قصة سيدنا لوط بإختصار شديد – قصة عذاب أكثر الأقوام فحشاً في التاريخ
محتوي الموضوع
من منا لم يسمع بقصة سيدنا لوط عليه السلام مع قومه؟سيدنا لوط عليه السلام نبي بعثه الله لأكثر الأقوام فحشاً في التاريخ،فلم يُعرف أن أحداً ارتكب هذه الفاحشة قبل قوم لوط،كما أنهم أشاعوا الفساد والنهب والسرقة،فكان لا بد أن يبعث الله إليهم نبي ليدعوهم إلي الصواب وإلي التطهر من هذه المعصية العظيمة،وقد قال العلماء أن المنطقة التي بعث الله فيها سيدنا لوط تقع في قرية تُدعي سدوم وهي منطقة تقع في دولة الأردن حالياً،سنقوم في هذه المقالة بالحديث عن قصة سيدنا لوط مع قومه،وكيف بين القرآن عاقبة الفاحشة التي ارتكبوها وكيف كان شكل العذاب،لنأخذ العبرة والعظة ونتمسك بالفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها.
من هو سيدنا لوط وفي أي سنة بعثه الله؟
- سيدنا لوط كما قال العلماء يرجع نسبه إلي سيدنا ابراهيم عليه السلام،فسيدنا لوط هو ابن أخ سيدنا إبراهيم،وقد كانوا يعيشون معاً في نفس الحقبة،وكان سائداً قديماً أن يرسل الله الأنبياء في نفس العصر.
- كان سيدنا إبراهيم يدعو قومه بترك عبادة الأصنام وعبادة الله الواحد،فلم يؤمن به قومه حتي أبوه لم يؤمن به وقال(قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
- كان من الناس الذين أمنوا بدعوة سيدنا إبراهيم ابن أخيه لوط.
- عندما تم لوط سن الأربعين،اصطفاه الله ليصبح نبياً من أنبياء الله.
- كانت توجد قرية تُدعي سدوم في الشام قد انتشر فيها الفاحشة بشكل كبير فبعث الله لوط إلي هذه القرية ليدعوهم لعبادة الله الواحد وترك هذه المعصية.
كيف كان حال قوم لوط؟
كانت قرية سدوم تعيش في بادئ الأمر في ازدهار ورفاهية،وكان الخير يعم المكان،إلا أنه في أحد الأعوام حل عليهم قحط شديد وتبدل حالهم،فكان من البديهي أن يفكروا في طريقة تنجيهم من هذا القحط الشديد ويخططوا كيف سينجوا بأنفسهم من هذه التهلكة،ولكنهم اتخذوا الطريق السهل،قرروا أن ينهبوا أي رجل يمر ببضاعة قرابة قريتهم،وأصبحوا مثل قاطعي الطرق،ولم يكتفوا بهذا الجرم بل اتركبوا ما هو أسوأ من السرقة بكثير،كان عندما ينتهون من السرقة يقومون بمارسة الشذوذ الجنسي مع الرجل المسروق علي غير إرادته،واستمر الحال علي هذا النحو حتي أصبحت هذه العادة منتشرة بين الناس في هذه القرية،فبعث الله إليهم سيدنا لوط ليهديهم إلي عبادة الله ويدعوهم إلي الطهارة وترك هذه العادة القبيحة ويرجعوا إلي الفطرة السليمة.
يمكنك أيضاً الاطلاع علي:قصة النبي صالح عليه السلام والناقة
ما موقف دعوة قوم لوط من دعوة النبي؟
كان قوم لوط في حالة مذرية جداً،فانتشر الشذوذ الجنسي بين الرجال حتي أنه أصبح أمر طبيعي بينهم،لا يخجل أحد منهم من الأخر،معصية لا يستطيع أن يتصورها عقل،وخالفوا الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها،فكان لا بد أن يأتيهم نبي ليرشدهم إلي الطريق الصواب.
