محتوي الموضوع
إن دول الخليج أصبحت من الدول التي تبث ثقافة وتطور، وأصبحت مقصد الكثيرين، حيث توفر فرص حياة كريمة وتهيئ جو مناسب للأبداع وتطوير الذات، وسنذكر اليوم في مقالنا هذا قصيدة لشاعر من أبرز شعراء دول الخليج، وهو الشاعر فهد العسكر فهو شاعر كويتي النشأة سعودي الأصل، حيث كان جده من مدينة الرياض ورحل إلى الكويت وعاش بها، وأبوه كان إمام لمسجد بالكويت، أما فهد شاعر اليوم فهو من الشعراء الذين سطع نجمهم، ولكن أهل الكويت أنهموه بالإلحاد واعتزلوا شعره، وسنقدم قصيدته وهي من القصائد الخليجية الحزينة التى ذاع صيتها.
قصيدة قومي اسمعي يا بنت جاري لفهد العسكر:
قومي اسمعي يا بنتَ جاري
شكوى الهزار إلى الهزارِ
شكوى الحبيسِ المستجير
منَ الطليقِ المستطارِ
شكوى صريعِ الكاسِ كأسِ الصابِ
لا كأسِ العُقارِ
شكوى لها اضطرَبَت لفَرط
الحُزنِ احشاءُ الدراري
والبدرُ كم ودَّ الهُوِيَّ
لمسحِ أدمعهِ الجَواري
صبَّت عليهِ طُيوفُ ماضي
هِ القريبِ سياطَ نارِ
للَهِ ما لاقى وكابَد
في جحيمِ الإدّكار
يا ابنَ النهارِ وكَم شكا ابنُ
الليلِ من طولِ النهارِ
أيّامَ كُنّا والكواشِحُ
هُجَّعٌ خَلفَ الستارِ
هل كان منّا حظّهُم
إذ ذاكَ غيرُ الإندِحارِ
في معقلٍ لم نَخشَ قطّ
بهِ الطوارقَ والطواري
والسعدُ خُدنٌ والصِبا
ريّانٌ في قربِ المزارِ
لا روضُهُ استسقى السم
ماءَ ولا خمائِلُه عواري
والطيرُ نشوى في مناب
رِهِ فمن مُصغٍ وقاري
وزمامُ مَن أهواهُ في
اليُمنى وكاسي في يَساري
لا أشتكي برحَ الصدودِ
ولم أذُق ألمَ الخمار
فبذاكَ تجنيحُ المُنى
وبتلكَ إطفاءُ الأوارِ
من جُلّنارِ خدودهِ
نُقلي ومن آسِ العذارِ
وأقاحِ ثَغرِ كم نظَمـتُ
ببنتهِ إكليلَ غاري
قُبَلٌ بها رفَّت منى
نَفسي على قدَحي المدارِ
بأبي بياضاً في احمرارٍ
واحمِراراً في اخضِرارِ
وبِمُهجَتي خَفَراً ودَلّاً
دونَهُ دَلُّ العذاري
ذَوبُ اللجينِ غبوقُنا
وصَبوحُنا ذَوبُ النُضارِ
لم تخبُ من بنتِ النخيلِ
ولا ابنَةِ العُنقودِ ناري
كم بينَ تلكَ وهذهِ
مِن حجَّةٍ لي واعتمارِ
يصحو فيَهتفُ بي بدارِ
وكم هتَفتُ بهِ بدارِ
فَرَنا وهبَّ فجنَّحَت
قلبي حُمَيّا الإحوِرارِ
ولَثمتُهُ وبثَثتهُ
شَكوايَ همساً من حذارِ
وهَصَرتُ بانةَ قدّهِ
فحَسا الصبوحَ على اهتِصاري
وافتَرَّ مَبسمهُ فيا
لجمالِ ذاكَ الإفترارِ
فيَخالُنا الرائي قُبَيلَ
العودِ من رميِ الجمارِ
ملَكَين في دُنيا الغرامِ
منَ الملائكَةِ الخيارِ
هبَطا بأجنِحَةِ الهوى
والوجدِ والشوقِ المثارِ
أحضانهُ حرمي الشريفُ
وضوءُ مفرقهِ مناري
وجمالُه فردَوسُ روحي
كم جنَت أشهى الثمارِ
وعُيونهُ توحي على
همسِ النسيماتِ السواري
فأصوغُ من إلهامِها
غُرَراً ولم أعدِم قراري
بلباقةٍ ورشاقَةٍ
ووضوحِ معنىً باقتِدارِ
أشدو وكَم أسكَرتُ أرواحنا
بموسيقى ابتِكاري
وسَكَبتُ لحناً عسكريّاً
دونهُ وقَفَ المُباري
فَسَلِ البلابِلَ في الجنائنِ
عن لحوني والقماري
تُنبيكَ عن إعجابها
بجَمالِ ذوقي واختياري
ومُعَنِّفٍ وافى فأخرَسَهُ
انتِهاري وازوِراري
يا لائِمي هذا شعاري في
الهوى هذا شِعاري
ثَكِلَتكَ أمُّكَ أيّ إثمٍ
في التمازجِ أيُّ عارِ
ما للأحِبَّةِ في الوصال
وللتَزَمُّتِ والوقارِ
ما جنَّحَ الأرواحَ فانطَلَقَت
سوى خلعِ العذارِ
يا ابن النهارِ وكم شكا اب
نُ الليلِ من قِصَرِ النهار
لمَ لا وبَدري غَيَّبوه
بما أثاروا من غُبار
قصيدة صهرت بقدح الصهباء أحزاني
صَهَرتُ في قدحِ الصهباءِ أحزاني
وصُغتُ من ذَوبها شِعري وألحاني
وبتُّ في غَلَسِ الظلماءِ أُرسِلُها
من غورِ روحي ومن أعماقِ وجداني
يا ليلُ ضاقت بشكوايَ الصدورُ وما
ضاقَت بغلٍّ وأحقادٍ وأضغان
قصيدة كفكف بربك دمعك
كَفكِف بربّك دمعكَ الهتّانا
وافرَح وهنّىء قلبكَ الولهانا
واهتِف وصفّق واحسُ من راح الل
قا كأساً لكيما تطرد الأحزانا
واسكُب أناشيدَ اللقاء بمَسمَع ال
دهر المصيخ وردّدِ الألحانا
بُشراكَ ذا يومُ الولادةِ قد أتى
فعساهُ يوقظُ روحَك الوسنانا
أو ما رأيتَ صفاءهُ وبهاءَهُ
وجلالهُ وجمالَهُ الفَتّانا
وبهذا نكون قدمنا كلمات من قصيدة الشاعر فهد العسكر، المسماة بـ”قومي اسمعي يا بنت جاري” وهي قصيدة من الشعر الخليجي الحزين، وفيها الشاعر يناشد بنت الجيران ويشكو لها أحزانه، ويصف حاله وكأنه صريع الخمر، ويحدثها وكأنه يرثي حاله ويطلب منها أن تشاركه أحزانه أو تواسيه قدر استطاعتها، فهو في قصيدته هذه يشكو من حاله لأنه كما قلنا كان يعتبر مرفوض في مجتمعه، وهذا يفسر لنا ما آل إليه حاله في أواخر أيامه حيث أنه أصيب بالعمى من كتر شربه للخمر ومات وحيدًا في حجرة متواضعة في أحد الأسواق الشعبية القديمة في مدينة الكويت.