنورة لكي يقوم بجهد علمي كبير ورائع، خدم به الإسلام والمسلمين ليومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة .. يوم رحل أبوه وعمره ست سنوات ظن الناس أن الامر قد انتهي وانه سيصبح نسيا منسياً لأنهم ما كانوا يعرفون انه صاحب ارادة قوية وانها كان قادراً على أن يجعل من حياته قيمة إنسانية تخلد مع الزمن.
فقد ولاه خليفة رسول الله أبو بكر الصديق روال مهمة الإشراف على جمع القرآن الكريم، وبقي في موقعه هذا طيلة حكم سيدنا عمر ، وفي عهد عثمان بن عفان و شارك في كتابة المصاحف الشريفة التي بعثوا بها إلى بلاد المسلمين.
امتدت الحياة به إلى عصر معاوية رضي الله عنه .. وعندما رحل عن الدنيا شيعة المؤمنون الذين أجلوه، وأحبوه، واحترموه.. فقد قضى عمره كله مسلما مؤمنا، مناضلا ومقاتلا للأعداء، وأعطى أيامه ولياليه للقرآن الكريم، كاتبا للوحي، جامعا لآيات الذكر الحكيم، ناقلا كلماته في أمانة .. كل ذلك كان بجوار براعته في الترجمة رضي الله عنه.. تحية لمن ساروا على دربه في الترجمة، بعد أن أصبحت لها في بلادنا كلية للألسن.