ولكن ما لبث أن بدأ سيدنا لوط في دعوته حتي قابلوه بالرفض الشديد،ولم ييأس معهم سيدنا لوط بل حاول مراراً وتكراراً ولكنهم أبوا إلا أن يستمروا في هذه المعصية،بل أنهم اجترأوا علي نبي الله وكانوا يريدون إخراجه من قريتهم،فورد فيهم في القرآن كما قال بعض العلماء أغرب رد في التاريخ(أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
تخيل معي أنهم كانوا يريدون طرد أهل سيدنا لوط من القرية لأنهم أناس يتطهرون ويتبعون الفطرة السليمة ويتمتعون بمكارم الأخلاق، لو أردنا تقريب الصورة بمثال،تخيل معي أن يقوم مدير المدرسة بفصلك من المدرسة والسبب أنك محترم وتتمتع بمكارم الأخلاق ولا تقوم بإيذاء أي أحد من أصحابك ومتفوق في دراستك،أي حال وأي جرأة وصلت بهم ليقولوا هذا الكلام،كلام لا يصدقه العقل بالمرة،بل أنهم لم يكتفوا بذلك فحين أنذرهم سيدنا لوط بالعذاب والعاقبة السيئة لمن يرتكب هذه المعصية وأن الله سيعذبهم يوم القيامة،وصل بهم الأمر أن تحدوا الله عز وجل وقالوا(ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
سبحان الله هؤلاء القوم اجتمع فيهم ما لم يجتمع في غيرهم من الأقوام،أي قوم كانوا حتي يقولوا يا لوط إن كنت صادقاً فعلاً فنحن نريد أن نري عذاب ربك لنا كما تدعي،فكان لابد من نهاية لهذا الشر الفاسد.
بشارة وهلاك
بينما كان سيدنا إبراهيم في قومه وكان بعيداً عن ابن أخيه سيدنا لوط،أنزل الله ملائكة ليبشروا ويهلكوا بأمر الله،فمروا علي سيدنا إبراهيم أولاً ليبلغوه بالبشارة،وكانت البشارة أن الله سيرزقه بالذرية الصالح ومن بعده ذرية صالحة أيضاً(الابن والحفيد) فرزقه الله بسيدنا اسحاق ومن ورائه يعقوب عليهما السلام،فكان سيدنا ابراهيم مندهش أنه رغم كبر سنه وزوجته بلغت من الكبر ما بلغت سيرزقان بذرية،ولكن إرادة الله فوق كل شيء،وقامت الملائكة بإخبار سيدنا إبراهيم أنهم ذاهبون ليهلكوا قوم لوط جراء فعلتهم،صور لنا الله تعالي هذا الحديث في كتابه فقال
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (71) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ(72) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ(73)فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)صدق الله العظيم.
يمكنك أيضاً الاطلاع علي:أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام واهم مراحل دعوته الى الاسلام
هلاك قوم لوط
جاءت الملائكة سيدنا لوط في بيته علي هيئة رجال حسان ولم يكن يعرف سيدنا لوط أنهم ملائكة،وكان يخاف أن يعرف قومه بوجود ضيوف من الرجال عنده فيأتون إليه،ولكن سرعان ما انتشر الخبر في قومه وعرفوا بأن هناك رجال حسان عند لوط،ويقول العلماء أنهم عرفوا من زوجة سيدنا لوط فكانت شريكة معهم في هذه الفاحشة،فقامت الملائكة بطمأنة سيدنا لوط وأخبروه أنهم من الملائكة وأمروه أن يخرج هو وأهله ومن أمن معه من القرية في الليل لأن الله سيرسل عليهم أشد العذاب وألا يقوم بالنظر خلفه،وأخبروه بأن العذاب سيصيب زوجته أيضاً لأنها كان تساعد علي انتشار هذه الفاحشة بين الناس.
وفعلاً في الصباح التالي أنزل الله عليهم أشد أنواع العذاب،فرُوي في الأثر أن سيدنا جبريل قام برفع قرية سدوم علي جناحيه إلي أعالي السماء وقلبها رأساً علي عقب،كما أنزل الله عليهم حجارة من السماء تصيب كل واحد منهم فتهلكه ورُوي أن زوجة سيدنا لوط أرادت الخروج مع زوجها لأنها أحست بأن هناك أمر جليل سيحل بالقوم،وبالفعل همت بالخروج وعندما بدأ العذاب قامت بالالتفاف والنظر إلي عذاب الله أصابها العذاب هي أيضاً.
عذاب لا يتصوره عقل ولا يستطيع تخيله بشر،فيا رب ارحمنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
يمكنك أيضاً الاطلاع علي:قصة النبي سليمان مختصرة من قصص الأنبياء للأطفال
قوم لوط ارتكبوا جريمة شنعاء لم يأت أحد بهذه الجريمة قبلهم،فأراد الله أن يهلكهم بسبب إصرارهم علي هذه الفاحشة ومخالفة أوامر نبيه الكريم،وللأسف كم من قوم لوط بيننا اليوم،فتجد الغرب الان يؤيدون هذه الفاحشة بكل السبل،ويروجون لها تحت شعار الحرية الشخصية،بئساً لهم وما يقولون ستظل فطرة الله التي خلق الناس عليها هي السائدة، ومهما حالوا أن يغيروا من هذا الأمر لن يستطيعوا،يجب أن نأخذ من قصة سيدنا لوط العبرة والعظة وألا نقلد الغرب في أي شيء يقومونه،فيوم القيامة يوم عظيم،ستأتي الله عز وجل وتُحاسب وحدك،فإتقي الله في نفسك وفي أهلك.