ابو قاسم الشابي معلومات عن حياته ومقتطفات رائعة من اجمل القصائد التي ألفها
ابو قاسم الشابي هو شاعر تونسي شهير، ولد في بلدة الزرات التونسية في يوم 24 فبراير من عام 1909م ، والده هو الشيخ محمد الشابي الذي كان يعمل في سلك القضاء وقد ارتحل بين العديد من المدن التونسية، وبعد ذلك تم تعيينه قاضياً في العديد من هذه المدن بدءاً من مدينة سليانة إلى بلدة زغوان، وكان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقي يحرص علي التعاليم الدينية والذهاب الي المسجد لأداء الصلاة بشكل منتظم، وفي هذه الاجواء نشأ الشاعر ابو قاسم الشابي وهو أكبر اخوته ، ولقد لقب بلقب شاعر الخضراء نسبة الي تونس الخضراء، وقد كان يعاني الشابي من مرض بالقلب وتوفي في عام 1934 م وهو بعمر 25 عاماً التحق الشابي بجامعة الزيتونة في الثامنة عشر من عمره، وهناك تمكن من الحصول علي ثقافة واسعة جمع فيها بين التراث العربي القديم وروائع الادب الحديث في سوريا ومصر والعراق والمهجر، وعلي الرغم من ان الشاعر الشابي لم يتمكن من تعلم أي لغة اجنبية إلا انه كان واسع المطالعة بشكل واضح فقد تمكن من استيعاب كل ما تم نشره من خلال المطابع العربية فيما يخص آداب الغرب وحضارته ويسعدنا ان نستعرض معكم الآن في هذا المقال عبر موقع احلم مقتطفات مختصرة من حياة ابو قاسم الشابي واجمل القصائد التي تغني بها واشتهر بها ، استمتعوا معنا الآن بقراءتها وللمزيد يمكنكم زيارة قسم : شخصيات وأعلام .
أدب أبي القاسم الشابي
اهتم الشابي بحضور مجالس الفكر والأدب منذ صغره وقد شجعه علي ذلك وجودة في العاصمة التونسية، مما كان له أثر بالغ في تطور موهبته خاصة في مجال كتابة الشعر، وكانت اولي المحاضرات التي ألقاها في الادب والشعر في عام 1929 م في مبني المكتبة الخلدونية وكانت هذه المحاضرة عن الخيال الشعري الخاص بالعرب، وقد تناول في هذه المحاضرة العديد من الاعمال الادبية والإنتاج العربي بشكل عام في مجال الشعر والادب .
هذا وقد اهتم الشابي بزيارة النادي الادبي فقد يحرص علي حصور منتديات الفكر ومجالس الشعر كما أولي عناية خاصة بتخليص الشعر العربي من أي رواسب قديمة موجودة به كما اهتم بتطبيق آراء الاعلام الغربيين في مجال الفكر والخيال .
اجمل قصائد ابو القاسم الشابي
قصيدة ارادة الحياة
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ .. فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي .. وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ .. تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ .. مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ .. وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر
وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ .. وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ .. رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ .. وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر
وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ .. يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر
فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ .. وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر
وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ .. وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر
وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ – لَمَّا سَأَلْتُ : .. ” أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟”
“أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ .. وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ .. وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر
هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ .. وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر
فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ .. وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر
وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم .. لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ .. مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!”
وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ .. مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر
سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ .. وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر
سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ .. لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟
فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ .. وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَـر
وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ .. مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر
يَجِيءُ الشِّتَاءُ ، شِتَاءُ الضَّبَابِ .. شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر
فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ ، سِحْرُ الغُصُونِ .. وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر
وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ .. وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر
وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا .. وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر
وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ .. وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر
وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ .. تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر
وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ .. ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر
وَذِكْرَى فُصُول ٍ ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ .. وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر
مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ .. وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر
لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ .. وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر
وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ .. وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر
وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ .. حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر
فصدّعت الأرض من فوقـها .. وأبصرت الكون عذب الصور
وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه .. وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر
وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه .. تعيد الشباب الذي قد غبـر
وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ .. وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر
وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي .. شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر
ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ .. يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر
إليك الفضاء ، إليك الضيـاء .. إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر
إليك الجمال الذي لا يبيـد .. إليك الوجود الرحيب النضر
فميدي كما شئتِ فوق الحقول .. بِحلو الثمار وغـض الزهـر
وناجي النسيم وناجي الغيـوم .. وناجي النجوم وناجي القمـر
وناجـي الحيـاة وأشواقـها .. وفتنـة هذا الوجـود الأغـر
وشف الدجى عن جمال عميقٍ .. يشب الخيـال ويذكي الفكر
ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ .. يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء .. وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر
وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ .. بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر
وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ .. في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر
وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ .. لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر
إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ .. فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ
اراك, فتحلو لدى الحياة
و يملأ نفسى صباحُ الأمل
و تنمو بصدرى ورود عِذاب
و تحنو على قلبي المشتعل
فأعبُدُ فيك جمال السماء
ورقة ورد الربيع, الخضِل
و طهر الثلوج, و سحر المروج
مُوشحةً بشعاع الطفل
أراك, فتخفق أعصاب قلبي
و تهتزُ مثل اهتزاز الوتر
و يجرى عليها الهوى, فى حُنُوٍ
أنامل,لُدناً, كرطب الزهر
فتخطو أناشيد قلبي,سكرَى
تغردُ, تحت ظلال القمر
و تملأني نشوة, لا تُحَد
كأنى أصبحتُ فوق البشر
أوَدُ بروحى عناق الوجودِ
بما فيه من أنفُسٍ , او شجر