لقد اختلف أهل العلم بحكم التلفظ بالنية ، فذهب جمهور أهل العلم من الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة للقول بأن التلفظ بنية الصوم سنة من السنن المشروعة ، ولا يكفي التلفظ بها باللسان وحسب ، بل يجب عقدها بالقلب ، أما المالكية فأفتوا بأن الأولى ترك التلفظ بالنية ، أما الجهر بالنية فلا يستحب وذلك باتفاق أهل العلم ، لأن النيلة محلها القلب ، كما أن الجهر بها تعد بدعة ، ولم ينقل ذلك عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، وفي هذا اليوم سوف نسلط الضوء أكثر على ماذا اقول في نية الصيام القضاء وحكم قطع نية صيام القضاء ، فتابعوا معنا.
دعاء عقد نية الصيام:
- إن دعاء عقد نية الصيام من الأشياء التي لم يرد بها أي نص من السنة النبوية الشريفة ، حيث لم يرو عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، أي دعاء مخصوص يردده المسلم بصيامه لكل يوم ، وإنما محل النية القلب فقط ، أما ما روي من قول الصحابي طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه ، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول عند رؤية الهلال : [اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ] ، فهو دعاء متعلق برؤية الهلال أو الشهر فقط ، كما أنه غير محدد بهلال شهر رمضان المبارك ، بل بكل شهر هجري.
للمزيد يمكنك قراءة : ما هي مبطلات الصيام ومكروهاته عند الرجل
كيفية عقد نية الصيام:
- إن نية الصيام تتحقق عندما ينوي العبد المسلم من ليلته صوم الغد عن أداء صوم شهر رمضان المبارك في سنته المعينة ، وبذلك يتميز صوم شهر رمضان عن غيره من الصوم ، وتصح النية ، إما بتحديد صوم اليوم ، أو تحديد صوم شهر رمضان المبارك كاملاً ، كقول : [نويت صوم شهر رمضان] ، ويتحقق بذلك صوم اليوم ، أو الشهر المحدد ، ونشير هنا إلى أن تحديد نية القضاء الواجب على المسلم ، لو كان عليه قضاء يومين من رمضانين مختلفين لا تلزم ، بمعنى أن نية القضاء تصح دون تحديد أي يوم من أي شهر ، حيث إن كلا الأمرين من جنس واحد.
نية قطع الصيام:
لقد اختلف أهل العلم على حكم من قطع نية الصوم ، وفيما يلي توضيح لما ذهب إليه كل مذهب من المذاهب الفقهية :
- الحنفية : أفتوا بعدم بطلان صوم من نوى إفساد صومه بالفطر ، على اعتبار أن الصوم كحال غيره من العبادات كالحج ، لا يخرج الشخص المسلم منه بمجرد نية إفساده ، وقد استندوا في قولهم هذا بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : [إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ أوْ تَتَكَلَّمْ قالَ قَتادَةُ: إذا طَلَّقَ في نَفْسِهِ فليسَ بشيءٍ]
- الشافعية : وأفتوا بعدم بطلان الصوم بنية قطعه ، ولو جزم الشخص المسلم نيته للخروج منه.
- الحنابلة : وأفتوا بعدم بطلان الصوم بالتردد بالنية بين الصوم ، أو الإفطار ، أما بحال جزم النية بالإفطار ، فإن الصوم يبطل بذلك ، حتى ولو انعدم أي نوع من المفطرات مثل : الأكل أو الشرب.
- المالكية : أفتوا بفساد صوم من نوى قطع صيامه بنية الفطر مطلقاً ، دون أن يتناول مفطر من المفطرات ، إلا ما ذكر عن ابن حبيب بكتابه من أن الصوم لا يفسد إلا لو كان بإتيان فعل مثل تناول مفطر ، ولا يعتد بالنية فقط.
للمزيد يمكنك قراءة : احكام الصيام ومفطراته عند الشافعية
تعليق النية:
- إن المراد بتعليق نية الصيام هو تحديدها بمشيئة الله عز وجل ، كأن يقول العبد المسلم : [نويت صيام اليوم التالي من رمضان إن شاء الله] ، وهذا مما يبطل النية ، لأن الأصل بنية الصوم الجزم بها ، أما لو قصد العبد المسلم التبرك بالمشيئة ، كانت نيته صحيحة لو كان جازماً بها ، بينما لو نوى العبد المسلم في يوم الـ29 من شهر شعبان صوم اليوم التالي إن كان رمضان ، فوقتها لا تصح نيته إن أتى رمضان ، وذلك لانتفاء الجزم بالنية ، أما لو غلب على ظنه أن اليوم التالي أول يوم من شهر رمضان ، فنيته صحيحة ، ولو نوى مثل ذلك في اليوم الـ29 من شهر رمضان ، فوقتها تصح نيته لو كان اليوم التالي هو اليوم المتمم لشهر رمضان المبارك ، لأن الأصل بقاء نية صوم شهر رمضان.
للمزيد يمكنك قراءة : احاديث عن رمضان وآيات عن فضل الصيام