الإنسان دائمًا يعصف عقله بخواطر تقل وتكثر ولكن عقله على الدوام يظل يعمل ويعصف ويشتد ويضعف، الإنسان خُلِق متأملًا بالفطرة، يتأمل الأشياء، يتأمل الحقائق، يتأمل وجوه الناس، الحياة كلها أمامه مليئة بألوان التأمل، والإنسان يختار لنفسه وجوه التأمل التي يبرع في التعبير عنها، فبعضهم يبرع في التعبير عن الحياة بصورة عامة وأشكال الحياة وصورها، وبعضهم يبرع في التعبير عن الإنسان وحقيقة الإنسان وانفعالاته الداخلية، وبعضهم يبرع في الحديث حول الدين بروح أدبية تسري إلى القلوب والأبدان، وتنسجم معها الأرواح بأسلوب أدبي منمَّق، كل هذه أمور يستطيع الإنسان أن يكتب عنها ويتحدث فيها والمجال واسع شريطة أن يمتلك الإنسان حسًّا في التعبير يمكنه من إخراج أفكاره إلى الكتابة.
وهذه الخواطر تشيع في الإنسان روح الألفة والبهجة وتبعث فيه روحًا مطمئنة سوية، فنتابع موضوع اليوم الذي هو مثال على حقيقة ما نتكلم فيه:
خاطرة طويلة انفعالات الحياة وتقاسيمها
انا لست برجل ثاني، لست بتلك اللامبالاة التي ترونها……أبالي … نعم أبالي.. بكلّ شيء حولي.. بكلّ تلك التفاصيــل الصّغيرة .. بألوان المكان الذي يحيطني.. بدرجة حرارته/دفئه.. بأشخاصٍ يمرّون أمام ناظريّ و ربّما يجلسون هنا، بنفس المكــان..بماض أبى مغادرتي.. بحاضر لا يطيق حضوري.. و بمستقبلٍ أجهله و يجهلني..بأسماء الحاضريــن.. و كثيــر من الغائبين..بالألم المتستّر خلف إبتسامتي.. بالفرح المؤجّــل بلا أجل……… بالطّفل الذي يبكي في بيتٍ يجاورنا.. بشيخٍ يمضي النّهار جالسا يلقي التّحيّة على المارّين وهو فاقدٌ للسّمع..
بطير يجوب حرّ السماء ليلقى فوق سطح بيتنا إناءً من الماء و فتات خبز تركته شقيقتي الصّغرى له.. بنظاراتِ أبي الدّائمة الضيــاع, و مفاتيحه أيضا.. بتذمّر أختي المتكرّر من بطء “النت” حتى و إن كان سريعا.. بهدوء والدي و إبتسامتـــه المكــابرة للألم.. بصوت هاتفي حين يرنّ بنغمات مختلفة لمختلف الأشخاص, و أتجاهله.. بمنظر حيّنا الصّباحيّ أيّــام الدّراسة و رائحة الياسمين التي تنعشني “أحيانًا”.. بعامل النّظافة الذي يلقاني ببسمته في كلّ يوم جديد, و كأنّه يخصّني بتلك الإبتسامة و أحيانا يدعو لي ” ربّي ينجحك يا ولدي وينجيك”.. أبــالي بكلّ شيء.. و إن كنت أدّعِــي اللاّمبالاة علنًـــا.. فإنّـــيَ سرًّا أبالي.
لست عابر سبيل…هل تعرف أني … إنسان .. لي أسم ، عنوان، وقضية ! هل تدرك أن جنوناً يطحنني .. يدفن من نفسي جزءاً .. يرميني في سجن الصمتِ .. يمسح من ذاكرتي صوراً .. نُسجت من حلم يخشى النسيان ..
أنا مثلك لي وطناً لكن …لاوطن لي فيه .. ولاكوخ … يؤويني من أن ينهش الخوف فكري .. أن يأكلني شعور جائع .. أن لا يبقى لي قبراً تذكرني فيه الأقدار !
