صاحب كتاب البداية والنهاية هو الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير، كان صاحب فضائل كثيرة وعلم غزير وفضل كبير وخلال عذبة، حيث لا يتصف بتلك الصفات إلا أكابر العلماء الأخيار والجهابذة الكبار، فقد كان حافظًا متقنًا، وهبه الله تعالى حافظة قوية وموهبة متفوقة وذاكرة تفوق الكثيرين من أقرانه، حيث استطاع حفظ المتون والعلوم وكنز المعلومات، وقد ظهر الأثر في ذلك جليا من خلال مصنفاته الكثيرة، وقد حفظ الإمام ابن كثير القرآن وهو في سنة الحادية عشرة، قد حفظ الفقه الشافعي ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه، وحفظ المتون المختلفة، وقال شيخه الذهبي عنه: ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة.
ونحن في هذا الموضوع من مؤلف كتاب البداية والنهاية وسيرته، نتعرض إلى بعض المعلومات التاريخية حول هذه الشخصية الفريدة وما أنجزت من مؤلفات لا زالت باقية وخالدة إلى يوم الناس هذا.
مؤلف كتاب البداية والنهاية :
ذكرنا أن الإمام ابن كثير هو صاحب كتاب البداية والنهاية، وله العديد من الكتب، وله سيرة حسنة طيبة هي قدوة لكل من يريد النجاح والفلاح إن شاء الله تعالى، فقد كان الإمام ابن كثير من الورعين أصحاب الإنصاف والإتقان، فكان يكتب في كل فن بعلم وحلم وأدب وأخلاق عالية.
وله مؤلفات كثيرة تشهد له بالباع الطويل في معالجة مسائل العلم وفي إنصاف الخصوم، وفي الغيرة على دين الله تعالى، فقد كان كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، متخذًا من علمه أداة لتصحيح ما عليه الناس من أخطاء وأوهام، فكان نِعْم العالم ونِعْمَ المربي الذي ينبغي أن يكون قدوة لكل الأجيال.
مؤلفاته:
لابن الكثير العديد من المؤلفات من أشهرها: تفسير القرآن العظيم، وكتاب البداية والنهاية، وكتاب التكميل في معرفة الضعفاء والمجاهيل، وكتاب تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فروع الشافعية، وكتاب فضائل القرآن، وله كتاب في السماع، وله كتاب النهاية في الفتن والملاحم، وله كتاب الهدي والسنن في أحاديث المسانيد والسنن وهو المشهور باسم جامع المسانيد، وله كتاب طبقات الشافعي.
وله كتاب الباعث الحثيث الذي اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح المشهورة في مصطلح الحديث، وله كتاب السيرة النبوية، وقصص الأنبياء وغير ذلك من الكتب الكثير، فقد كان العلامة الإمام الحافظ ابن كثير من أعلم أهل زمانه ومن أكثرهم تأليفًا وإتقانًا رحمه الله رحمة واسعة.
كتاب البداية والنهاية:
هو واحد من الأعمال الموسوعية التاريخية الضخمة التي ألفها الإمام الحافظ إسماعيل بن كثير المتوفى في عام 774 من الهجرة.
وقد عرض للتاريخ منذ بداية الخلق بصورة عامة وحتى النهاية، حيث يبدأ ببداية خلق السموات والأرض وخلق الملائكة وخلق آدم عليه السلام، ثم بعدها يتطرق إلى قصص الأنبياء بصورة مختصرة، ثم يفصل بعد ذلك الأحداث التاريخية التي وقعت منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى عام 768 من الهجرة، بطريقة التبويب على السنين، وتبدأ السنة بقول ابن كثير: ثم دخلت سنة … ثم يقوم بسرد الأحداث التاريخية في تلك السنة، ثم بعدها يحكي أبرز الذين ماتوا في تلك السنة، أما جزء النهاية، فيتحدث فيه عن أشراط الساعة حتى يوم الحساب بصورة مفصلة.
قال ابن كثير عن كتابه: فهذا الكتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدأ المخلوقات: من خلق العرش والكرسي والسماوات، والأرضين وقصص النبيين حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا، ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة. ثم البعث والنشور وأهوال القيامة، وما ورد في ذلك من الكتاب والسنة والآثار والأخبار المنقولة المعقولة عند العلماء وورثة الأنبياء» فكان هذا الكتاب مرآة صادقة ومرجع من أصول المراجع المهمة في ذلك الفن.
كان هذا ختام موضوعنا حول من مؤلف كتاب البداية والنهاية وسيرته، قدمنا خلال هذه المقالة بعض المعلومات حول سيرة الإمام الكبير الحافظ إسماعيل بن كثير، هذا الإمام الذي برز اسمه ونجمه في القرن الثامن الهجري، حيث كان من العلماء الكبار المشهود لهم بالكفاءة وحسن السيرة وحسن العمل وحسن الإخراج العلمي الذي لا زالت أصداؤه حتى يوم الناس هذا ممثلة في العديد من الكتب، منها على سبيل المثال: تفسير القرآن العظيم، كتاب البداية والنهاية، كتاب الباعث الحثيث شرح علوم الحديث، وغير ذلك من الكتب المتقنة في كل العلوم الشرعية.