لقد حرص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الالتزام بالطاعات وتنافسوا فيما بينهم على فعلها ، وذلك ابتغاءً لمرضاة الله عز وجل ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن الأدلة التي أتت تثبت ذلك ، ما أتى بصحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : [يَا رَسولَ اللَّهِ ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجَاتِ والنَّعِيمِ المُقِيمِ. قالَ: كيفَ ذَاكَ؟ قالوا: صَلَّوْا كما صَلَّيْنَا، وجَاهَدُوا كما جَاهَدْنَا، وأَنْفَقُوا مِن فُضُولِ أمْوَالِهِمْ، وليسَتْ لَنَا أمْوَالٌ. قالَ: أفلا أُخْبِرُكُمْ بأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، وتَسْبِقُونَ مَن جَاءَ بَعْدَكُمْ، ولَا يَأْتي أحَدٌ بمِثْلِ ما جِئْتُمْ به إلَّا مَن جَاءَ بمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وتُكَبِّرُونَ عَشْرًا] ، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثرون من قيام الليل ، ومن الصوم ، ومن قراءة القرآن ، وفي هذا المقال سوف نتناول سيرة أحد الصحابة ممن تركوا أثر كبير ، حيث يسعدنا أن نقدم لكم يزيد بن أبي سفيان سير أعلام النبلاء ، تابعوا معنا.
يزيد بن معاوية:
- في ذروة تعرض الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للاضطهاد والأذى بمكة المكرمة على أيدي الكفار ، وبظل ما لاقاه المؤمنون من عنت ومشقة وحصار ، حتى كان أحدهم يؤخذ إلى رمضاء مكة التي كانت شديدة الحرارة فيتم وضع الحجارة على صدره ، أتت الملائكة للرسول صلى الله عليه وسلم تستأذنه أن يطبق الله عز وجل على قريش الأخشبين (وهما جبلان من جبال مكة) ، ولقد كان رد النبي محمد صلى الله عليه وسلم درساً في التسامح والأخلاق الكريمة ، عندما اختار صلى الله عليه وسلم الصبر على هذا كله لعلمه أنه سيأتي يوماً يخرج من أصلاب هؤلاء الكافرين أناس محاربين للدعوة يؤمنون بالله عز وجل لا يشركون به شيئاً.
- وقد تحققت نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذا وأقر الله عينيه برؤية أبناء الكافرين مسلمين وموحدين بالله عز وجل ، ومن ضمن هؤلاء كان عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه ، وخالد بن الوليد رضي الله عنه ، ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه على اعتبار أن أبيه كان من أشد الأعداء للدعوة الإسلامية بالرغم من إسلامه لاحقاً يوم الفتح.
للمزيد يمكنك قراءة : يزيد بن معاوية
نشأة يزيد بن أبي سفيان:
- ولد يزيد رضي الله عنه بمكة المكرمة ، وأبيه هو أبو سفيان بن حرب بن أمية أحد أشهر زعماء قريش ، وقد نشأ بكنف أبيه حيث اشتهر بالشجاعة والكرم ، وعندما دخل المسلمون بجيشهم مكة المكرمة وذلك كان في العام 8 هجرياً فاتحين ومحررين لها من الطغيان والشرك ، وقف الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب بجموع كفار قريش قائلاً : [ما تظنون أني فاعل لكم؟ فقالوا : أخ كريم وابن أخ كريم] ، فأعلنا صريحة بخلق النبي الكريم المتسامح العفو : [اذهبوا فأنتم الطلقاء] ، وقد كان أبو سفيان وأولاده (يزيد ومعاوية) ممن أسلموا يوم فتح مكة.
للمزيد يمكنك قراءة : أبو سفيان بن الحارث
يزيد يوم حنين:
- وفي غزوة حنين انتصر الصحابة على المشركين ، وحصدوا من رواء تلك المعركة غنائم عدة ، فقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتوزيع تلك الغنائم ، إذ أعطى يزيد وحده 100 من الإبل و40 أوقية من الفضة ، وقد قصد الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا أن يتألف قلوب العديد ممن أسلموا حديثاً ويثبت قلوبهم على الإيمان.
يزيد في عهد الخلفاء الراشدين:
- كان يزيد رضي الله تعالى عنه موضع ثقة عند الخليفتين أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ، ففي عهدهما كان يزيد بن معاوية أحد أمراء الأجناد ممن توجهوا لبلاد الشام من أجل مقاتلة الروم ، وقد شهد رضي الله عنه معركة اليرموك التي انتصر فيها المسلمون ، وبعهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه تولى يزيد بن معاوية إمارة الشام التي خلفها من بعده أخيه معاوية ، وتوفي رضي الله تعالى عنه في العام الـ8 من الهجرة النبوية بطاعون عمواس الشهير الذي حصد العديد من الأرواح.
للمزيد يمكنك قراءة : سيرة عائشة رضي الله عنها