وطن يطردني .. يتفنن في صنع الخبز أمامي .. يُطعمني قسراً .. أوهام !……..هل جربت يوماً أن تلتحف بالريح شتاءاً بارد… أن تشرب من كأس الحرمان …..أن ترسم في الرمل سريراً .. أن تتوسد حجراً صُلباً .. يُولم عنقك حين تنام .. حقاً .. لا أعرف … لا أدري … مامن وطن يشبة وطني .. يرميني في عراء الدنيا .. يُهديني شقاء الأيام .. وطني.. ياوطني .. ياوطني .. يا وطنا يسرق منا الأحلام !
عدت من صلاة العشاء مسرعا مخافة أن تكون اختي أكلت لوح الشوكولا خاصّتي, و هو أمر لا أريد التفكير به حتّى.. لكنّي وجدته كما وضعته, مع فنجان قهوة إعتادت وضعه لي قرب جهاز اللاّبتوب قبيل مجيئي بدقيقتين.. نزعت عباءتي و اعتدلت في جلستي ثمّ فتحت حساب الفيسبوك, تويتر, و مواقع أخرى حيث أبثّ بعض خواطري ممزوجة برشفات قهوة عربيّة المذاق، تضيف للضّاد رونقا شرقيّـــا..
فتحت الغلاف الذي يلفّ لوح الشوكولا ،فتراءى لي ذاك “المخلوق الأسمر” الشهيّ، ذاك الذي به شيء من السّحــر.. بل هو السحر بعينه، (سمعت يوما أنّ “الكاكاو” كان يستعمل في السحر قديـــمًا)
أخذت قطعة شوكولا أتأمّلــها.. غريـــبْ.. كم أحبّ هذا الّلون البسيط الجذّاب.. غموضــه، جــــــــــاذبيّته..و تجانسه الخفيّ قمّة البســـاطة.. يستهويــني كثيــرا.. حتّى الأشخاص من هذا اللّون أحبّهم!!
أستشعر لدى رؤيتهم أنّ الله قد خصّهم بهذا اللون “الفريــدْ”.. أنّ الطّيــن الذي خُلقوا منه كان ســاحرا.. حلو المذاق.. كأرواحهم.. و الشوكولا..أبدا لم يكن لون عبوديّة، بل العبد من ظنّ هذا.. من يظنّ أنّ اللّون مقياسنا.. و الله الذي يقيسنا بـــ”التقوى”.. أخذني هذا اللّون إلى غير مكــان.. إلى مكان آخر.. إلى بلدٍ آخر.. و تراقص سؤالٌ أمام عينيّ.. ” هل يعرف ذاك الصّغير الجائع في الصّومال طعم الشوكولا؟؟ ” هل جرّب صغيري ذاك, هذا السحر الذي أمارسه كلّ مســـاء؟؟ هذا الذي يأخذني حدّ السمــــــــــاء؟؟ هل تعرفه, أضلعه الصّغيرة البارزة ، صدره العاري، و بطنه الجوفاء؟؟
إشتدّ عليّ السّؤال .. شعرت بالحرج.. أحسست بحرارة غزت جسدي كلّه.. بجفاف داخلي.. حـــارق بمياه مالحة عبرت وجنتيّ لحلقي.. غصّت بقلبي الإجــابة.. كدت أبوح بها لنفسي.. لكنّي استدركت.. و كتبتها كتبتها بإصبعي المغطّى بتلك الشوكولا الذائبة على يدي.. كتبتها على ورقة بيضاء بذاك اللّون الغامض البسيط.. ذاك اللون الذي ذهب بي إلى هناك بلون ذاك الصبيّ الجـــائع.. بلون لوح الشوكولا.. كتبتهــــــا.. ” لا!! “..
وأنا أرتشف كوب القهوة الصباحي واقرأ وجوهـ المشاة من أمام الواجهة الزجاجية للمقهى كنت أفكر بك وكم أحببتُ الصدفة التي جمعتنا أكثر من أي شيء آخر، كان يبدو اليوم ثقيلاً فأعاود السؤال مجدداً ” متى سينتهي ؟! ” لكن منذ أن عرفتك أصبحت أصحو وأبتسم ويبدو وجهي مشرقاً وأردد بداخلي ” أريده يوماً طويلاً , طويلاً جداً ” كل الأيام التي تمنيت فيها أن يكون اليوم قصيراً لم أكن أنا بل نصف أنا جعلتها تتحدث بالنيابة عني .. والآن وبعد أن حصلت على نفسي مجدداً أريد التنفس بعمق و أطلاق روحي للحياة كما لو أني لم أمت من قبل !
هذه هي الحياة ، أن امعنت بها النظر من بعيد تسعدك مرة وتبكيك آلاف المرات ترفعك مرة وتسقطك ببحر الظلمات يوم لك والف عليك اليوم الذي تضحك لك اعلم جيدا أنه نهايتك كلما اقتربت تبتعد عنك كلما ابتعدت تجرى خلفك لا هى تنصفك ولا تتركك وتنساك فهى الحياة من الحية المتلونة الصعب امساكها والسيطرة عليها.
هذا كان محور موضوعنا عن الخواطر التي تجذب القلب ويتلبس بها اللسان ويحكيها بصورة تلقائية جميلة، الإنسان دائمًا يفكر ويتأمل ودائمًا يحب أن يعبر عن أفكاره بأجمل أسلوب وأبسط تعبير، والحياة كما هي بسيطة في بعض أشكالها هي معقدة في بعضها الآخر، وكذلك الإنسان يتبسط ويتعقد ويقوى ويضعف ويهدر بالكلام ويقل، هكذا الحياة تعطي وتأخذ وتسمح وتمنع، والإنسان يتأمل أحوالها في سكون العاشق المحب الحساس، الذي يشعر بالطبيعة ويتأمل معانيها ويعرف أسبابها ويخوض في أغوارها، الحياة مليئة جدًّا يا صديقي ولن تستطيع إحصاء أشكالها، نرجو أن يكون هذا الموضوع قد نال حسًّا لدى القارئ الكريم وإعجابًا لديه، ونرجو أن يكون هذا الموقع الرائع قد أفاده بما يبغي، والحمد لله رب العالمين.
قبل سنين خلت كنت شخصا يقدس الذكريات و يعظم صور الرفاق و الأحباب ..
قبل سنين خلت ، كنت لا أحذف الرسائل فأقرأها قبل النوم و في صباح اليوم التالي ، أسترجع اللحظة و حنيتها ، البسمة و صدقها ..
قبل سنين خلت كنت أعبد الرفقة الطيبة فأبعث برسائل تفقد عن صحة و حال جميع أصدقائي ..
قبل سنين خلت كنت أمنح دون أن أنال شيئا ، أشعر بالجميع و لا أحد يشعر بي ، أخلق الأعذار و لا أحد يعذرني ..
قبل سنين خلت كنت أبكي لحزني صديقي و أبتسم لفوزه ، كنت الكتف الذي يميل فقط ليسند رأسه ..
قبل عامين من الآن ما عدت أنتظر حبا لأني لا أمنحه ..
قبل عامين من الآن صرت أحذف الرسالة قبل أن أقرأها و أمحو الصورة فور وصولها ..
قبل عامين من الآن فقدت شهامة قلبي و كل ليلة أضم عيناي بمعصمي و أبكي قلبي عزاء لفقده ..
سألت قلبي يوما… لماذا الغمام استوطنك …لماذا تنبت فيك أشواك قبل أن تتفتح الزهور…..لماذا رميت خارجا حقائب السرور ….لماذا أصبحت يتملكك الغرور…
اجابني قائلا …كنت فيما مضى كالأعمى يدور …يحاول لقلوب الاخرين أن يزور…. ظننت البعض عائلتي…وهي كالذئاب تبرز أنيابها لي ….وحين سقطت تركتني…و الله وحده أخرجني من ظلمتي….وانسني في وحشتي…..
حينها ادركت ….ومن قلبي تعلمت …..أن الظلام هو من يبرز جمال النجوم …وأنه يجب ان تكون ….مثل الريح العاصفة التي تبعد الغيوم ……فلا يوجد شيء سيدوم ….وكل شيء يوما ما سيزول