أبو العتاهية وهارون الرشيد وسبب تسميته بهذا الإسم

أبو العتاهية شاعر من اشهر شعراء العصر العباسي ,حيث تميز العصر العباسي بالعديد من الحضارات التي اتراث علي معظم الشعوب, فقد كان هذا العصر يجمع بين العلم والثقافة, والشعر والادب وقد ازدهر الشعر في العصر العباسي, تاثرا بتطور الحضارة فيه فقد كان مقر الخلافة العباسية في بغداد ,حيث اتي العلماء من كل بقاء العالم, لطلب العلم والمعرفة والتمتع بسماع الشعر من الشعراء, فقد ظهر في هذا العصر تيارات عديدة وتميزت بالتجديد والتنوع, في الفكر والثقافة والالتزام الديني مما اثر ذلك علي البيئة والشعر ,مثل الزهد والمجون والزندقة.

من اشهر شعراء العصر العباسي أبو نواس, الذي تفنن في وصف الخمر, والبحتري الذي اشتهر شعره بمدح الخلفاء وقصورهم, و يعتمد في شعره علي مزج الخيال بالواقع وتوظيفه في الشعر, والمتنبي الذي كان يتسم شعره بالفخر وعزه النفس, وأبو العتاهية الذي كان يغلب شعره الزهد في الدنيا, وابوتمام الذي اشتهر شعره بالغموض واستخدام الالفاظ البديعة المبالغ فيها ,والعديد من الشعراء الذى تميز الشعر لديهم بمزيج من المدح للخلافاء ,والزهد والحكمة واحيانا الفخر والعتاب .

اقراء ايضا :شخصيات علمية من العصر العباسي برعت في المجال العلمي

لماذا سمي أبو العتاهية بهذا الإسم

أبو العتاهية هي لقب او كنية ,وليس اسم وقد اطلق عليه هذا اللقب لاسباب عديدة, من مصادر متعددة, منهم ان احد الخلفاء قال له انه انسان معتوه اي انه متكبر ,وقيل ايضا نظرا لحبه للشهره والمتعة والتعته, والتعته تعني عتاهية فهي لها اكثر من معني, وقيل انه احب جارية الخليفة وكان متيم بها لذلك اطلق عليه عتاهية ,حيث ان كلمة عتاهية في اللغة لها اكثر من معني ,فهي تعني الحمق والرعونة, وتطلق ايضا علي الشخص  الذي يكون متمسك بالشي او مولعا به ,او العتاهية من الحماقه والعتوه ,وقد كان أبو العتاهية في شبابه يشتهر باللهو والمجونه ,لكنه ختم حياته بالزهد في الدنيا ودعا الناس لذلك.

اقراء ايضا:معلومات تاريخية و ثقافية معلومات تتحدث عن ابرز الاحداث و الشخصيات التاريخية

أبو العتاهية حياته وقصته

اسمه هو ابو اسحاق قاسم بن سويد العيني,ولد في الكوفة في قرية تسمي عين التمر في عام 747م  عاش طفولته في قرية عين التمر وانتقل بعد ذلك الي الكوفة وكمل قيل ان اصله من المسيحين وقد انقسمت حياتة الي جزئين فقد كان الجزء الاول من حياته في لهو وكان يكثر من شعر الغزل والزندقه واشتهر بصنعه الفخار

تطور شعر أبو العتاهية خلال مراحل حياته من اللهو الي البلوغ حيث نقل من خلال شعره العديد من ثقافة الشعب والحضارة في هذا الوقت حيث انتقل الي طبقة الشعراء الكبار والتحق بهم واصبح من الاثرياء ولكنه اشتهر ببخله رغم كثر ماله وفي فترة من فترات حياته اتخذ العقيدة المانوية وهي نشر افكاره ومعتقداته بين الناس وكانت له العديد من القصص من الخلفاء منهم قصته مع الجاريه التي احبها لكن هي لم تبادله الحب حيث اتخذ الذهد بعد ذلك في شعره وحافظ علي اسلامه ومات في عهد الخليفة المامون .

اقراء ايضا :هيلين كيلر وشخصياتها ومعلومات عن حياتها

قصة أبو العتاهية وعتبة

في عهد الخليفة المهدي انتقل أبوالعتاهية الي الكوفة ,وكان من شعره يمدح الخفاء والتقرب منهم ,فقد كانت لزوجة الخليفة جارية اسمها عتبة ,التقي بها اأبو العتاهية ذات يوم فاحبها ,واراد الحديث اليها  لكنها امرت الخدم بتنحيه من طريقها, حيث كما قيل في المصادر التاريخيه , انه كان دميم الوجه وفبيح المنظر فهي لم تبادله الحب ,لكنه بدا يطلق الشعر في حبها والتغزل فيها ,وكانت تتسم هذه الفترة من حياته بعديد من ابيات شعر الغزل الرقيق, واستمر في ذلك حتي وصلت الاخبار للخليفة المهدي, فغضب وامر بحبسه لكن أبو العتاهية مدح الخليفة بالعديد من الشعر واستعطفه ,فامر الخليفه بالعفو عنه , واتجاه أبو العتاهية بعد ذلك الي الزهد ,في شعره ومن الاقويل انه لقب بهذا اللقب أبو العاهية, لحبه الشديد والولع بــ عتبة .

