المؤمن في حاجة دائمة إلى شجرة يستظل بظلها ويشرب من مائها ويرجع إليها إذا ما عصفت به نوائب الدنيا وهجرات الخريف، والدعاء هو الشيء الذي يرتاح إليه قلب المؤمن ويسكن إليه؛ لأن في الدعاء معرفة للعبد بأن الله عز وجل وراء كل شيء وعالم بكل شيء ويعين عبده على قضاء حاجته، فإذا علم العبد مثل هذه المعاني العظيمة والصور الجليلة استراح قلبه واستروح من هذه الحياة، وظل يدعو الله إذا ما نابته نائبة أو عصفت به مصيبة، وليس شرط حتى في النوائب والمصائب بل العبد لا يستغني أبدًا عن دعاء الله عز وجل، فالعبد عليه أن يدعو الله تعالى في كل وقته وعلى كل حال هو عليه؛ لأن الله تعالى يحب الذي يدعوه من عباده، وهو يحب أن يجزل المثوبة لعباده بكثرة دعائهم له وذكرهم له سبحانه وتعالى.
أدعية تريح القلب إلى كل قلب أثقلته الهموم:
في الحديث الشريف المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي . إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا ” . قَالَ : فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ قَالَ : فَقَالَ : ” بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا”.
وأيضًا هناك حديث ضعَّفه الألباني رحمه الله عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِى أَرَاكَ جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ فِى غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِى وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّى وَقَضَى عَنِّى دَيْنِي.
اللهم إني أسالك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه و سلم و أعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه و سلم.
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخــرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم أستر عوراتي وآمن روعاتي اللهم إحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
اللهم إني أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، أرحمني برحمتك. اللّهم ارزقني الرّضى وراحة البال.
اللّهمّ إنّ عصيتك جهراً.. فاغفر لي وإن عصيتك سراً فاسترني.. اللّهمّ لا تجعل مصيبتي في ديني ولا تجعل الدّنيا أكبر همّي.
اللهم استر عورتي وأقِلْ عثرتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ولا تجعلني من الغافلين.
رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً.
اللهم إني أسألك الصبر عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء، ومرافقة الأنبياء يا رب العالمين.
كان هذا ختام موضوعنا حول أدعية تريح القلب الدعاء راحة للمؤمن، ذكرنا ما ورد في هذا الموضوع من أدعية تريح قلب المؤمن وتطمئنه بأن الحياة لا يمكن أن تستقيم بدون رب هذه الحياة سبحانه وتعالى، فالله تعالى هو المُقيت المقيم لهذه الدنيا سبحانه وتعالى، وهو الذي يقدر على أن يصيب عبده بما يريد وبما يشاء سبحانه وتعالى لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ولعل في هذه الأدعية ما يريح قلب كل مؤمن ويجعله منيبًا مخلصًا لله تعالى.