في عالم تتشابك فيه المشاعر وتتنازع فيه القلوب بين العقل والعاطفة، تأتي قصيدة “إني خيرتك فاختاري” لتضع الحب في مواجهة حاسمة مع المصير. كتبها نزار قباني، الشاعر الذي لطالما كان صوته مدوياً في سماء العاشقين، بأسلوبه الثائر على الجمود والمهادنة. هذه القصيدة ليست مجرد حوار بين رجل وامرأة، بل هي إعلان موقف: إما حب لا يخضع للمساومة، أو انسحاب دون رجعة. إنها صرخة عاطفية لا تترك للقلب رماداً دون نار.
القصيدة:
إني خيرتكِ فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
اختاري الحب أو اللاحب
فجبنٌ ألا تختاري
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بين الجنة والنار
ارمي أوراقك كاملة
وسأرضى عن أي قرار
قولي. انفعلي. انفجري
لا تقفي مثل المسمار
لا يمكن أن أبقى أبداً
كالقشة تحت الأمطار
اختاري قدراً بين اثنين
وما أعنفها أقداري
مرهقةٌ أنتِ
وخائفةٌ؟
وطويلٌ جداً مشواري؟
غريبٌ؟
أهذي؟
لستُ غريباً
إنّ الأمر هو الإصرار
إني خيرتكِ فاختاري
ما بين النعمة والنار
فجبنٌ ألا تختاري
في “إني خيرتك فاختاري”، لا يطلب نزار قباني حباً عادياً، بل حباً كاملاً، حاسماً، لا يرضى بأنصاف الحلول. يعبر عن كبرياء العاشق الذي يرفض التردد، ويمنح محبوبته حرية القرار بكل قوة، لكنه لا يترك مجالاً للتراجع. ولعل جمال القصيدة في بساطتها الواضحة، وصراحتها الجارحة، إذ يقول فيها كل من لا يستطيع قول الحقيقة بوجه الحبيب. لهذا ظلت هذه القصيدة من أكثر قصائد نزار تداولاً، لأنها تمثل لحظة صدق نادرة بين قلبين على مفترق الطرق.