عاقبة الظلم وخيمة جدًّا، فالله عز وجل حرم على نفسه الظلم وجعله محرمًا بين عباده، فمن ظلم من عباده ومن استقوى على الآخرين أكبه الله تعالى في النار ولا كرامة، فليحذر الإنسان من أن يكون ظالمًا، فليكن عبد الله المظلوم ولا يكن عبد الله الظالم، فالله يمحق الظالمين ويخسف بهم وإن طال الأجل وبعدت الشقة، فالظالم لا مهرب له ولا منجى من الله حين يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، فالله يمهل للظالم ويملي له حتى إذا أخذه لم يُفلته، فليحذر كل إنسان من هذه العاقبة الوخيمة الكبيرة، والمظلوم يدعو بما شاء من الدعاء، دون أن يعتدي ودون أن يسرف في دعائه بما ليس له بحق، فليدع بقدر الحاجة على ظالمه وبقدر حجم الظلم الذي وقع عليه، ولا يكن من المعتدين، والله تعالى لا يرد دعوة مظلوم فليس بينها وبين الله حجاب.
فدعوة المظلوم عظيمة جدًّا عند الله، يتقبلها الله منه ويمحق الظالم بقوته وجبروته، فمن استقوى على العباد أذاقه الله لباس الخوف والجوع وإن لم يكن في الدنيا، ففي الآخرة الجزاء الأوفى والنصيب الكامل من العذاب للظالم والرحمة بالمظلوم، فليس يضيع بين الله حقوق عبد من عباده أبدًا، فالإنسان يُحاسب على الفتيل والقطمير، يُحاسَب على كل شيء اقترفه وفعله في هذه الحياة، إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًّا فشر، وهذا الموضوع نورد فيه بعض الأحاديث النبوية وبعض الأدعية التي دعا بها بعض المظلومين على ظالميهم، ونود أن نكون قد وُفِّقنا في طرح هذا الموضوع.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن وقال له: اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، رواه البخاري في صحيحه.
أدعية المظلوم
وهذا داع على ظالمه يقول:
يا رب اللهم انتقم من الظالم في ليلة ﻻ أخت لها، وساعةٍ ﻻ شفاء منها، وبنكبة ﻻ انتعاش معها، وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها، ونغّص نعيمه، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوّتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره، وبسوء ﻻ تستره، وكله إلى نفسه فيما يريد، إنّك فعّال لما تريد.
يا رب اللهم عليك بمن ظلمني اللهم اسقم جسده، وانقص أجله، وخيّب أمله، وأزل ظلمه، واجعل شغله في بدنه، ولا تفكّه من حزنه، وصيّر كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال، وجدّه في سفال، وسلطانه في اضمحلال، وعافيته إلى شر مآل، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شرّه وهمزه ولمزه، وسطوته وعداوته، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً
يا رب الظالم ملك أسباب القوة في الدنيا وأنا عبيدك لا أملك إلا إيماني بك وتوكلي عليك ودعائي.
يا رب تمنيت لمن ظلمني الهداية والتوبة وتمنى هلاكي وتدميري ولا حول ولا قوة إلا بك0 فمن يا رب على دعوة عبيدك المسكين الفقير بوعزتى وجلالك لأنصرنك ولو بعد حين.
اللهم بحق جاهك وجلالك وعزتك وعظمتك التى يهتز لها الكون اللهم اسألك بعزتك اللتى يهتز لها العرش ومن حولة اللهم انصرنى على من ظلمنى اللهم انصرنى على من ظلمنى اللهم انصرنى على من ظلمنى اللهم انك لا ترضى الظلم لعبادتك اللهم انك وعدتنا الا ترد للمظلوم دعوة اللهم انك وعدتنا الا ترد للمظلوم دعوة فأنت العدل والعدل قد سميت به نفسك اللهم انصرنى على من ظلمنى فأنك تراه ولا اره .
===========
يامن امن يونس في بطن الحوت سبحانك ربي فانت الحى الذى لا يموت يا حى يا قيوم برحمتك استغيث اللهم انت الهى وملازى اللهم اشكو اليك انت ربي ورب المستضعفين والمظلومين .
===========
اللهم ان الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك، اللهم أنى أستغيث بك بعدما خذلني كل مغيث من البشر، وأستصرخك إذا قعد عنى كل نصير من عبادك، وأطرق بابك بعد ما أغلقت الأبواب المرجوة، اللهم انك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
إجابة دعاء المظلوم:
ما حدث لسعد بن أبي وقاص وقد اشتكاه رجلٌ ظلما ، فدعا عليه سعد قائلا : (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ وَأَطِلْ فَقْرَهُ وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَن)
فقال عبد الملك بن عمير أحد رواة الحديث :فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن ، وكان هذا الرجل يقول : (إِذَا سُئِلَ يَقُولُ : شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ)
(للجواري) جمع جارية وهي الأنثى الصغيرة (يغمزهن)
وكذلك سعيد بن عمرو بن نفيل اشتكته امرأة تُسمى أروى ظلما ، فدعا عليها قائلا : (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا) فقال أحد رواة الحديث : َرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ ،تَقُولُ : أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ ، مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ ، فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا
فليحذر الظالم المعتدي أن تصيبه دعوة مظلوم خرجت من قلب مكلوم ، ليس بينها وبين الله حجاب ، فما أسرع ما تجاب دعوته
توق دعاء المظلوم إن دعاءه .. ليرفع فوق الغمام ثم يجاب
توق دعاء من ليس بين دعائه .. وبين إله العالمين حجاب
ولا تحسبن الله ملقيا لدعائه .. ولا أنه يخفى عليه خطاب
فقد صح أن قال وعزتي .. لأنصرن المظلوم وهو مثاب
فمن لم يصدق ذا الحديث فإنه .. جهول وإلا فعقله مصاب
كانت هذه بعض الأدعية التي دعا بها المظلومين على ظالميهم، كما ذكرنا بعض الأحاديث في حرمة الظلم، وقوة دعاء المظلوم، وذكرنا عاقبة الظلم وكيف أن الله يجيب دعوة المظلوم ولا يردها، وهذا الموضوع من الموضوعات الخطيرة التي لا يسوغ بحال من الأحوال أن يترك الإنسان نفسه ليظلم الناس وهو يحسب أنه لا رقيب عليه ولا حسيب، لا لا بل الله تعالى رقيبه وحسيبه، ولا يهرب أحد من قدر الله تعالى عليه، فالله قادر سبحانه أن يضيق على أمثال هؤلاء ضيقًا شديدًا، ولكن إن لم يكن يحصل ذلك في الدنيا ففي الآخرة بإذن الله تعالى يصيب الله تعالى هؤلاء الذين ظلموا العذاب العظيم، ويجزي المظلومين الجزاء الكريم العظيم، فليحذر هؤلاء من دعوة مظلوم في جوف الليل فإن سهام الليل لا تخطئ، وليتحسس كل إنسان نفسه حتى لا يكون ظالمًا لأحد دون أن يشعر، ليفكر الإنسان في أموره كلها حتى يعرف هل هو ظالم أم لا، وإن عرف أنه ظلم أحدًا من العباد فليذهب إليه ويستسمحه أن يسامحه ويدعو الله له، فهذا من أهم الأمور وأوجب الواجبات، وأرجو أن يكون هذا الموضوع قد نال إعجاب الزائر الكريم، والله تعالى يوفق لما فيه الخير والبركة، آمين.