كم مره حج الرسول ؟ حج الرسول صلى الله عليهم وسلم حجة واحدة وهي حجة الوداع. سميت حجة الوداع نسبةً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ودّع الناس فيها، ولم يحج بعدها. وسميت حجة الإسلام لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج من خارج المدينة إلا هذه الحجة. وكانت تسمى أيضًا حجة البلاغ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بلّغ الناس أحكام الله في الحج بالقول والفعل، مما أكمل بذلك جميع دعائم الإسلام وأسسه، وأوضحها للناس. وجاء في ذلك قول المولى -سبحانه وتعالى-:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [المائدة: 3]
قد يهمك أيضًا: كم حجة حجها الرسول
حجة الوداع
تمّت مهمة الدعوة ونقل الرسالة، وتأسيس مجتمع جديد على أساس إيمان بوحدانية الله ورسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. كان النبي مستشعرًا أن مهمته في الدنيا تقترب من النهاية كما لو كان يسمع نداءً خفيًا يدعوه للاستعداد. برغم معاناة الرسول وصبره على المحن لمدة تزيد عن عشرين عامًا في سبيل هذه الدعوة، إلا أنه شعر برغبة الله في أن يرى ثمار عمله. وفي نهاية مكة، التقى بممثلي قبائل العرب ليقدم لهم شرائع الدين وأحكامه، ومن جهتهم أعطوه الشهادة بأنه أدى الرسالة ونصح الأمة.
قد يهمك أيضًا: نص خطبة حجة الوداع
متى كانت حجة الوداع ؟
أعلن النبي صلى الله عليه وسلم نيته لأداء حجة الوداع، وهي حجة تاريخية شهدت حضورًا كثيفًا من المؤمنين الذين حرصوا على مرافقته في هذه الرحلة. في يوم السبت الموافق للرابع عشر من شهر ذي القعدة، استعد النبي صلى الله عليه وسلم للرحيل. نزل من فوق الإبل وأعد نفسه للرحيل، ثم انطلق بعد الظهر في طريقه إلى ذا الحليفة، ووصل هناك قبل صلاة العصر، فأدى ركعتين وأقام في الموقع حتى أشرق الفجر.
ثم قال: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة.
خطبة حجة الوداع
فرض الله فريضة الحج في الإسلام كوسيلة لتطهير هذه الشعيرة المقدسة من آثار الشرك والتبعات الخاطئة التي كانت تمارس في الجاهلية. تحول الحج في ظل الإسلام إلى شعيرة تبنى على أسس التوحيد ونبذ الشرك، وكانت حجة الوداع اللقاء الأخير الضخم الذي جمع عددًا كبيرًا من المسلمين مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث تبادلوا معرفة مناسك الحج واستمعوا إلى خطبته الشاملة التي أطلق عليها لقب “خطبة الوداع”. وشملت:
“أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث- وكان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل- وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله.
فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله. أيها الناس، إنه لا نبيّ بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا أولات أمركم، تدخلوا جنة ربكم. وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد. ثلاث مرات. وكان الذي يصرخ في الناس بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو بعرفة- ربيعة بن أمية بن خلف.”
بعد أن ألقى النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة، أذّن بلال للصلاة ثم أقامها. أدى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر، ثم أقام صلاة العصر، ولم يؤدي بينهما أي صلاة زائدة. بعد ذلك، انطلق ركوبًا حتى وصل إلى الموقف، ووضع بطن ناقته القصواء باتجاه الصخور. وضع جبل المشاة أمامه، وواجه القبلة، وظل واقفًا حتى غروب الشمس واختفاء الضوء الأحمر من الغروب.
بعدها .. أدى صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة بأذان واحد وإقامتين دون أن يصلي بينهما صلاة زائدة. ثم استلقى حتى طلع الفجر وأدى صلاة الفجر بعدما تبينت علامات الفجر بأذان وإقامة. بعد ذلك، انطلق راكبًا حتى وصل إلى المشعر الحرام، وهناك استقبل القبلة، دعا وكبر، وظل واقفًا حتى طلع الفجر.
ما هي أسماء حجة الوداع ؟
هناك عدة أسماء تستخدم للإشارة إلى حجة الوداع، فمنها لقب “حجة الإسلام”، ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى هذه الحجة، وذلك بعد فرض الحج على المسلمين. كما يطلق عليها أيضًا لقب “حجة البلاغ والتمام”، نظرًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل بموجبها رسالته وأدى الأمانة الموكلة إليه.
قد يهمك أيضًا: قصص عن الرسول تبكي
في ختام الحديث عن حجة الوداع، يظهر هذا الحدث العظيم كنقطة تحول ومرحلة مهمة في تاريخ الإسلام. إنها ليست مجرد لقاء أخير، بل هي رسالة تؤكد على الوحدة والتواصل بين المسلمين، وعلى أهمية تعاليم الدين وحكمته في بناء مجتمع مترابط. كانت حجة الوداع نقطة تواصل وتلاقٍ بين مختلف القبائل، ودلت على التفاعل الإنساني العظيم الذي يميز الإسلام، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم ويوجه في بيئة مفعمة بالمحبة والتآزر. تبقى حجة الوداع درسًا حيًا في التسامح والتعايش السلمي وتعظيم قيم الإنسانية والتضحية.