اقراء ايضا :شخصيات تاريخية قصة رائعة للقائد الاسلامي عمرو بن العاص رضي الله عنه

خصائص شعر أبو العتاهية

تعددت الكثير من الخصاءص التي ظهرت في شعر أبو العتاهية ,حسب مراحل حياتها فتجد منها المدح والعزه ,والتكبر والفخر وتجدو منها الغزل والهجاء ,واخيرا الزهد الذي كان في معظم اشعاره وخصوصا اخر ابيات الشعر له, وقد تطور الشعر في عصره وظهر فيه العديد من مظاهر التجديد ,وتاثر أبو العتاهية في شعره بالشعبية, نظرا للبيئة التي كان فيها, وقد سخر منه احد الاشخاص قائلا : “لقد جوَّدتها، لو لم تكن ألفاظها سوقيَّة”, فكان رد أبو العتاهية: “والله ما يرغبني فيها إلاَّ الذي زهَّدك فيها”,اي ان الشعر يجب ان يكون مثل اشعار الفحول, وكان يتسم شعره في هذه الفتره بالزهد وهو مذهب غير مرغوب عند  الملوك, ومذهب غريب علي الشعراء ,حيث انه مذهب الفقهاء وعلماء الفقه والحديث ,رغم بعد الملوك الخلفاء عن شعر الزهد ,الا ان العديد من الناس احب شعره, حيث اتسم بقرب فهمه من مشاكل الناس ,وحياتهم والواقع والحياه.

اقراء ايضا :كليلة ودمنة معلومات حول مؤلف الكتاب ومحتواه وشخصياته وخاتمته

نوادر أبو العتاهية:

كان أبو العتاهية يوصي الناس بمجالس العلم وعلم الدين ,و تبليغ العلم الذي تعلموا من العلماء والفقهاء ,وكان يوضح لهم انهم عندما يخبرون الناس بالعلم استفاد به جميع الخلق, وكان اجره عظيم,  وان يتبعوا سنة الرسول صل الله عليه وسلم عندما قال , (نضَّرَ اللَّهُ امرأً سمِعَ منَّا حديثًا فحفِظَهُ حتَّى يبلِّغَهُ غيرَهُ فرُبَّ حاملِ فقهٍ ليسَ بفَقيهٍ ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منهُ) فله أجره وأجرما عمل به من الخير,حيث اشتهر أبو العتاهية بالزهد في اخر حياته وكانت وصيته عبارة عن بيت شعر : رغــيــف خــبـز يــابـس….تــأكــلـه فــــي زاويــــة

وكــــــوز مــــــاء بـــــارد….تـشـربـه مـــن صـافـية

واشتهرت هذه القصيدة في عهد الخليفة الرشيدي ,فكان أبو العتاهية يجاور العلماء والصالحين ,حيث كان يعينهم  ويحثهم علي زهد الدنيا, فكان يتسم شعره بالمواعظة والحكمة والخوف من الموت ,والزهد في الدنيا وشهوتها.

اقراء ايضا :عيد استقلال الجزائر ونتائج الثورة الجزائرية علي البلاد

مقتباسات من شعر ابو العتاهيه

من قصيدة فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً.

فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً…فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ.

من قصيدة  كُلٌّ يَدورُ عَلى البَقاءِ مُؤَمِّلاً.

كُلٌّ يَدورُ عَلى البَقاءِ مُؤَمِّلاً…وَعَلى الفَناءِ تُديرُهُ الأَيّامُ.

من قصيدة وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا.

وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا..لِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ

من قصيدة عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً.

عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً…كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ.

من قصيدة كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ.

كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ..وَكُلُّ نَفسٍ لَها في سَعيِها شاءُ؟

من قصيدة لايَنظُرُ الناسُ إِلى المُبتَلى.

لايَنظُرُ الناسُ إِلى المُبتَلى…وَإِنَّما الناسُ مَعَ العافِيَه.

من قصيدة  عَلَيكَ بِأَوساطِ كُلِّ الأُمورِ.

عَلَيكَ بِأَوساطِ كُلِّ الأُمورِ ..وَعَدِّ عَنِ الجانِبِ المُشتَبِه.

من قصيدة  كَم نِعمَةٍ لا يُستَقَلُّ بِشُكرِها.

اقراء ايضا :نبذة عن محمود درويش وقصة حياته ووفاته

أبو العتاهية وهارون الرشيد

عاصر أبو العتاهية العديد من الخلفاء في العصر العباسي منهم الخليفة المهدي والحليفة الهادي وخليفة هارون الرشيدي ففي فترة من حياة أبو العتاهية هجر الشعر لفتره, فبلغ ذلك الخليفة هارون الرشيدي ,فامر بسجنه وهدده بالقتل ,فعاد الي الشعر خوفا من الخليفة,ومن نوادر أبو العتاهية مع الخليفة هارون الرشيدي:

انه ذات يوم استدعي الخليفة الرشيدي أبو العتاهية, وطلب منه ان يصف له من احوال الدنيا ,فقال له أبو العتاهية :عش ما بدا لك آمناً .:. في ظلّ شاهقة القصور,فقال له الخليفة الرشيدي: أحسنت، ثم ماذا؟ فقال:يسعى إليك بما اشتهيـ .:. ـت لدى الرواح وفي البكور,فقال: احسنت ,ثم ماذا؟ فقال:فإذا النفوس تقعقعت .:. في ضيق حشرجة الصدور …..فهناك تعلم موقناً .:. ما كنت إلاّ في غرور,فبكى الخليفة الرشيدي بكاء شديداً حتى رُحِم، فقال له الفضل بن يحيى: بعث إليك الخليفة لتسره فأحزنته، فقال له الرشيد: دعه فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا عمى .

اقراء ايضا :اولاد حارتنا نجيب محفوظ وأسباب الجدل حول هذه الرواية