أن لفظ التوحيد باللغة مأخوذ من كلمة وحد الشيء بمعنى جعله واحداً ، أما معنى التوحيد الشرعي فهو : إفراد الله عز وجل بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات ، ويقول الإمام ابن القيم في تعريف التوحيد : (ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عبَّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن محبة الله، والخضوع له، والتذلل على بابه، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، مما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها) ، فتوحيد القلب يشمل المعرفة الحقيقة لمعنى التوحيد بما فيه من الإثبات والنفي ، يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واليوم سوف نسلط الضوء أكثر على أقسام التوحيد ، وأهمية التوحيد ، فتابعوا معنا.
أقسام التوحيد:
لقد قسم الفقهاء والعلماء من أهل السنة والجماعة التوحيد إلى 3 أقسام عن طريق البحث والنظر بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، وقد تطرق أهل العلم المتقدمين لذلك التقسيم بالسابق ، منهم على سبيل المثال ابن عبد البر ، وأبو جعفر الطبري ، وفي ذلك إبطال لما قاله وادعاه المبتدعة من استحداث ابن تيمية لذلك التقسيم ، وتلك الأقسام هي :
للمزيد يمكنك قراءة : آثار العقيدة الصحيحة على الفرد وعلى المجتمع
توحيد الربوبية:
- إن مصطلح الربوبية مشتق من كلمة الرب ، ومعناها إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير ، فليس هناك خالق في الوجود إلا الله عز وجل ، وليس هناك مالك للكون إلا هو سبحانه ، وليس هناك مصرف لشئون العباد والخلق والكون إلا هو سبحانه ، إنه مقسم الأرزاق ، إنه المحيي والمميت ، ومن الجدير ذكره أن الكفار أقروا بذلك النوع من التوحيد ، فقد قال الله عز وجل : {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} ، فالكافر مقر بأن الله عز وجل هو الخالق وهو المالك للكون ، ولكن ذلك الإقرار لا يعتبر سبب من أسباب النجاة من النيران ، ولا يجعل من الكافر مسلم إذا ما اقترن ذلك الإقرار بكلمة التوحيد وهي : (لا إله إلا الله) ، ولا معبود بحق إلا الله تعالى ، وذلك النوع من التوحيد يتعلق بالأمور الكونية.
توحيد الألوهية:
- ومصطلح الألوهية مشتق من كلمة (الإله) ، وذلك النوع من التوحيد يتحقق بإفراد الله عز وجل وحده لا شريك بالتوكل والدعاء والاستعانة وغيرها من باقي العبادات ، وذلك النوع الذي أرسل الله عز وجل به رسله وأنكره الكفار في كل زمان ، قال الله سبحانه وتعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ، ويعتبر ذلك النوع متصلاً بالأوامر والنواهي الشرعية.
للمزيد يمكنك قراءة : مفهوم التوحيد
توحيد الأسماء والصفات:
- ويكون من خلال الإيمان بكل ما ورد بالقرآن الكريم ، وبالسنة النبوية الشريفة من أسماء الله تعالى ، أو صفاته التي اتصف بها أو وصفها بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتضمن ذلك الإيمان إثبات الكمال لله عز وجل في كل تلك الصفات ، ومن الأسماء التي ثبتت لله عز وجل بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية الشريفة ، اسم الله القوي المتضمن صفة القوة ، واسم الله العزيز المتضمن صفة العزة ، واسم الله الكريم المتضمن ضفة الكرم ، قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
وتلك الأقسام الثلاثة تشكل الإيمان بالله عز وجل ، والعلاقة بين تلك الأقسام تكاملية ، ولا يجزى الإيمان ببعضها عن الآخر ، بمعنى أنه لا يصح توحيد الربوبية من غير توحيد الألوهية ، وأيضاً لا يصح توحيد الألوهية من دون توحيد الربوبية ، فأي خلل بأي قسم من تلك الأقسام الثلاثة يؤدي لخلل بالتوحيد كله.
فمن آمن بتوحيد الربوبية ، وأن الله سبحانه وتعالى هو واحد ومنزه عن الولد والشريك ، لزمه من ذلك الإيمان إفراد الله عز وجل وحده بالعبادة ، فما دام هو الإله فلا يصح أن يعبد أي شيء غيره أبداً ، قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، أما بالنسبة لتوحيد الأسماء والصفات فهو شامل لتوحيد الألوهية والربوبية ، ويقوم على إفراد الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته التي لا تجب لأحد غيره.
للمزيد يمكنك قراءة : أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام
