إن الحب الصادق حين يخترق قلب العاشق، يحول كل شيء في عين المحب إلى جنة لا أحد بها سوى الحبيب، وتظل الجنة على حالها أن بادل الحبيب المحب نفس المشاعر الرقيقة، فيعيشون أجمل الليالي سوياً، ويسطرون قصة حبهم حتى أخر العمر، لكن إن كان الحبيب قاسياً لم يبادل المحب نفس مشاعره، فيا ألف حسرة على المحب الذى سوف يعيش أسوء أيامه، وإن كان هذا المحب شاعراً فسيجد ملاذه في الشعر، لأنه سينسج أبيات شعرية تنساب كلماتها في سلاسة ويسر تعبر عن معاناته في قصة حبه، وهذا ما سنستعرضه في السطور القادمة.
أبيات من قصيدة أنا وليلى للشاعر حسن المرواني:
يا ليلى كثيرا ما يسألوني ما دامت قد رفضتك
لماذا لا تبحث عن واحده أخرى؟
أتدرين ما كنت أقول لهم ؟!
لا بئس أن اشنق مرتين
لا بئس أن أموت مرتين
ولكني وبكل ما يجيده الأطفال من إصرار
ارفض أن احب مرتين
ديني الغرام ودار العشق مملكتي
قيس أنا وكتاب العشق توراتي
ما حرم الله حبا في شريعته
بل بارك الله أحلامي البريئات
عباره علقت في كل منعطف
أعوذ بالله من تلك الحماقات
عشق البنات حرام في مدينتنا
عشق البنات طريق للغويات
إياك إياك أن تغزي الحبيبات
إن الصبابة عار في مدينتنا
فكيف لو كان حبي للأميرات
سمراء ما حزني عمر أبدده
ولكن عاشقا والحب مأساة
يا قبله الحب يا من حيث أنشدها
شعرا لعل الهوى يشفي جراحاتي
ماتت بمحراب عينيك ابتهالاتي
واستسلمت لرياح اليأس راياتي
جفت على بابك الموصد أزمنتي
وما أثمرت شيئا عباداتي
أنا الذي ضاع لي عامان من عمري
وباركت وهمي وصدقت افتراضاتي
عامان ما رق لي لحن على وتر
ولا استفاقت على نور سماوات
اعتق الحب في قلبي واعصره
فأرشف الهم في مغبر كاساتي
ممزق أنا لا جاه ولا ترف
يغريك في فخليين لآهاتي
لو تعصرين سنين العمر اكملها
لسال منها نزيف من جراحاتي
لو كنت ذا ترف ما كنت رافضه
حبي ولكن عسر الحال مأساتي
عانيت لا حزني أبوح به
ولست تدرين شيئا عن معاناتي
امشي واضحك يا ليلى مكابرة
علي اخبي عن الناس إحتضاراتي
لا الناس تعرف ما خطبي فتعذرني
ولا سبيل لديهم في مواساتي
معذورة أنت أن أجهضت لي املي
لا الذنب ذنبك بل كانت حماقاتي
أضعت في عرض الصحراء قافلتي
فمضيت ابحث في عينيك عن ذاتي
وجئت أحضانك الخضراء منتشي
كالطفل احمل أحلامي البريئات
أتيت احمل في كفي أغنيه
غرست كفك تجتثين أوردتي
وتسحقين بلا رفق مسراتي
نفيت واستوطن الأغراب في بلدي
ومزقوا كل أشيائي الحبيبات
خانتك عيناك في زيف وفي كذب
أم غرك البهرج الخداع مولاتي
فراشه جئت القي كحل أجنحتي
لديك فاحترقت ظلما جناحات
أصيح والسيف مزروع في خاصرتي
والقدر حطم آمالي العريضات
وأنت أيضا ألا تبت يداك
اذا أثرتي قتلي واستعذبت أناتي
من لي بحذف اسمك الشفاف من لغتي
اذا ستمسي بلا ليلى حكاياتي
قصة هذه القصيدة:
فالشاعر حسن المرواني قد سطر هذه الأبيات التي تروى قصة حبه التي انتهت بالفراق عن محبوبته، ويشرح حالة الحزن التي ظل فيها بعد أن تأكد من استحالة حصوله على محبوبته، حيث كان حسن يحب زميلة له في كلية الآداب بجامعة بغداد، وقد صارحها بحبه لكنها رفضت هذا الحب، لكن حسن لم ييأس من محبوبته فجدد طلب الحب بعد عامين، لكن موقف المحبوبة لم يتغير، ورفضت هذا الحب مجدداً ولم تكتفي بذلك فقط بل تم إعلان خطبتها إلى شخص أخر منتسب لنفس الكلية ، وكان هذا الشخص غنى وميسور الحال، وما أن لاقي حسن المرواني محبوبته التي اطلق عليها في قصيدته اسم ليلي كعادة الشعراء – لكنها في الحقيقة كانت تدعي سندس- في احدى قاعات كلية الآداب في ندوة شعرية حتي القي عليها قصيدته فقامت مسرعة خارج القاعة، وطلب الحضور من مروأن إعادة إلقاء القصيدة مرة أخري فوافق بشرط أن تدخل سندس من جديد، فأقنعوها ودخلت القاعة وألقي قصيدته وهو يري دموع عينيها، وقام كاظم الساهر بتلحين القصيدة وغنائها بعد أن وجد بعض كلماتها صدفة وظل يبحث عن الشاعر الأصلي لها حتى يكمل باقي كلماتها، ومن وقتها وحتى الأن وأغنية أنا وليلي تعد من أروع ما غنى القيصر