من هو النبي الذي ولد مرتين ؟
من هو النبي الذي ولد مرتين ؟ نبي الله سيدنا يونس عليه السلام هو النبي الذي ولد مرتين، فقد خرج من بطن أمه في المرة الأولى، وفي المرة الثانية خرج من بطن الحوت. تعرّض لظروف صعبة داخل بطن الحوت لعدة أيام، وخلال هذه الفترة، كان يكرر في دعائه عبارة: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. بعد أن بلغ من اليأس ما بلغ، تابّ إلى الله وتقرب إليه. عندما خرج من بطن الحوت على شاطئ نينوى، حفظه الله بنبات اليقطين ليحميه من أي ضرر محتمل.
قد يهمك أيضًا: كم مره حج الرسول ؟
قصة قوم يونس
يروى حول نسب النبي يونس عليه السلام أنه يونس بن متى، مرتبط بنسب بنيامين الذي كان شقيقًا للنبي يوسف عليه السلام. تم إرسال يونس – عليه السلام – إلى مدينة نينوى في العراق، حيث كانت تنتشر ظاهرة الشرك وعبادة الأصنام بين سكانها. حاول يونس بالوحي والتوجيه دعوتهم لعبادة الله وحده دون شريك، لكنهم رفضوا وكفروا برسالته، وظلوا مصرين على عبادة أصنامهم وأوثانهم، وكانت بينها صورة لصنم يعرف باسم “عشتار”. يروى أن دعوة يونس – عليه السلام – استمرت لمدة ثلاث وثلاثين عامًا، لكن لم يؤمن معه سوى اثنين، مما أدى إلى شعور يونس – عليه السلام – باليأس من قومه، فقرر تركهم ومغادرة بلادهم.
عندما غادر يونس – عليه السلام – مدينة نينوى، اعتقد أن الله -تعالى- لن يعاقبه على ذلك الرحيل. فقد بذل قصارى جهده في دعوة قومه، ولكن لم يجد استجابة. ومع خروجه، بدأت علامات العذاب التي وعدهم بها الله تظهر تدريجيًا. غطت السحب السوداء السماء فأظلمتها، وانبعث الدخان الكثيف ملأ الأجواء، وأصبحت الظلمة تلف الأرض، فأدرك الناس أن عذاب الله -تعالى- قادم ولا مفر منه. فبادروا بالخوف والتقوى، وبدأوا بالبحث عن يونس – عليه السلام – ليهديهم لطريقة التوبة والرجوع إلى الله.
لكنهم لم يجدوه، فاستشاروا شيخًا منهم أرشدهم إلى الطريقة الصحيحة للتوبة والانابة إلى الله. قرروا جميعاً – الكبار والصغار، الذكور والإناث، حتى الحيوانات – التوبة والخضوع لله، فوضعوا الرماد على رؤوسهم ولبسوا ملابس بسيطة تعبيرًا عن تواضعهم أمام الله. ثم انصرفوا لله في مشهد من الخشوع والتضرع، يستغيثون به ليصرف عنهم العذاب ويقبل توبتهم. قبل الله – تعالى – توبتهم وقبل إيمانهم بعد رفضهم وكفرهم السابقين، ولكن يونس – عليه السلام – لم يكن حاضرًا بينهم ليشاهدهم.
قد يهمك أيضًا: كم عدد زوجات الرسول ؟
قصة سيدنا يونس في بطن الحوت
عندما غادر يونس – عليه السلام – مدينة نينوى، انضم إلى قوم كانوا يستعدون للإبحار، وصعد معهم على سفينتهم. وعندما وصلوا جميعًا إلى عرض البحر، تأرجحت السفينة واضطربت بشدة. ولم يجدوا حلاً سوى رمي أحدهم في البحر لتخفيف وزن السفينة. فقاموا بسحب القرعة لاختيار من يلقى بنفسه في البحر.
وبالصدفة، كان سهم يونس – عليه السلام – هو الذي خرج في كل مرة. لكنهم ترددوا في رميه، لأنهم أرادوا الخير والسلام له. فقاموا بتكرار القرعة ثلاث مرات، وفي كل مرة كان اسم يونس هو الذي ظهر. ولم يبق ليونس – عليه السلام – سوى أن يلقي بنفسه في البحر، متوقعًا أن ينقذه الله من الغرق. وبالفعل، أرسل الله حوتًا كبيرًا ليبتلعه.
عندما وجد يونس – عليه السلام – في بطن الحوت، اعتقد أنه قد مات، ولكن شعر بحركة في أطرافه – يديه وساقيه – فعلم أنه لا يزال على قيد الحياة. فأدرك النعمة التي أنعم الله بها عليه، حيث حفظه ونجاه ولم تكسر يده أو رجله، ولم يصبه ضرر. ظل داخل بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام، وخلال هذه الفترة، سمع أصواتًا غريبة من مخلوقات البحر لم يفهمها في البداية، لكن الله – تعالى – أوحى له أنها تسبح ل. وبدأ يونس يسبح الله، قائلاً: لا إله إلا أنت، سُبحانك إني كنت من الظالمين. بعد ذلك، أمر الله – تعالى – الحوت بأن يقذف يونس على اليابسة. أنبتت له شجرة يقطين كظل ومأكل، فتظلل بها وأكل من ثمرها، وبقي بهذه الطريقة حتى نجا وتعافى.
(وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ*فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).
بعد عودته إلى نينوى، وجد يونس – عليه السلام – أن قومه قد تابوا وآمنوا بالله، وكانوا متحدين في إيمانهم وعبادتهم. فبقي معهم لفترة، وهم يعيشون في حالة صلاح وتقوى. ولكن للأسف، عادوا مجددًا إلى الضلال والكفر. فحل عليهم عذاب الله – تعالى – الذي أخذهم جميعًا ودمر مدينتهم، فصاروا عبرةً للأجيال القادمة. بعد وقوع هذه الأحداث، تداولت الأقاويل حول وفاة يونس – عليه السلام – حيث قيل أنه دفن على ساحل صيدا.
قد يهمك أيضًا: من هو صحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن ؟
قصة سيدنا يونس في القرآن
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
تحمل القصة التي تجسدت في دعوة يونس – عليه السلام – لقومه العديد من العبر والدروس المهمة، ومن أبرزها الصبر. إن الصبر هو مفتاح الفرج والسبيل لتحقيق الأهداف، خاصة عندما يتأخر تحقيقها. تعلمنا قصة يونس أهمية أن يكون الداعي إلى الله – تعالى – صبوراً ومثابراً في دعوته، على الرغم من مقاومة الناس للتغيير وتراجعهم عن العبادات. لذا، يجب على المسلم أن يكون صبورًا ومستعينًا بالصبر والثبات، لكي يصل إلى هدفه النبيل. بالإضافة إلى هذا وذاك، تعلمنا القصة التشبث بالأمل بالله – تعالى -، قادر على أن ينجينا حتى وإن كنا في بطن الحوت.
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (دَعْوةُ ذي النُّونِ إذ دَعا وهو في بطْنِ الحُوتِ: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ إلا اسْتجاب اللهُ لَهُ).